ان قطار التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني يزداد سرعة يوما بعد يوم و يمر من دولة الى أخرى بسلاسة و مرونة ، و كما تعلمون ، للبنان بصمته الدائمة في كل قضية تشغل المنطقة ، فهو اليوم يجهز سكة حديد لهذا القطار أسماها مشروع إطار ترسيم الحدود ، لعله يلحق بمن سبقه من الدول العربية محاولا تقديم الطاعة لحاكم هذا الكوكب عساه يحقق ربحا أو يمنع عقوبات قد تطال ثرواة سياسييه الغير مشروعة .
في شكل الإتفاق و إعلانه
لم يكن غريبا ما حصل بقدر ما هو مذل ، تلك الأرض التي قدمت آلاف الشهداء في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي و التي لم تعترف بهذا الكيان و لا بأحقية وجوده يوما ، تقوم الآن بعملية تفاهم مع دولة إحتلال قائمة على القتل و التدمير و النهب ، أي تشرعن وجوده و تعترف به دولة ذات أرض و بر و موقع جغرافي متناسية أن تلك الأراضي لبنانية و فلسطينية أخذت عنوة و بأسوء الأساليب و الطرق و أكثرها شناعة.
بدا الأمر واضحا جليا منذ اللحظات الأولى لإعلان رئيس مجلس النواب عن هذا الإتفاق ، قد قالها مرارا ، لبنان و إسرائيل ، لم يقل محتل او كيان ، و لم تكن ذلت لسان و لم تسقط سهوا، كان المطلوب أن يتم الإعتراف لفظيا قبل الورق ، و بالرغم من أن رئيس المجلس نفسه أكبر سنا من عمر هذا الكيان، الا أنه شرعن وجودها و قدم اعترافا في بضع دقائق لم يستطع العدو نزعه منا على مر عقود .
في مضمون الإتفاق
ستفاوض الدولة اللبنانية المحتل برعاية أميركية ، نعم ، أميركا التي تهتم لمصالح إسرائيل أكثر من إسرائيل نفسها، ستكون الوسيط بين دولتنا و كيانهم و ستحصل حقوقنا بحسب قوله ، تلك الدولة التي تستخدم حق الفيتو في كل مرة يتهم مجلس الأمن الكيان الصهيوني قيامه بأعمال ارهابية و حروب و استيطانات ، ستكون هي المخلص و المنقذ للبنان في وجه أطماع العدو ، فعلا إنه لزمن العجائب .
يأتيك بعد ذلك تعليق ديفيد شينكر و الذي يصنف بالإيجابي لدى ساسة لبنان و أهل الحكم ، حيث يقول أن هذا الإتفاق سيساعد لبنان في أزمته الإقتصادية ، أي أنهم خيروكم ما بين الرغيف و التطبيع ، فاخترتم التطبيع ، لكن لا ، هذا ما يردون إيهامنا به ، أنهم يقومون بكل ذلك لفك الحصار و لتحصيل حقوق لبنان النفطية و تفادي الغضب الأميركي الذي يحجب عن الجمهورية اللبنانية دولاراته المنعشة .
على المستوى الشعبي
يتم الترويج للموقف اللبناني اليوم على أنه موقف قوة و في مصلحة لبنان و شعبه عبر اقناع الشعب ان ذلك انتصار و استفادة من نفط لبنان و لا سيما في البلوكين ٨ و ٩ ، لكن القضية ليست بهذه البساطة ، لبنان رسميا خضع للضغط الأميركي و قدم الطاعة ، ليس بسبب ضعفه بل سببه الرئيسي فساد أهل السلطة فيه ، أموالهم بيد طاووس البيت الأبيض و مستقبلهم رهن عقوباته ، لا تنخدعوا و لا تتنازلو ، لقد قدمتم آلاف الشهداء و الجرحى ، فلا تخسروا ما ماتو في سبيله مقابل هشاشة حكامكم و خيانتهم و فسادهم.
ختاما ، أتوجه الى زعماء ما تبقى من هذا الوطن ، أنتم أيها اللصوص ، لا يمكنكم اتهام الأميركي و إستخدامه حجة لتمرير صفقاتكم ، لو أنكم بنيتم وطنا و انتم في الحكم منذ أكثر من ٢٠ عاما ، لما إستطاع أحد أن يضغط عليكم ، لكنكم بفسادكم و غبائكم و جشعكم ، سلمتم رقابقم للخارج و وقعتم ضحية أفعالكم ، لتتحملوا ما جنت أيديكم بعيدا عنا و عن حدودنا المرسومة بدماء شهدائنا و ندوب جرحانا و صمود شعبنا.