«صار في قانون يمنع الخطف... القانون 174 يمنع خطف أرواح 10 لبنانيين كل يوم. 10 لبنانيين يموتون يومياً بسبب التدخين وما حدا بيسأل». هكذا اختارت صفحة دعم «قانون الحدّ من التدخين» على موقع الـ«فايسبوك» الردّ على التعليقات التي تناقلها المنزعجون والمتضرّرون من نفاذ القانون الذي يحظر التدخين في الأماكن العامة المقفلة بدءاً من اليوم
بسام القنطار
كالعادة يستسهل اللبناني تعداد المشاكل التي يعانيها منذ عقود للردّ على أي محاولة جديدة لتطبيق القوانين المتعلقة بالسلامة والصحة العامة. كتّاب وصحافيون ومثقفون ورسامو كاريكاتير انضموا إلى أصحاب المطاعم والملاهي، وجوقة واسعة من المدخنين الذين اكتشفوا فجأة أن في لبنان قانوناً للحدّ من التدخين، وبدأوا بشنّ حملة على تطبيقه. «عدة الشغل» جاهزة طبعاً، من مدخنة الزوق إلى الاضطرابات الأمنية وعمليات الخطف وحرق الدواليب وإغلاق الطرقات. الجميع يسأل: هل الأولوية للحدّ من التدخين الآن؟
سؤال الأولويات هذا هو نفسه الذي طرح عندما تشدّد الوزير السابق زياد بارود في تطبيق قانون السير، وتحديداً في إلزامية وضع حزام الأمان في السيارات. وفيما تتجه الأنظار إلى أداء وزير الداخلية والبلديات مروان شربل في تطبيق قانون الحدّ من التدخين، اختار وزير السياحة فادي عبود أن يتنصل مبكراً من التشدد في تطبيق القانون عبر التذرّع بعديد الشرطة السياحية. بدوره يتجاهل وزير الصحة علي حسن خليل توقيع مرسوم تنظيم أغلفة التبغ التي تلزم إدارة حصر التبغ والتنباك بوضع تحذير صحي بنسبة ٤٠٪ على علب الدخان. أما وزير الاقتصاد والتجارة نقولا النحاس، فلا يزال يتنصل من تحرير غرامات بحق المؤسسات التي تخالف الحظر المفروض على إعلانات التدخين، رغم أن هيئة الاستشارات في وزارة العدل قالت رأيها صراحة بعدم جواز وضع أي إعلان للتبغ، مباشر أو غير مباشر داخل المؤسسات التجارية.
وفي مقابل الأداء الرسمي المتعثر، احتفلت أمس الجمعيات المدنية التي تعمل من أجل تطبيق قانون الحد من التدخين ببدء سريان التطبيق الشامل لحظر التدخين في المطاعم والملاهي والمقاهي، وذلك بعد مرور عام على الحظر في المؤسسات العامة والخاصة وأماكن العمل ووسائل النقل، من دون أن يحرّر ضبط واحد بحق المخالفين، باستثناء التشدّد الملحوظ الذي يشهده مطار رفيق الحريري الدولي.
احتفالات الجمعيات الأهلية، يقابله «عزاء جماعي» من قبل أصحاب المؤسسات السياحية التي ترى أن منع التدخين داخلها سيسبّب خسائر مالية كبيرة. ولقد هدّد عدد منها بالاعتصام والتظاهر ضد تطبيق القانون (راجع المقال في مكان آخر من الصفحة). وتطالب نقابة أصحاب المقاهي والمطاعم بتعديل المادة الخامسة من قانون الحدّ من التدخين، بحيث يسري الحظر على صالات الشاي والحلويات ومحالّ بيع السندويش وعلى المطاعم المخصصة لإعداد المأكولات، على أن تستثنى المقاهي والملاهي والنوادي الليلية والمراقص والحانات. وتطالب أيضاً بأن يسمح بتقديم النراجيل في المطاعم بشرط تجهيزها بآلات تهوية وتصفية، وعدم دخول الزوار دون سن الثامنة عشرة إليها. ومن المعلوم أن أصحاب المطاعم والفنادق قد ضغطوا بقوة لوضع هذه الفقرة أثناء مناقشات المجلس النيابي للقانون، التي امتدت إلى ما يزيد على ست سنوات. ونجحوا في الحصول على فترة سماح لمدة سنة قبل تطبيق الحظر، وسمح لهم بتقديم النراجيل في الباحات الخارجية غير المقفلة، لكنهم يتذرّعون اليوم بكساد الموسم السياحي هذا العام. ولقد كلفت النقابة شركة «إرنست أند يونغ»، وهي شركة عالمية تعد شركات التبغ من أهم زبائنها، إعداد دراسة تبيّن الأثر الاقتصادي لتطبيق قانون الحد من التدخين في لبنان. الدراسة التي نشرت على نطاق واسع تجري مقارنة بين قوانين الحد من التدخين في كل من ألمانيا واليونان والإمارات العربية المتحدة وفرنسا وقطر وسوريا والولايات المتحدة الأميركية ولبنان. وتدعي أن تطبيق حظر التدخين والنرجيلة في المؤسسات السياحية سيُسهم في خسارة ٢٦٠٠ وظيفة وبخسائر مالية تصل إلى ٤٦ مليون دولار أميركي! وفيما تتجاهل الدراسة الإشارة إلى أن القانون اللبناني يسمح بالتدخين في الباحات الخارجية للمطاعم (ومعظمها متوافرة)، تسلط الضوء في المقابل على بعض التشريعات التي سمحت بالترخيص لما يطلق عليه «صالات تدخين الشيشة» في عدد من الدول، علماً بأنه يمنع في هذه الصالات تقديم الأطعمة والأشربة.
وتقول الدراسة إن تطبيق القانون سيسبب خسارة ٢٥٪ من أرباح المؤسسات السياحية وفقدان ١٤٪ من اليد العاملة، مع فارق يطاول المقاهي تحديداً، يصل إلى ٤٣٪ خسائر وفقدان ٢٩٪ من اليد العاملة. كذلك قدمت الدراسة استطلاع رأي يقول فيه ٧١٪ من المستطلعين إن الحكومة اللبنانية لن تستطيع تطبيق القانون، فيما يقول ٨٢٪ منهم إن القانون يعطي فرصاً إضافية للمزيد من الفساد والرشوة.
في المقابل، تقدم الجامعة الأميركية في بيروت أرقاماً مغايرة لتلك التي تقدمها هذه الدراسة، وتستند إلى دراسات ميدانية أعدتها الجامعة.
ريما نقاش، مسؤولة وحدة الأبحاث للحدّ من التدخين في الجامعة، أكدت لـ«الأخبار» أن الدراسات التي تقوم بها شركات مموّلة ومرتبطة بشركات التبغ العالمية لا يمكن التعويل عليها ولن تخدعنا. وأضافت: «إن الأبحاث التي أُجريت في العديد من الدول التي طبقت قوانين الحدّ من التدخين أظهرت أن نسبة التوظيف في المطاعم إلى ارتفاع والعائدات أيضاً، وخصوصاً أن عدد غير المدخنين أعلى بكثير من المدخنين. لذلك، إن فرص المطاعم بالاستفادة من إنفاق غير المدخنين ستصبح أعلى.
وبحسب دراسة علمية أجرتها وحدة مكافحة أمراض السرطان في منظمة الصحة العالمية، فإنه لا يمكن قياس الأثر الاقتصادي للحدّ من التدخين في المؤسسات السياحية إلا بالاستناد إلى الأرقام الرسمية، ومنها الضرائب وعدد الرخص الجديدة ونسبة التوظيف، وجميع هذه الأرقام يجب أن تدرس قبل تطبيق القانون وبعد مرور عام على تطبيقه لكي تكون المقارنة منصفة.
احتفالات دعم
نظمت بلدية عبيه ــ عين درافيل وجمعية اليد الخضراء والتحالف اللبناني للحدّ من التدخين أمس مجموعة نشاطات رياضية ثقافية بيئية وصحية لدعم تطبيق القانون. وشارك في النشاط مدير منظمة الصحة العالمية في لبنان حسان البشرى وممثل تحالف الاتفاقية الدولية للحدّ من التدخين هاني الجهنامي، ورئيس تجمع «قل لا للعنف ضد المرأة» طارق أبو زينب، ورئيس بلدية عبيه غسان حمزة.
الاثنين ٣ أيلول ٢٠١٢
رسم الأمين العام لحزب الله خريطة نتائج أي عدوان إسرائيلي على لبنان أو إيران، محذراً من التداعيات الخطيرة جداً لقيام «نظام تفريط عربي» في سوريا على لبنان والمنطقة، في وقت وجّه فيه رئيس الحكومة رسالة عاجلة إلى دمشق عن خروقات قواتها على الحدود اللبنانية ـ السورية
أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أنه «عندما يقول الإسرائيلي إنه سيدمر بلدنا، فأقول أنا أيضاً سأدمر كل شيء»، مشدداً على أن كل الخيارات واردة في المواجهة مع العدو «وقد لا نكتفي بالدفاع، وقد يأتي يوم ندخل فيه إلى الجليل». وأعلن أن رد إيران على أي عدوان إسرائيلي عليها لن تكون حدوده في كيان العدو فقط، بل سيشمل أيضاً القواعد الأميركية في المنطقة.
وأشار نصر الله في حديث إلى قناة «الميادين» الى أن «بعض السياسيين اللبنانيين استغربوا خطابه، وقالوا لماذا يريد هذا الشخص أن يقوم بحرب مع إسرائيل»، معتبراً أن «هذا مؤشر سيئ، ولا يسمعون المسؤولين الإسرائيليين الذين يهددون لبنان بتدميره»، موضحاً أن «لبنان ساكت والحكومة اللبنانية لم تصدر أي موقف، وتقول إن الموضوع على طاولة الحوار. الطاولة لا يصدر منها موقف بسبب تركيبتها. عندما تهدد إسرائيل بتدمير لبنان، فمن واجبنا أن نقول إن هذا الزمن انتهى».
وشدد على «أننا في موقع الدفاع عن أنفسنا وسيادتنا وكرامتنا، ومعنيون بأن نواجه التهديد بالتهديد المستند الى وقائع».
