لديه القدرة دائما على إثارة الجدل .. ولدييك الرغبة دائما في الإنصات اليه .. إختلف معه كما تشاء ،ناصره في معاركه التي خلقها لنفسه أو خذ منه موقف العداء .. لا فرق ،فالفاجومي سواء كنت معه أو ضده يستحق أن تقترب منه حتى لو كان هذا الإقتراب مصحوبا بأعلى درجات الحذر والتحفز حتى لا تصيبك شظاياه ،أو ينالك رذاذ كلماته.. ذهبت اليه أحاوره تسبقني كل إنطباعات عن رجل لن يسلم من لسانه أحد ممن يأتي عليه الحوار ..وجلست اليه يسبقه تاريخ طويل من العناد والتمرد ،قضى معظمه خلف جدران السجن والملاحقة ،لكن كلماته وأحلان رفيق مشواره الشيخ إمام إستطاعت أن تتحدى الأسر وتصل الى الناس ،لتبقى جزءا أصيلا من التجربتين الفنية والسياسية في مصر رغم مرور عشرات السنين.

قبل أن تقرأ ..

الحوار مع أحمد فؤاد نجم هو في العادة حوار ضد التيار .. تصدمك أراءه ووجهات نظره .. وقد يصل الأمر الى حدود الخروج عن المألوف .. وفي هذا الحوار دخل بنا نجم عديداً من المناطق الشائكة بل والمحظورة أحيانا.. طالت أراءه أشخاصا راحوا ، وأشخاصا لايزالون أمامنا يبدعون .. وكلها أراء غاضبة مستفزة تصل الى حد الهجوم ….

خلقت مع الشيخ إمام تيار للأغنية السياسية ؟ فما الفرق بينها زمان والآن؟

_ هي فين الأغنية السياسية دلوقتي ؟،زمان عمنا الشيخ سيد درويش وعمنا بيرم كانوا بيعملوا الأغنية السياسية ،وأنا والشيخ إمام مشينا على خطهم ،وعملنا الأغنية السياسية أو بمعنى أصح الأغنية الطبقية ،أما النهاردة .. فين الأغنية السياسية؟

يعني مفيش أي إرهاصات ليها؟

_ لأ..الإرهاصات موجودة ،وهاقولك حاجة.. البلد دي طول عمرها بتولد وعشان كده الأغنية السياسية مش هاتنتهي ،بص للست المصرية تقولها صباح الخير تحبل ،تقولها مساء الخير تولد ،وياما الولادة بتجيب ،و طول مالولادة بتجيب أوعى تخاف والأحسن أكيد جاي .

إذا كان هذا هو وضع الأغنية السياسية ،إيه وضع الأغنية الوطنية ،هل هناك فرق بين الإثنين؟

_ الأغنية الوطنية إتقالت في ظل الإحتلال الأجنبي ،وكان المطلب الرئيسي هو جلاء المحتل عن مصر ،وبعدين الأغنيية الوطنيية بتعبر عن مجموع الأمة كلها أما الأغنية السياسية بتعبر عن طبقة وغالباً الطبقة المطحونة المستغلة والمهضوم حقها.

إنت شايف إن الأغنية السياسية بتنشط في العهود الديمقراطية ولا الشمولية ؟

_ قلت إنها أغنية طبقية وهي صرخة إحساس بالظلم ،أما الديمقراطية مافيهاش إحاسا بالظلم، عندك قنوات تقول فيها رأيك ، بس المهم تكون فيه ديمقراطية بجد.

طيب ليه النهاردة مافيش أغنية سياسية ؟

_ لأن مافيش الشيخ إمام.

لكن فيه نجم؟

_طيب هاتلي واحد زي الشيخ ،إمام وأنا هاخليه يغني لأن الكلمة محتاجة موصل جيد.

إنت فقدت كتير لما غاب الشيخ إمام؟

_ أيوه فقدت صوتي ،لو إمام موجود النهاردة كنا لهلبنا الدنيا ، شوف بقا إنت لما ترصد الموجود النهاردة .. هاتعمل ايه ؟!!

كنت مستعد تدخل السجن ؟

_ وليه لأ ؟! أنا فاكر سنة 1968 عملوا لينا قضية مخدرات في مجمع المحاكم اللي في شارع الجلاء نادى عليا الحاجب ،دخلت على القاضي ،قال للحاجب : إقفل الباب ، وطلب مني القاضي أن أقول « بقرة حاحا»- وهي إحدى أغنياتي بالإشتراك مع الشيخ إمام- وقلتها بشكل مقلتهوش قبل كده ،بمزاج أوي فقال لي عموما أنا هافرج عنكم النهاردة ،بس هما مش هايسيبوكوا في حالكم ،خلوا بالكم.

