قضية محمد زبيب: الأدلّة بيد القضاء

قضية محمد زبيب: الأدلّة بيد القضاء
02 Oct
2015

استجوب المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان الزميل محمد زبيب، أمس، بناءً على الدعوى المرفوعة ضده من قبل وزير الداخلية نهاد المشنوق بتهم القدح والذم والتحقير. قدّم زبيب خلال الاستجواب «ما يكفي من المستندات والمعطيات عن علاقة المشنوق بملف بنك المدينة»، ليُثبت أن هذه الدعوى لا أساس لها وتشكّل انتهاكاً فاضحاً لحرية الصحافة والحق في الوصول الى المعلومات ونشرها. في نهاية الاستجواب ترك القاضي قبلان الزميل زبيب بسند إقامة، بانتظار أن يحدد الإجراءات التي سيتخذها

 

إيفا الشوفي - الاخبار

 

مثل رئيس قسم المجتمع والاقتصاد في «الأخبار» الزميل محمد زبيب، أمس، أمام المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان، وتم استجوابه في الدعوى المقامة ضده من قبل وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق بتهمة القدح والذم والتحقير، على خلفية نشر صورة شيك على «فايسبوك» صادر من بنك المدينة عام 2002 لمصلحة المشنوق.استغرق الاستجواب نحو ساعتين ونصف الساعة، وحضره وكيل الزميل زبيب المحامي نزار صاغية، وفي نهايته قرر القاضي قبلان ترك زبيب بسند إقامة، بانتظار تحديد الإجراءات التي ستُتخذ.

ودفاعاً عن حرية الصحافة وتضامناً مع الزميل زبيب، نفّذ إعلاميون وناشطون وقفة احتجاجية على مدخل قصر العدل، معتبرين أن ما يحصل في هذه القضية هو جزء من ردّ السلطة على الحراك الشعبي، ومحاولة يائسة منها لكمّ الافواه وتهديد كل من يسعى الى كشف ملفات الفساد وفضح المتورطين فيها.وكان الزميل زبيب قد مثل في 21 أيلول الفائت أمام النيابة العامة التمييزية، لكن الاستجواب أُجّل الى الاول من الشهر الجاري، لكون الاستدعاء تم على أساس وجود كتاب معلومات من مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، إلا أن الوزير المشنوق تقدّم بدعوى شخصية في اليوم نفسه (21 أيلول)، ما استدعى من المحامي صاغية (حينها) طلب الاطلاع على مضمون الشكوى والاستمهال للرد عليه بحسب ما تقتضيه الأصول.

ما يكفي من معطيات

أمس، أجاب الزميل زبيب على جميع أسئلة المحامي العام التمييزي، وقدّم أدلة ومعطيات تساعد في إثبات أن ما قام به يندرج في اطار ممارسة واجباته كصحافي، وتساعد ايضاً في دحض اي ادعاءات مقابلة تتوسل تهم القدح والذم والتحقير للنيل من حرية الصحافة وحق الناس في الوصول الى المعلومات والاطلاع عليها.بعد انتهاء الاستجواب، خرج الزميل زبيب من قصر العدل معلناً أنه أبرز «ما يكفي من معطيات وأدلّة تجعل القضية القائمة ضدي من دون اساس. المعطيات باتت في عهدة النيابة العامة التمييزية، وعلى القضاء ان يتحرك في الاتجاه الصحيح». أمّا المحامي صاغية فأوضح: «اليوم حضرنا امام المحامي العام التمييزي. الدعوى تتعلق بنشر صورة شيك له علاقة ببنك المدينة لمصلحة الوزير المشنوق. وقد تحرك وزير الداخلية بعد نشر الشيك ورفع دعوى على الصحافي زبيب بتهمة الذم والقدح والتحقير. أما نحن فقد اعتبرنا ان الدعوى هي انتهاك لحرية الصحافة». وأضاف «أبرزنا امام المحامي العام كل الادلة التي تثبت أن الصحافي محمد زبيب قام بعمله الاستقصائي كما يجب، وتؤكد عدم خروج موكلي عن القانون، وأن موقفه صحيح. وقد ترك بسند إقامة، ونأمل ان يحفظ الملف لأنه لا مجال لإدانة زبيب بجرم القدح والذم والتحقير».المشاركون في الوقفة الاحتجاجية أعربوا عن إصرارهم على إعادة القضية الى جوهرها المتمثل في صون حرية الصحافة، وتحديداً حق الصحافي في كشف المعلومات التي تندرج في اطار المصلحة العامة. ورأوا أن دور القضاء اليوم يقضي بإعادة فتح ملف بنك المدينة عوض التحقيق مع كاشفي الفساد، وأكّدوا تمسّكهم بفضح ملفات الفساد وعدم الخضوع لسياسة كمّ الأفواه التي تنتهجها السلطة ضد الصحافيين والمتظاهرين، كما أكّدوا رفضهم لثقافة التدخّل في القضاء والسعي لاستخدامه في حماية أصحاب النفوذ.