وأوضح أن الرسالة الأولى التي أراد إيصالها في خطاب يوم القدس العالمي لإسرائيل هي «أنه حتى لو فرضنا جدلاً أنكم تعلمون وتستطيعون ضرب أغلب منصات صواريخنا، فهناك منصات صاروخية ستبقى بمنأى عن معطياتكم واستهدافكم بالضربة الأولى. ولو بقيت لنا فقط هذه الصواريخ القليلة، فهي قادرة على تحويل مئات آلاف الإسرائيليين الى جحيم، وبالتالي لا تراهنوا على ضربة أولى». وقال: «عندما يقول الإسرائيلي عن تدمير لبنان لا تعود أهدافنا عسكرية فقط، وعندما يقول الإسرائيلي سيدمر بلدنا فأقول أنا أيضاً سأدمر كل شيء». وأوضح «أن من نقاط الضعف الإسرائيلي وجود أهداف ذات طابع اقتصادي وصناعي وكهربائي ونووي، وإذا كان الإسرائيلي يريد الذهاب بأن لا ضوابط بالعدوان، فلن يكون لدينا أيضاً ضوابط».
وأكد أنه «ليس لدينا سلاح كيميائي، واستخدامه محرّم بالنسبة إلينا ولا نحتاجه»، مشيراً الى أن «إسرائيل لديها سلاح كيميائي ونووي، لكن نقطة القوة لدينا أننا لا نحتاج لهكذا سلاح».
وأكد أن كل الخيارات واردة، وقال: «قد لا نكتفي بالدفاع، وقد يأتي يوم ندخل فيه إلى الجليل».
وأشار إلى أن رد إيران على أي عدون إسرائيلي عليها لن تكون حدوده في كيان العدو فقط، بل يشمل أيضاً القواعد الأميركية في المنطقة.
وفي الشأن السوري، كشف نصر الله أن الرئيس بشار الأسد أبدى له من الأسبوع الأول للأزمة استعداده للحوار والقيام بإصلاحات، لكن المعارضة رفضت ذلك. وقال: «حتى هذه اللحظة، مع ما كل ما حصل، المنطق الوحيد المقبول هو وقف القتال وإجراء حوار والدخول في تسوية سياسية».
وأشار إلى أن «الموضوع ليس موضوع الرئيس، بل المطلوب أن يتحول النظام الى نظام تفريط عربي بكل شيء»، وكشف أنه «في قلب الأزمة، إحدى الدول العربية الداعمة للحراك المسلح في سوريا وجهات أميركية طلبت من الأسد قطع علاقته مع إيران وحزب الله وحركات المقاومة فينتهي الموضوع في سوريا».
وإذ لفت إلى أنه بينما يطالبون بإسقاط النظام في سوريا، كشف في المقابل عن أن السعودية قالت لإيران إن الحل في البحرين يكون بعودة الشعب البحريني إلى بيوته وبقاء النظام على حاله.
وحذر من «أن قيام نظام تفريط عربي في سوريا خطير جداً على لبنان والمنطقة والمقدسات لأن السياسة الأميركية في المنطقة هي إسرائيلية». واستبعد التدخل العسكري الخارجي في سوريا.
وأشار إلى أن أميركا تريد أن تطول الأزمة في سوريا وأن لا يبقى فيها جيش ولا شعب. ورأى «أن الصحيح أن تأتي تركيا والسعودية وقطر وأيضاً مصر وبمساعدة دولية للقيام بحوار وتسوية في سوريا، ولا حل إلا هذا الأمر»، لافتاً إلى أنه «لا يمكن الطلب من النظام أن يستسلم، ولا من المعارضة أن تستسلم»، معتبراً أن «أكبر خدمة لفلسطين والقضية الفلسطينية ووحدة هذه الأمة أن تأتي الدول مجتمعة وتفرض وقف إطلاق نار في سوريا وتسوية سياسية».
وفي قضية المخطوفين اللبنانيين في سوريا، توجه نصر الله إلى الجهة الخاطفة قائلاً: «إذا كان المخطفون ضيوفاً، أما آن لهذه الضيافة أن تنتهي؟ وليس من خلال هذه الصورة تستطيعون إقناعنا بالصورة المقبلة لسوريا»،
ورحب بزيارة البابا بنيديكتوس السادس عشر للبنان.
ميقاتي يحتجّ لدى دمشق
على صعيد آخر، سجلت أمس خطوة حكومية من شأنها زيادة التوتر في العلاقات السياسية اللبنانية ـــ السورية. فبعد طلب رئيس الجمهورية ميشال سليمان من وزير الخارجية عدنان منصور توجيه كتاب احتجاج للسلطات السورية على الخروقات الحدودية، طلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من سفير لبنان في سوريا ميشال خوري توجيه رسالة عاجلة الى وزارة الخارجية السورية وإبلاغها «استمرار تعرض بلدات لبنانية قريبة من الحدود اللبنانية السورية لقصف من المواقع العسكرية السورية المتاخمة، والتداعيات السلبية التي يمكن أن تحدثها تلك الخروقات على الإجراءات الأمنية التي اتخذها الجيش اللبناني للمحافظة على الاستقرار والهدوء على الحدود بين البلدين، تنفيذاً لقرار السلطة السياسية الحريصة على حماية اللبنانيين المقيمين قرب الحدود اللبنانية السورية وتجنيبهم أي خسائر في الأرواح والممتلكات». وحتى ليل أمس، لم تكن قوى الثامن من آذار المشاركة في الحكومة قد قررت كيفية التعامل مع خطوة ميقاتي، وخاصة أنها جرت في ظل غياب وزير الخارجية، علماً بأن الأخير هو صاحب الاختصاص الحصري للتواصل مع السفراء. وأكدت المصادر أن خطوات مماثلة يتم التنسيق بشأنها عادة بين الرؤساء الثلاثة، وهو ما لم يحصل أمس، وخاصة مع الرئيس نبيه بري.
في المقابل، وصف وزير الإعلام السوري، عمران الزعبي، دعوة بعض دول الخليج لبنان الى عدم نقل الأحداث السورية إليه، بأنه «كوميديا سياسية»، وقال: «إذا أراد السعوديون والقطريون عدم نقل الأزمة الى لبنان، فليتوقفوا عن نقل السلاح والمسلحين وتمويل الإرهابيين من لبنان». ورأى «أن استثمار البعض في بيروت وبعض الدول وجود النازحين السوريين على أرضهم وطلب مساعدات من الأمم المتحدة لأمر معيب».
تسليح الجيش
من جهة أخرى، أكد ميقاتي عزم الحكومة على توفير التمويل اللازم لخطة تسليح الجيش لتمكينه من القيام بالمهمات الوطنية المطلوبة منه على طول الحدود وفي الداخل. وقال خلال ترؤسه اجتماع اللجنة الوزارية لدعم الجيش وتسليحه إن إعداد مشروع قانون برنامج يمتد على 5 سنوات بقيمة مليار و600 مليون دولار هو أول خطوة عملية تترجم الدعم المعنوي الدائم للجيش الى دعم فعلي.
في غضون ذلك، أكدت قوى 14 آذار تمسكها بنشر قوات دولية على الحدود اللبنانية السورية. وانطلاقاً من الاجتماعات والاتصالات التي باشرت بها الأمانة العامة لهذه القوى منذ فترة مع الأحزاب والتيارات، سيُعقد غداً في معراب عند الساعة الرابعة بعد الظهر أول لقاء تشاوري جامع يشمل جميع مكونات هذا الفريق، على أن يُستتبع بعدة لقاءات أسبوعية، للوصول إلى ورقة سياسية نهائية، تتضمن الشق السياسي والشق العملاني بشأن الخطوات التي ستتخذها المعارضة في المرحلة المقبلة. وعلمت «الأخبار» أن «اللقاءات المقبلة ستُقام في بكفيا أو في منزل الرئيس سعد الحريري في وادي أبو جميل، للتشاور في جميع التطورات الأمنية والسياسية الأخيرة». ووزعت الأمانة العامة لـ 14 آذار دعوات على عدد كبير من رؤساء الأحزاب والنواب والوزراء السابقين للمشاركة في اجتماع معراب. ولفتت مصادر المعارضة إلى أن البحث سيتناول مطالبها بشأن نشر اليونيفيل وطرد السفير السوري من لبنان ووقف العمل بالاتفاقيات الأمنية بين لبنان وسوريا.
وقال عضو كتلة «المستقبل» النائب هادي حبيش: «طلبنا من الرئيس سليمان أن يعرض على الحكومة أن تطلب من اليونيفيل وفقاً لمضمون القرار 1701، المادة 14 منه، مساعدة الأجهزة اللبنانية على ضبط الحدود الشمالية، وإذا وجدنا أن سليمان لا يمكنه الوصول الى حل في هذا الموضوع، فكل الخيارات مفتوحة ومنها الوصول الى توجيه رسالة الى الأمم المتحدة». وأشار إلى أن قوى 14 آذار ستطلب من سليمان تقديم شكويين إلى الجامعة العربية ومجلس الأمن ضد سوريا.
الثلاثاء ٤ أيلول ٢٠١٢
لنترك الادعاء بـ«السذاجة» جانباً، ولنمعن قليلا في هذه الحكاية. حكاية تأسيس نقابة العاملين في «سبينيس ــــ لبنان». ففي تفاصيلها ترتسم طريقة عمل «الاخطبوط»: اياد كثيرة وطويلة تمتد الى كل موقع ومكان وتسيطر على كل شيء تقريباً، من اجهزة الامن والقضاء الى النقابات مروراً بوزارة العمل و«الزعامات» السياسية النافذة ومنظومة المصالح القائمة
محمد زبيب
تعبّر الشابة الناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي ع. غ. عن ذهولها من قدرة «الاخطبوط» على تهديد ديمومة عملها. فعندما بدأت نشاطها في دعم نضال عمّال «سبينيس» من اجل تأسيس نقابتهم وحماية مصالحهم والدفاع عن حقوقهم، لم تكن تعتقد بأنها ستواجه تهديدات جدّية بصرفها من عملها لدى شركة MINDSHARE، كانت تظن انها تمارس ابسط حقوقها في التعبير الحر عن آرائها ومواقفها خارج نطاق وظيفتها. أُجبرت ع. غ. على توقيع تعهّد بالتوقّف عن ممارسة اي نشاط يدعم العمّال، كما الزمتها الشركة بإزالة كل الكتابات والمواد التي قامت باعدادها على صفحتها على «الفايسبوك» و«البلوغ» الخاص بها، ووجّهت اليها انذارا اخيرا في حال لم تلتزم بذلك.