ده قبل مذبحة القضاء اللي حصلت سنة 1968ولا بعدها؟

_مذبحة القضاء مطالتش القضاة كلهم ،ومافيش ضربة بتقضي على الكل ،وهاقولك مثل..لو عندك شوية نمل ونزلت عليهم برجلك ،اه هاتموت كتير لكن مش ممكن تموت الكل .. وبعدين يا سيدي إذا كان في مذبحة القلعة قدر يهرب واحد .

طيب.. اللي بيقول «مصريتنا حماها الله» و «مصر يا أول نور في الدنيا» وأغنيات من هذا القبيل.. هل تعتبره غناءا وطنيا؟

_أيوه وطني.. بس تايواني !!

لكن الأغنية السياسية بالمعنى اللي إنت قلت عليه مش موجودة دلوقتي ؟

_ أولا شعبان عبد الرحيم إفراز الطبقة المسيطرة النهاردة ،ودول ملهمش إلا في النهب ،وإن مجابوش شعبان عبد الحريم هايجيبوا مين ؟!

أغنية «أنا بكره إسرائيل» مش من الممكن نعتبرها أغنية سياسية على إعتبار إنها بتعبر عن موقف؟

_ أولا .. دي مش أغنية ،ده تعبير قاله واحد وأنا معاه في الحقيقة ،وأصفق له ،وبعدين أنا كنت في برنامج مع هالة سرحان ،وجت سيرة شعبان بس بسخرية ،فقلت .. شعبان قال «بكره إسرائيل» ،مافيش مسئول في الدولة يقدر يقولها !!! وده أنا بعتبره ذكاء من المؤلف إللي إسمه إسلام وأنا بحب الولد ده ،لكن هيي مش أغنية ده كلام فك مجالس ،وبعدين يا سيدي هو أسوأ من مين ؟! وشعبان لقى الحكاية بتجيب فلوس إعتبرها سبوبة ،وبعدين هو إبن وقته وإبن مرحلته.

هل هناك صوت النهاردة عنده القدرة على توصيل الأغنية السياسية اللي بيقولها أحمد فؤاد نجم؟

_الأصوات موجودة والملحنين موجودين والعازفين موجودين .. إنما الضلع الرابع وهو المتلقي غير موجود !!

إنت ليه شايف إن المتلقي مش موجود؟

_ لما بقا فيه عملية تغييب وعي للشعب المصري ،المتقي مغيب بقاله فترة طويلة ،وفيه عملية إفقار وإذلال وتهميش لدوره ،ياخي ده لو شعب غير الشعب المصري كان زمانه بقا هنود حمر .

إنت سمعت عن تجربة وجيه عزيز وأحمد إسماعيل؟

_ أيوه سمعت .. ودي حلوة أوي بس ده ميعملش تيار لأنها مباددرات فردية ،أنا وإمام مثلا الظروف ساعدتنا ،كان الشارع مهيء لإستقابلنا وإحتضاننا وكان ده على أثر هزيمة 1967.

بس إنت وإمام برضه كنتوا كالة فردية .. وخلقتوا لوحدكم تيار .. ليه واحد زي محمد منير مش قادر يخلق تيار ؟

_ ده بيرجع للجو العام ،وبعدين منير بتاع المؤسسة بيغني من داخل المؤسسة ،إحنا على أثر تجربتنا إتفجرت تجارب كتير في الوطن العربي ،زي خالد الغبر ،وزي 11 فرقة في فلسطين المحتلة اسمها فرق الشيخ إمام ،وفيه فرقة عندنا هنا إسمها عفاريت الشيخ إمام.

زمان إنت وإمام كنتوا مطاردين ومراقبين ومننوعين ومع ذلك الناس بتحتفي بيكم ،وشباب الجامعة كانوا بينتظروا أعمالكم ؟

_أنا بختلف معاك في الحتة دي ،يعني مش فقط عشان إحنا مطاردين ومننوعين الناس بتتلم علينا ، طيب مانا دلوقتي بطع في الفضائيات وبمشي في اشلارع الناس برضه بتتلم عليا وباروح أعمل أي أمية الناس بتبقى فوق بعضيها.

بس إنت يا عمنا ساندك تاريخك .. إحنا بنتكلم عن حد بيتخلق من جديد؟

_ لازم كلها تبقى منظومة لما مصر كلها تيجي هاتيجي وأنا ببشرك إنها هاتيجي قريب ،برضه هاتيجي منظومة بحالها ،وأفتكر قبل ثورة 1919 وصل الخنوع والتدني والدعارة الى درجة رهيبة ،وفجأة إنفجرت الأرض عشان تطلع لنا مارد إسمه سيد درويش ويطلع مصطفى كامل ومحمد فريد وسعد زغلول وطلعت حرب .. دايما مصر تطرح كل شوية طرحة ،وعندك برضه بيرم التونسي ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ويحيى حقي ،كل دول ولاد ثورة 1919. أما ثورة 1952 ماخلقتهش لها جيل خاص بيها .