«باك» تبتزّ الدولة: التمديد أو التعويضات

كشف عبد المجيد لطفي، المدير العام لشركة فينيسيا ـ آر رينتا ش. م. ل. (باك)، عن وثيقة بالغة الأهمية، في معرض ردّه على ما نشرته «الأخبار» في عدد أمس تحت عنوان «محمد زيدان يحتل المطار»قد يكون تسريب الوثيقة التي أرسلتها شركة «باك» إلى «الأخبار» ناجماً عن خطأ في تقدير مضمونها، أو بهدف إطلاق تهديد علني بأن أي قرار يؤدّي إلى إخراج شركة «باك» من السوق الحرّة في المطار سيكبّد الخزينة العامّة مبالغ طائلة، هي عبارة عن تعويضات مزعومة ستنجم عن تقصير مدّة العقد الأساسي، أي 15 سنة، وهو تماماً ما سعت «الأخبار» إلى فضحه، إذ أشارت إلى وجود «لعبة» تقضي بتمديد عقد الشركة كل 4 سنوات، في تحايل فاضح على القوانين وقرارات هيئات الرقابة، ولا سيما ديوان المحاسبة.هذه الوثيقة هي عبارة عن كتاب وجّهته الشركة، ممثلة برئيس مجلس إدارتها محمد زيدان، بتاريخ 8/3/2010، إلى الوزير غازي العريضي، تطلب فيه تعيين مدقق حسابات مستقل لتحديد التعويضات المستحقة لها، وذلك استباقاً لأي قرار يقضي بـ«الإنهاء المبكر للعقد الأساسي»، أي العقد الموقّع في عام 1996، الذي نصّ على السماح للشركة باستثمار مساحة إجمالية هي 8277 متراً مربعاً بمبلغ 38 مليون دولار فقط، وذلك عن كل فترة هذا العقد المحددة بـ15 سنة، وهو ما يخالف القوانين المرعية الإجراء التي تمنع «إشغال أو إدارة أملاك الدولة العمومية الخاصة» لمدّة تتجاوز 4 سنوات.وجاء في هذه الوثيقة ما يدين المسؤولين عن توقيع العقد، إذ أبلغ زيدان الوزير العريضي أن الشركة سددت مبلغ 38 مليون دولار سابقاً، على الرغم من أن مجلس الوزراء قرر تقليص مدّة العقد إلى 4 سنوات، وهذا دليل إضافي على ما أوردته «الأخبار» عن وجود تواطؤ بين الشركة والمسؤولين، ووجود تحايل على القوانين وآراء هيئات الرقابة وقرارات مجلس الوزراء. إذ كيف قبلت الحكومة حينها بتقاضي بدلات عقد على مدى 15 سنة بعد تقليص مدّته إلى 4 سنوات؟ ربما هذا ما يبرر بقاء دعوى الشركة ضد الدولة منذ 15 سنة وعدم إلزامها بإسقاطها عندما أُبرمت التسوية معها.ونظراً إلى أهمية هذه الوثيقة، فإن «الأخبار» تنشر أهم ما ورد فيها، مع الإشارة إلى أن الشركة لم تطلب في كتابها «الإنهاء المبكر» بحسب مزاعم لطفي، بل هي طلبت تعيين مدقق حسابات من بين 3 شركات اختارتهم هي، وهددت بالمطالبة بتعويضات كبيرة إذا تجرّأ الوزير المختص على إجراء مزايدة جديدة قبل استنزاف مدّة العقد الباطلة بطلاناً مطلقاً بحسب آراء هيئات الرقابة والجهات القضائية التي تدخّلت في هذا الملف. وتجدر الإشارة إلى أن الشركة تقرّ في كتابها بأنها كانت قد أرسلت كتاباً مماثلاً في 29/11/2005، أفضى إلى اتخاذ قرار في مجلس الوزراء حينها يقضي بتمديد العقد 4 سنوات إضافية قبل 8 أشهر من حلول نهاية مدّته، ومما جاء في الكتاب: «عطفاً على كتابنا إلى وزير الأشغال العامة المسجّل تحت الرقم 7905 تاريخ 29/11/2005 والمراجعة المرفقة به والموضوع المذكور أعلاه:1 ـــــ نص قرار وزير الأشغال الرقم 465/ ص تاريخ 28/6/2002 على اعتماد مدة الأربع سنوات وفقاً لرأيي مجلس شورى الدولة الرقم 75/ 2000 و78/ 2001 ووفقاً للأسس المحددة في هذين البندين، مع تقيّدنا بتنفيذ جميع الالتزامات التعاقدية بصورة كاملة وبموجب العقد الأساسي الموقّع معنا بتاريخ 8/3/1996.2 ـــــ تسلّمنا الموقع مع التحفّظ، كذلك نفّذنا جميع التزاماتنا بموجب العقد الأساسي، بما في ذلك دفع الرصيد الواجب عن الاستثمار لمدة 15 سنة والبالغ 18 مليون دولار، وذلك بتاريخ 2/1/2003، وكنا قد دفعنا فور تأسيس الشركة المستدعية، أي بتاريخ أيلول 1996، مبلغ 20 مليون دولار، زائداً عدد الدفعات السنوية حسب عدد الركاب.3 ـــــ ينص الرأي (شورى الدولة) الرقم 