اضطرت ع. غ. الآن للدخول في دوامة البحث عن وظيفة جديدة، لم تعد تشعر بالامان في وظيفتها الحالية، ولا سيما انها اضطرت للرضوخ لمطالب ادارتها واضطرت ايضا الى ابتداع شخصية مزيّفة على «الفايسبوك» لمواصلة نشاطها المحظور!
خضعت ز. ن. لجلسات استيضاح من قبل المديرين المسؤولين عن عملها لدى صندوق الامم المتحدة للسكان، على خلفية شكوى من نشاطها الداعم لعمّال شركة «سبينيس»، رفعها المدير التنفيذي للشركة، مايكل رايت. وتلقّى عدد من الناشطين رسائل تنطوي على تهديدات بملاحقتهم قضائياً لانخراطهم في حملة تدعو الزبائن الى مقاطعة متاجر «سبينيس» في حال لم تحترم الشركة حقوق عمّالها، ما دفع الكثيرين الى الخوف من ملاحقتهم. كما تلقّى البعض تنبيئهات من «الزعامات» المحسوبين عليها وقيادات احزابهم وادارات الشركات التي يعملون لديها بذريعة ان هناك اهدافاً «شيطانية» تكمن وراء تحرّك العاملين في «سبينيس»، تمّ تصوير الامر لهم كما لو انهم في مواجهة «شبح الشيوعية» الذي يخيّم على متاجر «سبينيس»، وبات من الضروري انخراط الجميع في «حلف مقدّس» لطرد هذا الشبح، علماً بأن اي شيوعي ليس في عداد المنخرطين في عملية تأسيس النقابة المذكورة، بل هم مستقلّون بمعظمهم وقلّة منهم تنتمي الى التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحركة امل.
تولّى النائب السابق جبران طوق ونجله وليم ضبط من يعتبرونهم من «جماعاتهم» في فروع الشركة في ضبية والاشرفية وجبيل، وتولّى النائب الحالي محمد كبارة والنائب السابق مصباح الاحدب مهمّة ابعاد من يعتبرون انهم يخضعون لهم عن الانخراط في النشاط النقابي في فرع طرابلس، وتولّى فوزي هاشم (احد نقابيي حركة امل) وظيفة تحذير العمّال الشيعة في فروع الجناح وصيدا وصور والاشرفية وجبيل والحازمية من مغبة القيام بأي نشاط ضد ادارة شركتهم، لانهم بذلك سيفقدون «الغطاء». واستنكف التنظيم الشعبي الناصري عن حثّ مناصريه من العمّال في فرع صيدا على الانخراط في النقابة. كما استنكفت قيادة الحزب الشيوعي عن دعم تحرّكات «جمعية اصدقاء عمّال سبينيس»، وهي جمعية لا تزال قيد التأسيس، فشارك في اعتصامها التضامني الاخير (الجمعة الماضي) امام فرع الشركة في الاشرفية عدد من الناشطين الشيوعيين الشباب غير الملتزمين كلّياً بتعليمات قيادتهم، في حين غاب بنحو مفاجئ عن الاعتصام رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمّال والمستخدمين، كاسترو عبد الله، المحسوب على قيادة الحزب. كما لم يشارك في هذا الاعتصام اي من الناشطين في التيار الوطني الحر، على الرغم من ان الاعتصام كان هدفه التنديد بصرف رئيس الهيئة التأسيسية لنقابة العاملين في «سبينيس»، ميلاد بركات، وهو محسوب على التيار العوني، ويكاد يكون «العوني» الوحيد الذي يتبوأ قيادة نقابة عمّالية مستقلة تضمّ منتسبين من اطياف سياسية وحزبية وطائفية مختلفة وغير محسوبة على اي جهة محددة.
اكتفت قيادة الاتحاد العمّالي العام بدس عبارة وحيدة في بيان طويل وممل تشجب فيها صرف بركات من عمله على خلفية نشاطه القانوني والمشروع، ولم تجد نقابات حركة امل وحزب الله والقوات اللبنانية والحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب البعث وتيار المستقبل والحزب الشيوعي والحزب التقدمي الاشتراكي، وهي النقابات التي تحتل مواقع تمثيل العمّال كلّها تقريباً، اي مبرر يستدعي التحرّك فورا دفاعا عن الحريات النقابية وحق العمّال في التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية. تمّ التصرّف كما لو ان ما يحصل في «سبينيس» لا يعني اياً من هذه النقابات.
شنّت وسائل الاعلام التابعة لتيار المستقبل حملة دفاع عن ادارة الشركة في مواجهة عمّالها الذين ينتمي البعض منهم الى تيار المستقبل نفسه. وقررت ادارة تلفزيون الجديد النأي بنفسها عن هذه القضية على الرغم من ادعائها الدائم بمناصرة قضايا الحريات وحقوق العمّال. وفعلت ادارة تلفزيون OTV ما هو افظع من ذلك، اذ وصلت الامور لديها الى تعديل برمجتها المعتادة ومنعت اعادة بث مقابلة مع وزير العمل السابق (المستقيل) شربل نحّاس ضمن برنامج «فكّر مرتين» لانه لم يقبل شروطها المسبقة بعدم التطرّق الى قضية عمّال «سبينيس» وحكاية محاربة نقابتهم. ومُنع بيع جريدة «الأخبار» في كل فروع «سبينيس»، ومارست شركات الاعلانات ضغوطاً جدّية على الصحف والمجلات وسائر وسائل الاعلام لمنعها من اداء واجباتها المهنية في تقصّي حقيقة ما يحصل مع عمّال هذه الشركة، ووصلت الضغوط احيانا الى حدّ التلويح بحرمان وسائل اعلام معينة من ميزانيات اعلانية كبيرة لا تنحصر باعلانات «سبينيس» نفسها.
تجنّد وزير العمل سليم جريصاتي لحماية الشركة من اي تدابير ضدّها تفرضها القوانين المرعية الاجراء، ومنع اجهزة التفتيش في الوزارة من استكمال عملها في اثبات مخالفات الشركة وتغريمها، ورفض حتى الان اعطاء النقابة الترخيص المطلوب لتأمين الحماية القانونية لاعضائها، وسمح لادارة الشركة باكراه 700 عاملة وعامل لديها على توقيع عريضة يعبّرون فيها عن امتنانهم للشركة وعدم حاجتهم لنقابة تدافع عنهم، وتذرّع بهذه العريضة «الاكراهية» ليبرر عدم قيامه بواجباته الدستورية في التصدي للشركة الخارجة على القانون، واستحضر معه رئيس المكتب العمّالي لحركة امل علي عبد الله عندما اضطر تحت الضغط الى استقبال النقابيين المصروفين من العمل لدى شركة «سبينيس» ميلاد بركات وسمير طوق، وكأن الهدف اشعارهما بأنهما يواجهان حلفا قويا غير قابل للكسر. علماً بأن جريصاتي لا يزال ينفي هذه المعلومات، ويؤكد أن ملف النقابة سلك مساره القانوني من دون تأخير، مشدداً على أنه يتابع قضية المفصولين من عملهم.
فضّلت قاضية الابتعاد عن قضيّة عمّال «سبينيس»، فأعلنت عدم صلاحية القضاء في النظر بمراجعة تقدّمت بها الهيئة التأسيسية لنقابة العاملين في الشركة تطالب بمنع ادارتها من صرف اي من المنتسبين الى النقابة قبل صدور قرار وزير العمل بقبول طلب الترخيص او عدمه. كذلك تورّط فرع المعلومات في عملية ترهيب العمّال عبر القيام بدوريات داخل فروع الشركة للاستقصاء عن بعض الناشطين في مجال تأسيس النقابة، وذهب بعض المسؤولين القضائيين والامنيين المحسوبين على النائب ميشال المر الى حدّ التورط بحجز حرية النقابي بركات لساعات طويلة ليومين متتاليين بذريعة اخذ اقواله في مخفر الدرك في الاشرفية (محلّة بيضون)، وذلك بناءً على ادعاء تقدّمت به ادارة الشركة ضد بركات تعبّر فيه عن خوفها من نيّته القيام بردّ فعل ضد قرارها بصرفه من العمل... ليتبيّن لاحقا ان الهدف كان اجبار بركات على التعهّد بعدم دخول متاجر «سبينيس» ومكاتبها، حتى بصفته زبونا!
للحكاية تفاصيل اخرى كثيرة ومثيرة لا مجال لسردها كلّها، ولكن لنعد قليلا الى الوراء حتى تكتمل فصول هذه الحكاية، والتعرّف اكثر على طريقة عمل «الاخطبوط».
