عماد الزغبي - السفير
18 يوماً مرّت على إضراب الدكتور علي برو الموظف في وزارة الزراعة عن الطعام. 18 يوماً خصمت من إجازاته السنوية، ولم يتفقده أحد من الصليب الأحمر، أو من هيئات المجتمع المدني. 18 يوماً ترك ابن الثالثة والستين من العمر، من دون خيمة، تقيه أشعة الشمس، ووحيدا من دون أي رعاية من وزارة الشؤون الاجتماعية، لتتفقد وضعه واعتباره نازحاً، أو لاجئاً، أو طفلاً مشرداً. دخل برو اليوم الـ19 في «معركة الأمعاء الخاوية» ولم تسأل عنه وزارة الصحة، ولم ترسل طبيباً لأخذ ضغط دمه. وحدهم الأصدقاء والزملاء يتناوبون على زيارته، و«هيئة التنسيق النقابية» اعتمدت ساحة رياض الصلح، ساحة للاعتصام الدائم منذ الرابعة من بعد ظهر كل يوم. يأسف برو للحال التي وصلنا إليها، ويسأل عن هيئات المجتمع، وسبب غيابها عن الاهتمام بهذا الموضوع الإنساني، وينفي أن تكون أي جمعية قد زارته، «لم تزرني لا جمعيات ولا هيئات مدنية ولا حتى جمعية الرفق بالحيوان...». يحاول برو ضبط غضبه، لكنه يتمثل بـ«حنظلة»، تمكنت من أن أثبت أنني في عمر 63 سنة أستطيع تحمل أشعة الشمس الحارقة، وأن أستمر في المطالبة بحقي بسلسلة رتب ورواتب عادلة، وارتقيت إلى مصاف المواطنة بعد 18 يوماً من الإضراب عن الطعام. حوّل برو معركته ضد الظلم والفساد، «ارتقيت إلى المواطنة، وأصبحت أطالب بحقي كمواطن، والسلسلة من ضمن الحقوق». يرفض برو التلهي بما يقال هنا وهناك، «يريدون تحويل الأنظار إلى مواقع أخرى وإلى قضايا لا تؤدي الغاية منها، بل مواضع تطيل عمر القضية والمطالب المشروعة». ويعتبر أن الحل الأمثل لوقف الهدر في إدارات الدولة، هو في تطبيق المادة 13 من قانون المحاسبة العمومية، والتي تنص على: «يضع كل وزير قبل نهاية شهر أيار من كل سنة مشروعاً بنفقات وزارته عن السنة التالية ويرسله مشفوعاً بالمستندات والإحصاءات اللازمة لتبرير اعتماد من الاعتمادات المطلوبة، وفقا للأصول..». ويشير إلى أن هذه المادة مغيبة في جميع الوزارات، وأن نفقات الاعتمادات التي تقر هي مزاجية. ويلفت إلى أنه يحارب منذ نحو عشر سنوات، عندما رفض بصفته رئيس مصلحة، أول مرة مناقصة بملياري ليرة، لعدم مطابقتها المادة 13، وقال: «أجريت دراسة ميدانية، وتبين لي أنها غير ذات جدوى، وقيمتها كبيرة، وبرغم رفضي لها، وافق عليها الوزير ونفذت». ينتقد برو ما وصلت إليه الأمور لجهة فرض مشروعي القانون 10415 و10416 المتعلقين بتأمين سلسلة الرتب والرواتب والإيرادات الضريبية، ويعتبر أن ربط المشروعين خطأ قانوني، «ما علاقة تأمين الأموال بإعطاء السلسلة؟». يضيف: «كأنهم يفترضون أنهم أمام موازنة خاصة أو استثنائية أو ملحقة، وهذه الحال لا تنطبق على الوضع القائم، كون ذلك يحتاج إلى قانون خاص، وفي حال الإصرار، على المسؤولين فصل المشروعين عن الموازنة العامة، فكيف نضع مشروع قانون يؤمن إيرادات لمشروع آخر، ومن ثم نعود وندخل الاثنين على الموازنة العامة؟». يشدد برو على ضرورة تطبيق المادة 13، لجهة تحسين الجباية وترشيد الإنفاق، رافعاً شعار «حنظلة» في وجه «من خدرنا وكلسنا (من كلس) وثلجنا ونحن تحت أشعة الشمس». وقال: «أدير ظهر كما يفعل حنظلة وأتوجه إلى الصامتين على الظلم والفساد والمتكلسين».