75/ 2000 في الصفحة 9 على ما يأتي حرفياً:«يمكن المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات خفض مدة العقد من طرف واحد حتى يأتي متوافقاً مع الأحكام القانونية التي ترعاه، ما دام هذا الحق هو من حقوق الإدارة، حتى لو لم يقترن بموافقة المتعاقد معها. ويبقى على عاتق هذا الأخير التقيّد بتنفيذ التزاماته التعاقدية تنفيذاً كاملاً، حتى لو أدى ذلك إلى إلحاق الضرر به، على أنه يحق للمتعاقد ذاته، في هذه الحالة، مطالبة الإدارة بالتعويض».4 ـــــ في حال تنفيذ القرار، وتقرير تسلّم المساحات عند انتهاء السنوات الأربع، وباعتبار أن تحديد المبالغ الواجب إعادتها يستلزم بحد ذاته دراسة علمية، إذ إن المبالغ قد دفعت بين عام 1996، عندما دفع أكثر من نصفها، وآخر عام 2002 عندما دفع الرصيد، ولهذا تدخل في تحديدها اعتبارات اقتصادية عديدة بينها معدل الفائدة، الذي أكدت لنا «إيدال» وجوب أن يتعدى 12% في كتابها الموجّه إلينا، والمؤرّخ في 21/11/1995.لهذا كلّه، ولأنه يجب أيضاً دراسة العطل والضرر الناتجين من تقصير المدة (أي 15 سنة)، فإننا نرى اعتماد مدقق حسابات مستقل مقبول من المالك، وفق أحكام هذا العقد، لدراسة هذا الموضوع وتحديد نتيجته. ونقترح أن يكون إحدى المؤسسات الدولية الآتية:1) Ernst & Young2) KPMG3) Deloite & Touche5 ـــــ لهذا، بما أن العقد الموقع بيننا وبين الدولة اللبنانية هو عقد تجارة دولية، وبما أن السوق الحرة كمرفق من مرافق المطار (...) يجب أن تبقى، دون أي انقطاع، بكامل وضعها المتقدم، الأمر الذي يستلزم حل هذا الموضوع، أي قبل انتهاء مدة السنوات الأربع الممددة بقرار مجلس الوزراء الرقم 7 تاريخ 5/1/2006 التي تنتهي بتاريخ 19/11/2010 بفترة معقولة تتيح انتقال الاستثمار دون أن يتأثر».(الأخبار)تمديد العقودأوضح عبد المجيد لطفي، المدير العام لشركة «باك»، في بيان تلقّته «الأخبار»، أن عقد الشركة ينتهي في 19 تشرين الثاني 2010، لا في 31 آب الماضي، إذ إن مجلس الوزراء اتخذ بتاريخ 2/10/2006 قراراً حمل الرقم 32 ويقضي بتمديد كل عقود الشركات العاملة في مطار رفيق الحريري تعويضاً عن فترة إقفال المطار القسرية أثناء فترة العدوان الإسرائيلي في حرب تموز. وبالتالي، فإن التمديد يصل إلى 69 يوماً لجميع الشركات... تنتهي في 19 تشرين الثاني المقبل بالنسبة إلى شركة «باك»، وبالتالي فهي تعمل ضمن الإطار القانوني.ونفى البيان التوضيحي أن يكون عقد الشركة رضائياً، إذ إن العقد وقّع بعد إجراء مزايدة عامة. وأشار إلى إن قرار جعل العقد أربع سنوات تُجدد تلقائياً قد اتخذ في مجلس الوزراء بتاريخ 5/4/2001 بقرار رقم 6، وكان الرئيس سليم الحص رئيساً للحكومة آنذاك، والوزير جورج قرم وزيراً للمال والرئيس نجيب ميقاتي (الصورة) وزيراً للنقل. وجاء في القرار «على أنه يمكن، في إطار هذا الخيار، النص في العقد على أن مدته هي لأربع سنوات تجدد تلقائياً ما لم يتفق الفريقان على خلاف ذلك، وفي هذه الحالة يلحظ العقد عدم التعويض على المجموعة عن الأضرار اللاحقة بها من جراء هذا التعديل».وقال إن شركة «باك» لم تطلب تمديد العقد قبل أربع سنوات، وهذا ما لا تطلبه اليوم أيضاً. وإذا رغبت الحكومة في التمديد مرة جديدة أو عدمه، فهذا أمر يعود إلى الدولة اللبنانية، إلا أن شركة باك كانت قد طلبت بكتاب وجهته إلى وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي بتاريخ 18 آذار 2010 الإنهاء المبكر، داعية إلى «الموافقة على تعيين مدقق حسابات مستقل مقبول من المالك يحدد التعويضات الواجبة لنا في حال الإنهاء المبكر، كما هو محدد في الفقرة (4) من ثانياً، وفق أحكام العقد».عدد الاربعاء ٢٧ تشرين الأول ٢٠١٠

آخر تعديل على Friday, 29 October 2010 06:30

الأكثر قراءة