تشبه حكاية «سبينيس» حكايا شركات كثيرة تجني ارباحا طائلة من تحكّمها بالاقتصاد والاسواق المحلية. المفتاح الذي تحمله الشركة لفتح باب «الجنّة اللبنانية»، هو ربط مصالح الكثير من «الزعامات» المتحكّمة بالدولة واجهزتها وادوات عملها وتأثيرها بمصالح الشركة نفسها. فشركة «سبينيس» مملوكة من رساميل خاصة خليجية، ويديرها الرجل الانكليزي الابيض، مايكل رايت، وهاتان السمتان كافيتان لانتزاع امتيازات مهمّة تجعلها فوق القانون... الا ان الشركة ارادت اكثر من ذلك بكثير، فقد سعت منذ البداية الى جعل عملها في لبنان الاكثر ربحية لها، حتى بالمقارنة مع الخليج ومصر والاردن وباكستان، وذلك عبر الحصول على حماية تامّة من تركيبة السلطة المافيوية ــــ الميليشياوية القائمة منذ عقد التسعينيات، والتي كانت تديرها «الوصاية السورية»، وبما يتيح لها اوسع استغلال للعمّال والعاملات. وضعت الشركة خطّتها المحكمة، فعمدت الى اقامة اول فروعها على ارض في ضبية يملكها النائب (السابق) جبران طوق، وهو كان يتمتّع بعلاقات وطيدة من الاجهزة الامنية السورية، ويحظى برعاية النائب ميشال المر والنائب سليمان فرنجية، ويرتبط بعلاقات مصاهرة مع النائب السابق ايلي سكاف المتزوّج من ابنته ميريام طوق، فضلا عن ان ابنة شقيقه ستريدا طوق (النائبة الحالية) متزوجة من سمير جعجع! يتقاضى جبران طوق نحو 3 ملايين دولار سنويا لقاء استثمار «سبينيس» لأرضه، الا ان العلاقة مع الشركة تتجاوز هذا الريع الهائل، اذ ان نجله وليم يلعب دورا ظاهرا الى جانب مايكل رايت في ادارة الشركة وعقودها وصفقاتها، من دون ان تكون له اي صفة معلنة، اذ ان وليم ليس مساهما ولا مديرا ولا موظّفا في الشركة! وقد بدا دوره واضحا جدّا في قمع تحرّك العمّال وسعيهم الى تنظيم انفسهم نقابيا.
كان ذلك في منتصف التسعينيات، وكرت سبحة افتتاح الفروع، فعادت «سبينيس» الى منطقة بئر حسن وبنت متجرها على ارض تملكها شركة كويتية تحظى برعاية الرئيس (الراحل) رفيق الحريري، ثم افتتحت فرعها في الاشرفية على ارض للوقف الارثوذكسي، وبعدها انتقلت الى طرابلس لتبني متجرها على ارض ورثها النائب (السابق) مصباح الاحدب، الذي كان لا يزال يحظى برضى النظام الامني. ثم افتتحت فرعا لها في صيدا على ارض يمتلكها النائب ياسين جابر، القريب جدّا من الرئيس نبيه بري. وكذلك الامر في صور وجبيل واخيرا في الحازمية.
كانت خطّة الشركة منذ البداية ان توفّر مصالح مالية ريعية مباشرة للزعامات المحلية النافذة، امّا عبر استئجار الاراضي وامّا عبر تخصيص «كوتا» لكل «زعامة» من اجل توظيف «جماعتها»، فكان المتورطون يتولّون حماية الشركة ومخالفاتها الفاقعة، والاهم انهم يضبطون «جماعاتهم» عبر تمنينهم بالوظيفة وتحويل اي مشكلة مع ادارة الشركة الى مشكلة مع «الزعامة» الحامية نفسها، وهو ما ساهم في جعل ظروف العمل قاسية، بل تصل الى حدّ وصفها بالسخرة بالنسبة لنحو 300 عامل حمّال يعيشون من الاكراميات ويضطرون الى تسديد 5 الاف ليرة يوميا للشركة للسماح لهم بالعمل لديها، وهذا ينطبق على نحو 200 عاملة وعامل غير مصرّح عنهم لدى الضمان الاجتماعي بحجّة انهم يعملون على الساعة، علما ان قيمة اجر الساعة تبلغ 2400 ليرة فقط لا غير.
هكذا تتحوّل شركة تجارية الى حصن منيع، لا يعنيها دولة او قانون او حقوق. بل تصبح معفية حتى من الالتزام بمعايير محددة ولو بالشكل، اذ ليس امرا عابرا ان لا يشعر مايكل رايت، مثلا، انه مجبر على الحصول على اجازة عمل، بوصفه اجنبياً يعمل في لبنان، او تأشيرة اقامة تحددها القوانين والانظمة، يأتي متى شاء ويذهب متى شاء ويقيم بالقدر الذي يريده من دون ان يتعرّض لأي مساءلة من اي نوع. هذا المدير التنفيذي نفسه لم يتردد في كل مقابلاته الاعلامية الاخيرة من اللعب على الحساسيات السياسية التي تسيطر على علاقات اللبنانيين، اذ اتهم عمّال الشركة بالعمل وفق اجندة سياسية، وكأنه بذلك يجاهر بان شركته جزء من منظومة سياسية متحكّمة بالبلاد، كما انه لم يتردد في الاساءة الى وزير العمل الحالي سليم جريصاتي بالايحاء انه يساند الشركة، وذلك عندما اعتبر في مقابلة له ان حماسة وزير العمل السابق شربل نحاس لنضال عمّال «سبينيس» تهدف الى حشر جريصاتي والتشهير به.
انجازات العمّال
جرى تجنيد الدولة في خدمة شركة «سبينيس» ضد عمّالها، وهذا لا ينحصر ابداً بأجهزة الدولة الامنية والقضائية، ولا بوزارة العمل، بل يتجاوز ذلك الى ادواتها النقابية التي وقفت موقف المتواطىء، او على الاقل، وقفت موقف الساكت. ولكن الصمود الذي عبّر عنه اعضاء الهيئة التأسيسية لنقابة العاملين والاحتضان لحركتهم رسم صورة مختلفة حتى الآن لا بد من التركيز عليها لكي لا تترسخ عناصر الاحباط.
ــــ اضطر مايكل رايت للتقدّم بطلب اجازة عمل منذ اسبوع تقريبا.
ــــ اضطرت ادارة الشركة تحت الضغوط الى العودة عن قرارها بصرف عضو الهيئة التأسيسية للنقابة مخيبر حبشي.
ــــ اضطر وزير العمل سليم جريصاتي (الصورة) الى تحريك طلب ترخيص النقابة، اذ عمد في 28 الشهر الجاري الى طلب استشارة وزارة الداخلية، وذلك بعد شهر من تقديم الطلب واهماله في الادراج لمنح ادارة الشركة المزيد من الوقت للتنكيل بعمالها.
ــــ تحرّك التفتيش في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وأصدر تقريره عن بعض الفروع والزم الشركة بتسجيل نحو 135 موظفة وموظف في الضمان، كما الزمها تسجيل كل من لا يتقاضى اجرا بالحد الادنى للاجور.
ــــ اضطرت ادارة الشركة قبل ذلك الى تسديد زيادة على الاجور بناء على المرسوم، ولو بصورة مشوّهة وناقصة.
ــــ اضطرت الشركة الى زيادة ميزانياتها الاعلانية لرشوة وسائل الاعلام والصحافة، الا ان هذه الرشوة لم تفعل فعلها بصورة تامّة، اذ بات تحرّك النقابة يحظى باهتمام بعض وسائل الاعلام الرئيسة، ولم يعد بمقدور اي وسيلة اعلام تجاهله.
ــــ انطلقت جمعية قيد التأسيس تدعى «جمعية اصدقاء عمال سبينيس» لدعم نقابتهم ميدانيا وبالتبرّعات.
ــــ اصدرت منظمة العمل الدولية بيانا شديد اللهجة يدين ممارسات شركة «سبينيس» وممارسات الحكومة في تغاضيها عن تطبيق المعاهدة الدولية رقم 98 التي تضمن حق التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية.
الاثنين ٣ أيلول ٢٠١٢
ميسم رزق
أكّدت مصادر الدائرة الضيقة للرئيس سعد الحريري «عدم حصوله على عيدية سعودية بقيمة 4 مليارات دولار». مشيرة إلى أن «أيّ دعم مالي تقدّمه المملكة في هذه الفترة، مرتبط بمشاريع الرجل التجارية، لا بالإنفاق السياسي»
تبدو التوقعات بشأن أزمة الرئيس سعد الحريري في «سعودي أوجيه» قاتمة. لا يَستطيع زائر «الشيخ» في منفاه السعودي سوى وصف حالته بـ «المأسوية». القابع في مكتبه طوال الوقت، متفرجاً على «انهيار امبراطورية والده الشهيد، يبدو كمن يحفر الصخر بأظافره». سرَت الكثير من التكهنات حول المصير المالي للرجل. التسريبات بشأن حجم الخسائر في الشركة، وتأثيرها في مختلف مؤسسات الرئيس السابق للحكومة داخل لبنان وخارجه لم تنتهِ بعد، فضلاً عن الحديث المتواصل الذي يكشف فصول الغضب السعودي عليه، وإغلاق حنفية المساعدات المالية التي «غرّقته» سياسياً وانتخابياً منذ استشهاد والده.
ليس سهلاً أبداً على من جاء حاملاً شعلة المستقبل الاحتراق بنارها بين أروقة أهم الشركات التي ورثها، لكن الحديث عن هدية مالية بقيمة 4 مليارات دولار تلقّاها «دولته» كان كفيلاً بإعادة فتح باب التوقعات على مصراعيه. يسود تيار المستقبل اليوم جوّ من الضبابية في ما يتعلّق بهذا الخبر «المفأجاة». لا معلومات مؤكدّة حتّى الساعة. مصادر بارزة في التيار تؤكد «وصول المبلغ إلى يد الشيخ سعد»، معتبرة إياه بمثابة «إعلان يؤكّد أن الحريري لا يزال رجل المملكة المعتمد في لبنان». في المقابل، تعود الدائرة الضيقة لتنفي كل ما هو متداول حتّى الساعة. الحقيقة الوحيدة التي يجزم بها الجميع أن زعيم تيار المستقبل في أزمة. تعود هذه الدائرة لتؤكّد أن «الحريري لم يحصل بعد على أي مبالغ مالية من المملكة»، لكنه «استطاع عبر وساطات عدة مع الديوان الملكي استرجاع «كاب 1»، وهو أحد المشروعين السكنيين التابعين لوزارة الداخلية السعودية، الذي كان قد سُحب منه إلى جانب «كاب2».
والبارز في الموضوع، أن الوساطة الملكية أعادت إلى الحريري مبلغ التأمين الذي كانت قد وضعته الشركة في حساب المشروع، والذي يقدر بـ600 مليون دولار، شرط أن «يستخدم بأكمله لتنفيذ كاب1». وأبدت الدائرة الضيقة استغرابها من موضوع الـ 4 مليارات، مشيرة إلى أن «المملكة خصّصت للحريري دفعة على الحساب، مرتبطة بمشروع ضخم ستنفّذه سعودي أوجيه في مطار الرياض». والجدير بالذكر أن «قيمة الدفعة لن تصل إلى هذه القيمة، وهي مخصصة للبزنس لا للإنفاق السياسي»، وبالأصل، تضيف مصادر اللصيقين بالحريري، «لم يحصل الحريري بعد على فلس واحد من المبلغ».
من المعروف أن مشكلة وريث «سعودي أوجيه» ليست مالية بقدر ما هي إدارية. هنا، تُصر مصادره على أن «الأموال وحدها لن تساعد الشركة على الخروج من أزمتها»، إذ ما تحتاج إليه قبل كل شيء هو «اعادة هيكلتها لمواجهة الأزمة واستعادة الثقة التي خسرتها في سوق العمل»، وخصوصاً أن «سمعتها أصبحت في الحضيض»، بعدما كانت من بين أولى الشركات العاملة في أرض الحجاز، إلى جانب شركات بن لادن. فالرئيس الغائب عن لبنان «مصعوق» بعد اكتشافه عمليات فساد وهدر كبيرة، نفذها أقرب المقربين منه. الأمر الذي دفعه إلى اللجوء إلى فتح باب المحاسبة والطرد والإقصاء بحق عدد كبير من الموظفين، بعدما تيقن من تقرير شركات التدقيق بأحوال «سعودي أوجيه» أن عليه القيام بعملية «تشحيل» ضخمة يجب أن تشمل 17 ألف موظف على الأقل (من أصل نحو 70 ألفاً)». وتؤكد المصادر أن السعوديين مستثنون من الطرد «بالتأكيد». كذلك سيتجنب طرد اللبنانيين خشية انعكاس ذلك عليه انتخابياً.
في سياق مواز، يكثُر التحليل بشأن «الانفراجات» التي يُمكن أن تطرأ من جراء «المحاولات» التي تقوم بها المملكة لانتشال «الزعيم السني الأول في لبنان» من أزمته. أغلبه يؤكّد أن «عدد المستفيدين منها لن يكون كبيراً، بل محدوداً بأعماله داخل الشركة». وببساطة، يمكن القول إن «أي مبادرة مالية تقوم بها السعودية تجاه الحريري، تهدف في الوقت الحالي إلى إعادة ضبط مفاصل هذه الشركة، التي توزّع مشاريعها في مختلف المناطق السعودية»، إذ «تقتضي المصلحة السعودية المحافظة على وجود سعودي أوجيه، التي ترتبط مشاريعها ارتباطاً مباشراً بالدولة».
وفي خضم كل «المعلومات» التي تروّج لـ «خبرية» الـ 4 مليارات دولارات، يبقى السؤال عن حصة الدعم السياسية من الفرص التي توفرها السعودية لإعادة تعويم شركة سعودي أوجيه». فبعد الحديث عن «تزويد تيّار المستقبل في لبنان بنشاطات إعلانية لاستقطاب شعبية أكبر ولإنفاق بعض من مردوداتها على طرابلس»، لفتت المصادر إلى أن «مبلغاً بقيمة خمسة ملايين دولار وصل فعلاً إلى لبنان عبرَ (الأمين العام لتيار المستقبل) أحمد الحريري، لدفع مستحقات متأخرة لموظفين في الشركات التابعة للحريري».
وسط كل هذه البلبلة، خبرٌ واحد يمكن أن يكون له وقع إيجابي على قاعدة تيار المستقبل. «سعد راجع»، هذا ما أكدته مصادر دائرته الضيقة، متحدثةً عن «استعدادات باشر بها للعودة إلى لبنان قبل نهاية العام الجاري»، وخصوصاً أنه «لم يعُد أمامه خيار آخر، والبلد على أبواب استحقاق انتخابي»، مع العلم أن «الماكينة الانتخابية لتياره لم تباشر عملها بعد».
وسام كنعان
دمشق | لم ينتبه أحد إلى الدور اليتيم الذي أطلت فيه مي سكاف في رمضان من خلال مسلسل «عمر». أدّت ببراعة شخصية هند بنت عتبة، لكنّ الدور لعبته سكاف قبل أن تشتد وطأة الأحداث في سوريا. مع ذلك، يبقى اسم الممثلة السورية مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالانتفاضة منذ اندلاع الشرارة الأولى للاحتجاجات. بطلة «العبابيد» كانت قد خطفت الأضواء منذ أن دعاها رئيس حركة «فلسطين حرة» ياسر قشلق إلى حوار وطني أقيم بحضور مجموعة من الفنانين السوريين. عندها، اعترضت سكاف على الدعوة لكونها صُوّرت للمدعوين على أنّها برعاية وزارة الإعلام السورية. وفي حقيقة الأمر، لم يكن لوزارة الإعلام السورية أي علم بذاك اللقاء. يومها، احتدت الأجواء عندما اعترضت سكاف على كلمة قشلق، الذي رأى أنّ الثورة المصرية مجرد انقلاب. وكانت نهاية هذا اللقاء مرافعة نارية قدّمتها سكاف أمام عدسات الكاميرات التي تجمهرت حولها في بهو فندق «الشيراتون» في دمشق، وهي توجه كلامها إلى المخرج والمنتج نجدت أنزور (الأخبار 24/5/ 2011). يومها انتشر مقطع فيديو يصوّر الموقف وتم تداوله بكثرة، وقد ظهر ممهوراً بجملة تطلق على سكاف لقب «فنانة الثورة». طبعاً كل ذلك قبل أن تقود تظاهرة المثقفين السوريين الشهيرة التي انطلقت من أمام مسجد الحسن في حي الميدان الدمشقي، وتدفع بنفسها إلى الاعتقال مع زملائها في فرع الأمن الجنائي في دمشق. دام هذا الاعتقال ثلاثة أيام خرجت بعدها سكاف في زيّ المناضلة، وذهبت إلى الحد الأقصى في مسيرة دعمها للثورة السورية قبل أن تغادر البلاد. بعدها، عادت إلى الأضواء عندما كتبت على صفحتها على فايسبوك أنها اشترت بيجامات وأحذية وتلفزيوناً وبراداً للأطفال اللبنانيين اللاجئين إلى سوريا أثناء عدوان تموز (يوليو) 2006. وطالبت السيد حسن نصر الله شخصياً إما «بإعادة المبلغ أو بسحب شبيحته من سوريا». ما أثار موجة غضب ضد سكاف (الأخبار 22/2/ 2012). اليوم تعود صاحبة «معهد تياترو لفنون الأداء» إلى الواجهة، بعدما قررت النيابة العامة في دمشق توجيه اتهامات إليها بالتحريض على القتل ومحاكمتها وفق قانون مكافحة الإرهاب الجديد الذي يهدف إلى تكميم الأفواه قبل أي شيء آخر. وقد تناقل أمس ناشطون سوريون، على رأسهم المعارض منذر خدام، نص الاتهام الموجّه إلى الممثلة السورية مع التعبير عن التضامن مع سكاف، التي ملأت صورتها صفحات مواقع التواصل الاجتماعي. كأن التهمة التي لم يفهم سببها تعيد إلى الفنانة جماهيرتها وتجعلها تحصد شعبية مجدداً بناءً على مواقف سياسية لا على أدائها أدواراً تنال القبول.
بيان «معاً»
أصدرت حركة «معاً من أجل سورية حرة وديموقراطية» بياناً جاء فيه «نحن في «حركة معاً» في الوقت الذي نعلن فيه تضامننا التام والكامل مع زميلتنا مي (سكاف)، فإننا ندين هذا الإجراء التعسفي بحقها، ونطالب بإلغائه فوراً. إنّ «حركة معاً» التي سلاحها الكلمة الصادقة والموقف الشجاع والدور المشرف الذي تؤديه تجاه شعبها، لن ترهبها مثل هذه الإجراءات التعسفية، وسوف تظل أمينة لنهجها… الارهابي الحقيقي
هو الذي رد ولا يزال يرد على مطالب الشعب السوري المشروعة
بالرصاص، ويرتكب بحقه المجزرة تلو المجزرة. الحرية لسورية
وشعبها».
الخميس ٣٠ آب ٢٠١٢
حين دعت شركة «كتاب للإنتاج» المخرجين الفلسطينيين إلى العمل على «24 ساعة في القدس»، لم تكشف لهم عن خلفياته. وحدها المصادفة أبانت عن مشروع سيجمعهم بإسرائيليين لـ «الاحتفاء» بزهرة المدائن وتبييض صورة الجلاد...
رشا حلوة
عكا | في بداية تموز (يوليو) الماضي، تواصلت شركة «كتّاب للإنتاج» في القدس مع مجموعة من السينمائيين الفلسطينيين ودعتهم للعمل على شريط وثائقي يحمل اسم «24 ساعة في القدس» (مبني على فكرة الفيلم الألماني «24 ساعة في برلين»). حين سألت إحدى المخرجات الفلسطينيات عن وجود جهات إسرائيلية في المشروع، جاءتها الإجابة بالنفيّ وبأنّ الإنتاج فلسطيني _ ألماني.
لكن ما أثار الشكوك أنّ الشركة طلبت أن تكون أفلام المخرجين قصيرة، على أن تُجمع كلّها في فيلم طويل واحد، «يتطرق إلى الجانب الاجتماعي في العاصمة المُحتلة بعيداً عن الدعاية السياسية»! عند المحادثة الثالثة بين المخرجة والشركة، أخبروها أنّ التصوير سينطلق في 6 أيلول (سبتمبر) 2012 وسيكون المونتاج في ألمانيا. وحين تساءلت عن سبب إجراء المونتاج في ألمانيا، أجابها: «لا علاقة لكم بالمونتاج، لأنّ هناك أفلاماً أخرى، منها 30 فيلماً فلسطينياً و30 إسرائيلياً». كانت هذه الجملة الوحيدة التي كشفت للمخرجين والمخرجات أنّ مشروع «24 ساعة في القدس» من إنتاج فلسطيني وإسرائيلي وألماني.
لم يكتشف المخرجون الفلسطينيون أنّ وراء المشروع جهة إنتاج إسرائيلية هي Israeli prodco 24 communications المدعومة من «صندوق القدس للتلفزيون والسينما» المرتبط ببلدية القدس التي تمارس انتهاكات يومية بحقّ الإنسان المقدسي إلا حين أرسلت «هيئة العمل الوطني والأهلي في القدس المحتلة» رسالة مفتوحة إلى «شركة كتّاب للإنتاج» ومديرها داوود كتّاب، تطالبه «بعدم المشاركة في هذا المشروع التطبيعيّ أو إدارته. وإن حصل، سيسيء لمدينتا الحبيبة القدس وسيسهم في تقويض نضالنا من أجل التحرر وتقرير المصير».
لكنّ أكثر ما أثار التساؤل حول ماهية الفيلم وهدفه هو مطالبة المخرجين/ات بعدم التطرق إلى الجانب السياسي للقدس. كيف ذلك والمقدسي يتعرّض منذ أن يخرج من بيته صباحاً إلى أن يعود مساءً، لشتى أنواع انتهاكات الاحتلال التي تُمارس على نفسه وجسده وحرية حركته وبيته؟ كيف يمكن أن يكون فيلماً غير سياسي يحكي عن القدس؟
عن هذا الجانب، كتبت «هيئة العمل الوطني والأهلي في القدس المحتلة» أنّ «القدس تمثل قلب الصراع، وتعاني يومياً على أيدي سلطات الاحتلال بطريقة ممنهجة ومدروسة تهدف إلى تهويد الحجر والبشر وتشويه الحضارة والتاريخ، من خلال التقسيم والتشريد والمصادرة وهدم البيوت وسحب الهويات وبناء جدار الفصل العنصري وخنقها بالحواجز العسكرية والأحزمة الاستيطانية المحيطة بها وبداخلها، حيث طالت الهجمة كل مناحي الحياة في المدينة ضمن مخطط شامل يهدف إلى تطهير الفلسطينيين عرقياً من مدينتهم. فلا يمكن أن تصوّر القدس كمدينة عادية بعيدة عن واقعها، وتسويقها من خلال مشروع مشترك مع جهات إسرائيلية لا يمكن إلا أن يخدم الأجندة والدعاية الإسرائيلية بكونها مدينة عادية آمنة وتعيش بسلام»
رانيا الياس العضو في «هيئة العمل الوطني في القدس» ومديرة مؤسسة «يبوس للإنتاج الفنّي»، قالت: «نحن نعيش تحت الاحتلال وفي مدينة القدس. كيف يمكن أن تعمل على فيلم مشترك مع إسرائيلي والبندقية في رأسك؟». وتطرقت رانيا إلى قيام العديد من الجهات بإخفاء وتمويه مشاريعها المشبوهة كما حدث مع شركة «كتّاب للإنتاج»، إذ لم يُذكر بداية عن وجود جهة إنتاج إسرائيلية، ولم يعرف العديد من المخرجين المشاركين في الفيلم بالأمر. وتضيف: «نصيحتي لكلّ من يعمل في الحقل الثقافي أن يبحث ويسأل ويعرف من وراء أي مشروع وما هدفه قبل أن يكون جزءاً منه».
وأمس، وجّهت مجموعة من المؤسسات الفلسطينية والأفراد العاملين في حقل الثقافة والفنّ رسالة إلى «كتّاب للإنتاج» يعلنون فيها رفضهم المطلق لمختلف أشكال التطبيع مع المحتل و«وقوفنا في وجه محاولات اختراق الجبهة الثقافية باعتبارها خط الصدام الأساسي مع الاحتلال، والمثقفون كانوا وسيبقون رأس الحربة في الاشتباك الثقافي والحضاري مع قوة الاحتلال الغاشمة».
ومع أنّ العديد من السينمائيين الفلسطينيين انسحبوا من المشروع، إلا أنّه ما زال قائماً حتى الآن، مرتكزاً ـــ لسخرية الأقدار ـــ على شريط «24 ساعة في برلين» (2009). بينما جمع الأخير 70 مخرجاً احتفوا بالحرية وصوّروا الحياة في العاصمة الألمانية في الذكرى العشرين لسقوط جدار برلين، ها هو «24 ساعة في القدس» تشرف عليه جهة إنتاج إسرائيلية تابعة للاحتلال. أي فيلم هذا الذي يرغب في تصوير «الجانب الاجتماعي» لمدينة تطالب بالحريّة ويقطّع أوصالها جدار فصل عنصري يفصل الأحياء المقدسية والعائلات الفلسطينية... أو لنقل، أي فيلم هذا الذي يريد تبييض صورة الجلاد؟
القدس لنا
في ظل صمت مريب من شركة «كتاب للإنتاج»، أصدرت «هيئة العمل الوطني والأهلي في القدس المحتلة» وعدد من المثقفين والفنانين الفلسطينيين أمس بياناً أعلنوا فيه رفضهم لمشروع «24 ساعة في القدس»، فـ«القدس المحتلة من أهم عناوين صراعنا مع الاحتلال، وكل محاولاته لصهينتها وتغيير طابعها الديموغرافي لن تغيّر من هويتها العربية الفلسطينية ومن مكانتها كعاصمة للدولة الفلسطينية المنشودة. وبهذه المكانة، ستبقى حاضنة لكل المثقفين والفنانين الفلسطينيين، وسيبقون هم في خندق الدفاع الأول عنها». وتابعوا إنّ «ما يسمى «الإنتاج المشترك» بين أفراد أو مؤسسات فلسطينية مع جهات احتلالية مع أو من دون طرف ثالث هو شكل واضح من أشكال التطبيع المرفوض وطنياً وشعبياً». وختموا: «نطالب الزميل داوود كتاب، وشركة «كتاب للإنتاج»، بكشف تفاصيل عملية إنتاج الفيلم وموقعها في هذا العمل، وإعلان موقفها من التطبيع وما يسمى الإنتاج المشترك مع المحتلين».
الخميس ٣٠ آب ٢٠١٢
توفي أول من أمس «الرجل الذي مشى على القمر». رائد الفضاء الأميركي نيل أرمسترونغ، فارق الحياة يوم السبت الماضي عن عمر ناهز 82 عاماً. وكان أرمسترونغ قد خضع لعملية في القلب مطلع الشهر الجاري.
في عزّ الحرب الباردة والسباق السوفياتي ــ الأميركي إلى الفضاء، كُلّف أرمسترونغ قيادة مهمة الهبوط على القمر على متن المركبة «أبولو 11» مع عالمي الفلك باز ألدرين ومايكل كولنز. في 20 تموز (يوليو) 1969، خطا أرمسترونغ أولى الخطوات البشرية على كوكب القمر، مفتتحاً بذلك مرحلة جديدة في تاريخ علم الفضاء وتجاربه غير المحدودة. «إنّها خطوة صغيرة للإنسان، لكنّها وثبة عملاقة للبشرية». تلك كانت الكلمات المسجّلة لأرمسترونغ لحظة سار خطواته الأولى على سطح الكوكب الفضي.
ولد أرمسترونغ في ولاية أوهايو، وكان يملك ولعاً بالطيران منذ نعومة أظفاره، وقد حصل على رخصة طيران، وهو ما زال فتى. شارك في الحرب الكورية كطيار حربي، ثم أصبح طيار اختبار وانضم إلى برنامج الفضاء الأميركي عام 1962. سافر أرمسترونغ في رحلة أولى إلى الفضاء في عام 1966 كقائد لبعثة «جيميني 8»، لكنها لم تنجح في مهمتها بعدما انفجر أحد صواريخها الدافعة، لكن أرمسترونغ تمكّن من العودة سالماً إلى الأرض.
أما «الرحلة إلى القمر» عام 1969، فقد استغرقت أربعة أيام لتصل إلى وجهتها، وشاهد العالم المركبة القمرية «إيغل» وهي تنفصل عن المركبة الأم وتهبط على سطح القمر، وبعد نحو ست ساعات ونصف ساعة من ذلك الهبوط، أصبح ارمسترونغ (38 عاماً آنذاك) أول إنسان تطأ قدماه سطح القمر.
وبعد إنجازه التاريخي ذاك، شغل أرمسترونغ وظائف إدارية عدة في «وكالة الطيران والفضاء الأميركية» (ناسا)، وأصبح أستاذاً للهندسة في جامعة «سينسيناتي» في ولاية أوهايو.
بعد اكتسابه شهرة عالمية، كرر أرمسترونغ مراراً أنه «لم يقم إلا بعمله» بالسير على سطح القمر. وهرب من الأضواء وملاحقة الصحافيين له، وعاش في مزرعة خاصة في ولاية أوهايو. ولم يكثر من الظهور الإعلامي.
في رسالته التأبينية، قال عنه الرئيس الأميركي باراك أوباما إنّه «أحد كبار الأبطال الأميركيين». فيما وجهت عائلة أرمسترونغ رسالة إلى الناس حول العالم قالت فيها: «إذا تنزهتم خارجاً في ليلة صافية ورأيتم القمر يبتسم... فكّروا بنيل واغمزوا له بعينكم».
(أ ف ب، رويترز، الأخبار)
الاثنين ٢٧ آب ٢٠١٢
راشيل كوري. فتاة أميركية، أحبّها معظم الفلسطينيين من دون أن يعرفوها. ومع أنّهم يحبون كل ضيوفهم، لكن كوري لم تكن ضيفةً عادية، بل بطلة استثنائية. لم تأت إلى فلسطين سائحة. جاءتها وهي في ربيع العمر مناضلة في سبيل القضية. عاشت مع أهل فلسطين لتُعاين وجعهم عن قرب قبل أن تقضي نحبها فداءهم. دافعت عن الفلسطينيين بجسدها النحيل، عارية من الأسلحة، مقاومة في سبيل عدالة القضية، فاستشهدت كما الفلسطينيون. دهسها جندي صهيوني بجرافته كي يشق طريقه لهدم البيت الذي احتضنها. داسها مرتين كي يشبع من موتها. تاريخ لن تنساه فلسطين 16 آذار 2003، تاريخ يمثّل دليلاً على همجية لا تفرّق بين فلسطيني وأجنبي
فادي أبو سعدى
القدس المحتلة | تصدر المحكمة المركزية في حيفا، اليوم، حكمها في الدعوى المدنية المقدّمة منذ عام 2005 ضدّ إسرائيل بشأن استشهاد المتضامنة مع الشعب الفلسطيني راشيل كوري قبل تسعة أعوام. الدعوة المقدّمة من أسرة راشيل، التي يمثلها المحامي حسين أبو حسين، تتهم دولة الاحتلال بالمسؤولية عن مقتل ابنتها والتقاعس عن إجراء تحقيق كامل وموثوق بشأن القضية.
وكانت راشيل، وهي مواطنة أميركية من مدينة أولمبيا في ولاية واشنطن، قد استشهدت في مدينة رفح بقطاع غزة، بينما كانت تحتج بصفة سلمية على هدم منازل مدنيين فلسطينيين، فسحقتها جرافة صهيونية من نوع «كاتربلر» طراز «D9 ــ R».
وقال والد راشيل، كريج كوري، إن «الدعوى القضائية هي خطوة صغيرة فقط في العملية التي انهمكت فيها أسرتنا للبحث عن الحقيقة والعدالة. وتؤكد الأدلة المتزايدة المقدمة للمحكمة على تعطُّل نظام المساءلة، وهو أمر تغاضت عنه سلطات الولايات المتحدة على الرغم من استنتاجها أن التحقيق الإسرائيلي العسكري لم يكن شاملاً أو موثوقاً أو شفافاً». وأضاف أن «القضية التي رفعتها العائلة مجرد خطوة صغيرة في بحث عمره 10 سنوات تقريباً عن الحقيقة والعدالة». وأكد أن الأدلة التي قُدمت أمام المحكمة تثبت أنّه لا وجود للصدقية، وأن العائلة ستفعل كل ما بوسعها للوصول إلى حقيقة ما حدث لراشيل، ومعاقبة المسؤول.
وكانت الشهادات الشفهية في القضية قد بدأت في 10 آذار 2010. وعقدت المحكمة 15 جلسة منذ ذلك الوقت أدلى بها 23 شاهداً بشهاداتهم. وقد كشفت المحكمة عن قصور خطير في التدريج القيادي العسكري في ما يتعلق بمقتل المدنيين والتدمير العشوائي لممتلكاتهم على أيدي الجيش الصهيوني في جنوب غزة.
وقال المحامي حسين أبو حسين: «لا تسعى هذه المحاكمة إلى محاسبة الأشخاص الذين أخفقوا في حماية حياة راشيل فحسب، بل أيضاً نظام التحقيقات العسكرية المعيب الذي يفتقر إلى الحياد والشمول. وثمة التزام على دولة إسرائيل بموجب القانون الدولي بأن تطبق كافة الإجراءات الاحتياطية الممكنة لتجنيب المدنيين مخاطر العمليات العسكرية. وقد انتهك الجيش الإسرائيلي هذا المبدأ انتهاكاً صارخاً عندما سبب مقتل راشيل كوري، ويجب إخضاعه للمحاسبة».
إذاً، صباح اليوم، يقرأ القاضي عوديد غيرشون حكم المحكمة، لتنفض بعدها أسرة كوري إلى عقد مؤتمر صحافي. ومن المتوقع أن تلقي المرحلة الثانية من المحاكمة المزيد من الضوء على ظروف وفاتها وعلى فشل الحكومة الاسرائيلية في إجراء تحقيق شامل يتسم بالصدقية والشفافية حول ظروف قتلها، وقدمت دولة الاحتلال ثلاث عشرة شهادة، بما في ذلك شهادة سائق الجرافة التي سحقتها والقائد الميداني المسؤول حينها، بالإضافة الى شهادة عسكريين آخرين أشرفوا على عملية هدم البيوت.
الحكم سيعيد إلى الفلسطينيين ذكرى صديقتهم راشيل، من مواليد 1979. الطالبة والناشطة الأميركية والمدافعة عن حقوق الانسان، التي كانت عضواً في حركة التضامن العالمية «ISM»، حين قررت الذهاب لقطاع غزة في فلسطين المحتلة خلال الانتفاضة الثانية.
عُرفت راشيل كوري بأنها «صديقة الأطفال». وقالت قبل استشهادها بأيام: «ثمة عدد غير محدود من الوسائل يعاني من خلالها هؤلاء الأطفال، أريد أن أدعم هؤلاء الأطفال». منذ أن وصلت إلى غزة أقامت في منزل عائلة نصر الله التي تبنّتها. لم تكن رحّالة أو مغامرة تبحث عن الإثارة، ولم تكن لديها رغبة في الموت، بل كانت هناك لأنها شعرت بأن في استطاعتها التأثير وإحداث تغيير، فشاركت في نشاطات للمساعدة في التخفيف من أوضاع الفلسطينيين المعيشية، كمساعدة المزارعين في حصد الغلال، ومرافقة الأطفال الى المدارس، وإبقاء الطرق مفتوحة أمام سيارات الإسعاف والقيام بأعمال احتجاج سلمية.
في السادس عشر من آذار 2003، وصلت قوات الاحتلال بجرافاتها، لتهدم منزل العائلة التي أقامت لديها راشيل، فهبت مباشرة لتقف في طريق الجرافة، ظناً منها أنها تستطيع منعها، لكن الجندي الإسرائيلي الذي يقود الجرافة لم يتوقف، بل صدمها عمداً ثم داسها، لتلقى مصرعها في الحال.
ملابسات مقتل راشيل ليست موضع جدل، فقد أكد شهود عيان وصحافيون أجانب كانوا يغطون عملية هدم منازل المواطنين الفلسطينيين، أن سائق الجرافة الإسرائيلية تعمد دهس راشيل والمرور على جسدها بالجرافة مرّتين أثناء محاولتها إيقافه، قبل أن يتابع تقدمه لهدم منزل مدنيين. وزعمت إسرائيل أن سائق الجرافة لم يكن في إمكانه رؤية كوري، وأنّ الناشطة تصرّفت بطريقة طائشة.
مما كتبته كوري في رسائلها إلى أصدقائها في العالم خلال وجودها في فلسطين: «اعتقد أن أي عمل اكاديمي أو اي قراءة أو اي مشاركة بمؤتمرات أو مشاهدة أفلام وثائقية أو سماع قصص وروايات، لم تكن لتسمح لي بإدراك الواقع هنا، ولا يمكن تخيل ذلك إذا لم تشاهده بنفسك، وحتى بعد ذلك تفكر طوال الوقت بما إذا كانت تجربتك تعبر عن واقع حقيقي».
وكانت راشيل قد أرسلت لوالدتها الكثير من الرسائل الإلكترونية، وقيل إن أهم ما قالت فيها: «كل ما أردته هو أن أكتب لأمي لأقول لها إني أشهد هذا التطهير العرقي المزمن وخائفة جداً، وأراجع معتقداتي الأساسية عن الطبيعة الإنسانية الخيّرة، هذا يجب أن يتوقف». وتابعت كوري: «أرى أنها فكرة جيدة أن نترك كل شيء ونكرّس حياتنا لجعل هذا يتوقف، أشعر بالرعب وعدم التصديق، وأشعر بخيبة الأمل أن يكون هذا هو أساس حقيقة عالمنا وأننا نشارك فيه بالفعل، ليس هذا أبداً ما أتيت من أجله إلى هذا العالم، ليس هذا أبداً ما أراده الناس عندما أتوا إلى هذا العالم». وختمت رسالتها: «هذا ليس العالم الذي أردت أنتِ وأبي أن آتي إليه عندما قررتما أن تنجباني، هذا ليس ما عنيتِه عندما نظرت إلى بحيرة كابيتول وقلت: هذا هو العالم الكبير وأنا آتية إليه».
واشنطن غير راضية عن التحقيقات
اعتبرت واشنطن، على لسان سفيرها لدى تل أبيب دان شابيرو، أن التحقيقات الإسرائيلية بشأن مقتل راشيل كوري (الصورة) لم تكن شفافة أو كافية أو ذات صدقية. لكن هذا الموقف في الوقت نفسه، لم يستطع التأثير على التحقيق الإسرائيلي. وأخبر السفير عائلة كوري في لقاء معهم الأسبوع الماضي داخل السفارة بتل أبيب، أن حكومة الولايات المتحدة ليست راضية عن سير التحقيق الذي أجراه الجيش الإسرائيلي، ولا عن قرار أغلاق التحقيق.
وتدّعي الحكومة الإسرائيلية ان مقتل راشيل وقع أثناء «نزاع مسلح في منطقه عسكرية مغلقة»، وبناءً عليه يجب أن يدرج تحت تعريف «عملية قتالية» أو «فعل حربي»، وأن يغلق ملف هذه القضية ويعفى الجنود المتورطون من كل المسؤولية، بموجب القانون الإسرائيلي. وتزعم حكومة الاحتلال أنّها تحظى بحصانة من مثل هذه الدعاوى، اذ تستند الى نظرية مثيرة للجدل فحواها أن عمليات الجنود الاسرائيليين في رفح يجب اعتبارها «عمليات دولة».
الثلاثاء ٢٨ آب ٢٠١٢
بعث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أخيراً رسالة إلى مصر يحثها فيها على سحب دباباتها فوراً من شبه جزيرة سيناء، بعدما أرسلتها إلى هذه المنطقة لمحاربة الجماعات الإسلامية المتطرفة كما ذكرت صحيفة «معاريف»، اليوم.
وفي هذه الرسالة، طلب نتنياهو من القاهرة الكف عن إرسال تعزيزات عسكرية إلى سيناء بدون تنسيق مسبق مع إسرائيل، وفقاً لمعاهدة السلام الموقعة بين البلدين عام 1979، التي تنص على أن تكون شبه جزيرة سيناء منطقة منزوعة السلاح.
ونقلت «معاريف» عن مسؤول إسرائيلي كبير أن «إسرائيل تشعر بالقلق لوجود دبابات مصرية في شمال سيناء. إنه انتهاك صارخ لمعاهدة السلام».
واستناداً إلى الصحيفة فإن المسؤولين الإسرائيليين يخشون أن تستغل مصر الوضع لإبقاء دباباتها وتعزيزاتها في سيناء، رغم علمهم بأن هذه العملية التي تقوم بها القوات المصرية في سيناء تخدم مصالح إسرائيل، حيث تستهدف ناشطين يريدون أيضاً شن هجمات على إسرائيل.
من جهة أخرى، سمح الإسرائيليون أخيراً للجيش المصري باستخدام المروحيات الهجومية في سيناء، كما ذكرت الصحيفة.
وتواجه مصر أزمة خطيرة في سيناء، حيث قتل 16 من جنود وضباط حرس الحدود في 5 آب/أغسطس الماضي في هجوم شنته مجموعة مسلحة دخلت على الأثر الأراضي الإسرائيلية حيث جرى القضاء عليها.
ويعد هذا الهجوم الأخطر الذي تتعرض له القوات المسلحة المصرية في سيناء منذ اتفاقات السلام 1979، التي أعادت هذه المنطقة إلى السيادة المصرية.
(أ ف ب)
رأت وزارة الخارجية السورية أن التصريح بوجود حرب أهلية في سوريا مجاف للحقيقة وهو «فقط في أذهان المتآمرين»، فيما حذّر سيرغي لافروف من فوز «ديمقراطية القنابل»، في حين رحّبت باريس بالمبادرة المصرية حول سوريا
أكدت وزارة الخارجية السورية، تعليقاً على تصريحات الموفد الدولي الجديد الخاص الى سوريا الأخضر الابراهيمي، أن الحديث عن «حرب أهلية» في سوريا مجاف للحقيقة. ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية قوله إنّ «التصريح بوجود حرب أهلية في سوريا مجاف للحقيقة وهو فقط في أذهان المتآمرين على سوريا».
وأضاف أنّ ما يجري في سوريا «جرائم إرهابية تستهدف الشعب السوري وتنفذها عصابات تكفيرية مسلحة، مدعومة من دول معروفة بالمال والسلاح والمأوى». وقال المصدر «تعقيباً على ما تناقلته بعض وسائل الاعلام من تصريحات منسوبة للاخضر الابراهيمي، إنه ليس من مهمات أي دولة أو طرف أو مبعوث أممي الحديث عمن يقود سوريا، لأن الشعب السوري وحده هو صاحب هذا القرار».
وأضاف «إذا رغب المبعوث الاممي في نجاح مهمته والحصول على تعاون الحكومة السورية فعليه التقيّد بالاطار المحدد لهذه المهمة، والذي وافقت عليه سوريا، والعمل الجادّ للحصول على التزامات واضحة من الدول التي تقدّم الدعم لهذه العصابات الارهابية المسلحة بالتوقف عن التدخل في شؤون سوريا الداخلية».
وكان الإبراهيمي قد رأى في مقابلة تلفزيونية أن «الحرب الاهلية هي الشكل الأكثر رعباً للنزاع، حين يقتل جار جاره وأحياناً شقيقه، إنه أسوأ النزاعات». وأضاف «هناك من يقولون إنه يجب تجنب الحرب الاهلية في سوريا، لكنني أعتقد أننا نشهد الحرب الاهلية منذ وقت غير قصير. المطلوب هو وقف الحرب الاهلية وهذا الأمر لن يكون بسيطاً».
ورأى الابراهيمي أن «التغيير في سوريا لا مفرّ منه، تغيير جدي، تغيير أساسي وليس تجميلياً. ينبغي تلبية تطلعات الشعب السوري».
وطالب «المجلس الوطني السوري» الابراهيمي «بالاعتذار» للشعب السوري، معتبراً أنّ حديثه عن عدم مطالبة الاسد بالرحيل الآن «استهتار في حق الشعب السوري في تقرير مصيره».
في سياق آخر، أشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى أنّ مجلس الأمن الدولي هو الوحيد الذي يستطيع إعطاء التفويض باستخدام القوة ضد سوريا. وقال لافروف، في كلمة ألقاها في هلسنكي حيث اجتمع مع مسؤولين في الحكومة الفنلندية، «الوضع في سوريا مهمّ ويثير القلق، ليس فقط بسبب إراقة الدماء، ولكن أيضاً لأن نتيجة ما ستؤول إليه هذه المأساة ستؤثر على الطريقة التي ستحل بها النزاعات: إما اتباع ميثاق الامم المتحدة وإما أن تفوز ديموقراطية القنابل».
وفي المواقف، حذر الرئيس الأميركي، باراك اوباما، من أن اي نقل او استخدام للأسلحة الكيميائية في سوريا يشكل «خطاً أحمر» بالنسبة الى الولايات المتحدة، وقد تكون له «عواقب هائلة». وقال اوباما في مؤتمر صحافي غير متوقع «حتى الآن، لم أعط امر التدخل عسكرياً. لكن اذا بدأنا نرى نقلاً او استخداماً لكميات من المواد الكيميائية، فذلك سيغير حساباتي ومعادلتي».
بدوره، قال الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، خلال لقائه المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا، الأخضر الإبراهيمي، إنه «لا حل سياسياً في سوريا من دون رحيل بشار الأسد»، حسب بيان الإليزيه.
وفي السياق، رأت فرنسا أن فكرة تشكيل مجموعة اتصال جديدة بشأن سوريا، التي طرحتها مصر، تتطلب «تنسيقاً جدياً» مع المحافل القائمة، كما أعلنت وزارة الخارجية. وقال مساعد المتحدث باسم الوزارة فينست فلورياني، رداً على سؤال بشأن الاقتراح المصري، إن «الاقتراحات الحسنة النية التي تتيح العمل على إيجاد حلّ للأزمة السورية هي أولاً موضع ترحيب». وأضاف «هناك الكثير من المحافل والمنظمات التي تتولى حالياً الملف السوري: الامم المتحدة، والجامعة العربية، ومجموعة أصدقاء الشعب السوري ومجموعة العمل من أجل سوريا. ومن ثم فإن من المهم أن يكون هناك تنسيق جيد لمختلف المبادرات».
وكان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس قال إنّه يجب إجراء مباحثات مع روسيا لتضييق الخناق مالياً على النظام السوري، مؤكداً أنّ النزاع الدائر في سوريا يكلف دمشق مليار يورو شهرياً. وقال إن «الاحتياطي يخفّ بشكل متزايد. نعتقد إنه (الأسد) ليس لديه احتياطي سوى لبضعة أشهر، بدون دعم روسيا وإيران. ولهذا السبب هناك أيضاً محادثات يجب أن تجري، على الأقل مع روسيا».
واستبعد فابيوس، مرة أخرى، احتمال تسليم أسلحة للمعارضين السوريين، نظراً إلى أن فرنسا ملتزمة بحظر على الاسلحة فرضه الاتحاد الاوروبي. وقال «هناك دول تقدم أسلحة للنظام، هي روسيا وإيران. هناك دول تقدم أسلحة للمعارضة، ولا سيما دول عربية».
من ناحيته، أعلن رئيس «هيئة التنسيق الوطنية» هيثم مناع أن حركته تعدّ لعقد مؤتمر للمعارضة السورية في الداخل، متهماً دولاً إقليمية وعربية بدعم وجود قوي للجهاديين الأجانب في سوريا. وقال منّاع، في مقابلة مع «يونايتد برس انترناشونال»، إن «هيئة التنسيق الوطنية باشرت منذ الشهر الماضي الاتصال بكل معارضة الداخل من أجل عقد مؤتمر موسّع للمعارضة السورية داخل البلاد، واتصلت بعدة أطراف دولية، من بينها روسيا والاتحاد الأوروبي، وحصلت على وعود بحضور مراقبين».
وانتقد دعوة جماعات في المعارضة السورية إلى تشكيل حكومة انتقالية، وقال «يلومنا بعض أطراف المعارضة بالخروج عن إجماع مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية، وأُحب أن أوضح أنه أولاً لم يكن هناك إجماع في القاهرة، وثانياً لم يتحدث أحد في المؤتمر عن حكومة انتقالية، ولذلك نرى أن من الضروري قبل الحديث عن حكومة من هذه النوع أن نوعز بوقف الدمار». وأضاف «مصيبة المعارضة السورية الموالية للغرب والخليج هي أنها مدللة مالياً وإعلامياً وبنحو جعلها تُصاب بالغرور، وترتكب أخطاءً قاتلة أدّت إلى اتهام المعارضة السورية ككل، في تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان، بارتكاب جرائم حرب».
وعمّا تردد عن أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا قطعت اتصالاتها مع «المجلس الوطني السوري» بذريعة أنه سمح للجماعات الجهادية بالعمل تحت مظلته، قال منّاع «لنتحدث بصراحة، فالجهاديون الأجانب جعلوا من الحلّ العسكري قضية يدافع عنها النظام السوري، وصار يدافع عن ابن حلب المعتدل والمسيحي والكردي بوجه الشيشاني الذي يتطلع لإمارة إسلامية في سوريا، ولم يكن لدى النظام من قبل قضية سوى مواجهة شعبه، وأصبح له الآن قضية حماية البلد من التدخل الخارجي العشوائي والمتطرف والمذهبي».
كذلك اتهم تركيا والسعودية وقطر بـ«المقامرة بدعم وجود قوي للجهاديين الأجانب في سوريا، لتمكينها من التحكم في مجريات العمليات العسكرية وإبقاء المقاتلين السوريين تحت سيطرتها السياسية والعسكرية».
إلى ذلك، نفت وزارة الاعلام السورية، أول من أمس، ما نشر حول تسمية وزير الخارجية السوري وليد المعلم لمنصب نائب للرئيس. ونقلت وكالة «سانا» عن وزارة الاعلام أن «ما بثته بعض القنوات الصهيونية والمستعربة عن أن وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم كتب على صفحته على تويتر أن هناك مرسوماً بتسميته بديلاً من السيد فاروق الشرع نائب رئيس الجمهورية هو غير صحيح».
وأوضحت الوزارة أن «الوزير المعلم ليس لديه صفحة على تويتر أو غيره أصلاً»، فيما أعلنت شبكة «سكاي نيوز»، أمس، نقلاً عن مصادر سورية «اعتقال الأمين العام المساعد لحزب البعث السوري عبد الله الأحمر».
(أ ف ب ، رويترز، يو بي آي، سانا)
العدد ١٧٨٧ الثلاثاء ٢١ آب ٢٠١٢