دور سلبي أم زلة لسان؟

حضور نقيب المحررين الياس عون أمس أثار ملابسات كثيرة بسبب تصريحات أدلى بها. فهو اتصل بـ»الأخبار» مبدياً رغبته في المشاركة في الوقفة التضامنية، إلا أنه دخل الى قصر العدل وذهب مباشرة الى مكاتب النيابة العامّة التمييزية، وهناك التقى مع الزميل زبيب عندما كان متجهاً الى مكتب القاضي قبلان، وأبلغه تضامن النقابة معه، عارضاً المساعدة، ودعاه إلى زيارة المدعي العام التمييزي سمير حمود برفقته. أصرّ الزميل زبيب على التزام موعد الاستجواب عند القاضي قبلان، وأبلغ عون أن لا داعي لزيارة حمود. وهذا ما حصل، إذ دخل عون الى مكتب حمود، فيما دخل زبيب الى مكتب قبلان.بعد خروجه من قصر العدل، وزّع نقيب المحررين بياناً مكتوباً باسمه على وسائل الاعلام، جاء فيه: «انطلاقاً من واجبي كنقيب للمحررين، حضرت ومحامي النقابة الاستاذ انطون الحويس وكريستيل شويري الى جانب الزميل محمد زبيب الذي مثل أمام مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود والمحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان (الذي يتولى التحقيق)، حيث أكدنا احترامنا للقضاء اللبناني وحرصنا على تعزيز دوره وحضوره، مبدين في الوقت نفسه تضامننا مع الزميل زبيب وتعاطفنا معه». وأضاف: «إن ما حصل يدخل في إطار عمله كإعلامي يلاحق القضايا الحياتية والاجتماعية والاقتصادية، وإنه لم يتقصد الإساءة الى أحد بقدر ما كان يعتبر أنه يقوم بعمل إعلامي صرف دون نية الاساءة الى الوزير نهاد المشنوق أو خرق السرية المصرفية». وتابع: «وبالمناسبة، أطالب الوزير المشنوق، وهو صحافي مارس المهنة لسنوات طويلة وكانت له بمثابة بوابة العبور الى الشأن العام والمواقع التي شغل في الحياة السياسية، بسحب الدعوى التي أقامها في حق الزميل محمد زبيب. وفي أي حال، فقد كلفت النقابة محاميها الاستاذ الحويس متابعة هذا الموضوع أمام المراجع القضائية المختصة».

لم يكتف عون بهذا البيان الخطي، بل طلب الإدلاء بتصريح شفهي، فأعلن أنه سيجري وساطة مع الوزير المشنوق من أجل سحب الدعوى ضد الصحافي محمد زبيب، آملاً «انتهاء الدعوى حبياً»، وقال: «سأتكلم مع الوزير المشنوق من أجل سحب الدعوى، وننقل اليه أن خطأً ورد في الخبر المنشور، في ضوء نتائج التحقيقات، وأن لا نية للإساءة، وما نشر هو عملية بحت إعلامية. وعندما تتضح الامور يجري العمل على التسوية والمصالحة». ورداً على سؤال، قال عون إن «الدعوى لم تسحب بعد. سنرى معالي الوزير إذا كان يريد سحبها، وسنعمل ما في وسعنا لتسهيل الامور من أجل التسوية والمصالحة». وعن سبب زيارته للقاضي حمود قال إنه «استشار حمود في القضية، خصوصاً أن مسألة الصحافة تعنيه، وطلبنا منه تخفيف الاحتقان عبر علاقاته مع القضاة». وأعلن عون أنّ زبيب وافق على المصالحة مع المشنوق.

نفي صاغية وزبيب

أكد المحامي صاغية والزميل محمد زبيب أنهما لم يجتمعا مع عون عند القاضي حمود، وأنهما لم يفوّضاه بأي دور، وبالتالي لم يجر الكلام عن أي مصالحة كي يوافقا عليها. كذلك أكدا أن الحديث مع عون كان عابراً و»تضامنياً» ولم يتطرق الى أي أمر يتصل بمصالحة أو سواها. «كل ما في الامر أنه عرض علينا الاجتماع كلنا عند القاضي حمود ورفضنا ذلك». وقال زبيب إنه «لا شيء شخصياً بينه وبين المشنوق، فما قمت به هو جزء من واجباتي الصحافية، وبالتالي من ادّعى أمام النيابة العامة التمييزية هو وزير الداخلية في انتهاك واضح للحريات الصحافية المصونة في الدستور... لا أفهم ماذا تعني المصالحة في هذه الحالة».وأبلغ الزميل زبيب نقابة المحررين استنكاره الشديد لما أدلى به النقيب عون، وطلب توضيح أنه لم يطلب من نقابة المحررين أي دور أو وساطة، ولم يطلب المصالحة ولم يفوّض أحداً بإجراء أي مصالحة. وطلب أيضاً الاعتذار عمّا قاله عون عن أن «خطأً ورد في الخبر المنشور، في ضوء نتائج التحقيقات».إلا أن النقيب عون اكتفى ليلاً بإصدار توضيح يقول فيه «إن البيان الخطي الذي وزّعه أمام قصر العدل اليوم (أمس) هو الذي يعكس رأيه في موضوع مثول الصحافي محمد زبيب أمام النيابة العامّة التمييزية»، معتبراً أنه بذلك تراجع عمّا أدلى به شفهياً، ولا سيما لجهة قبول زبيب مصالحة لم يجر عرضها إطلاقاً، وحصول خطأ لم تثبت التحقيقات حتى الآن حصوله، بل بالعكس.

«الأخبار» تدعم موقف الزميل زبيب

شارك نقيب المحررين الياس عون، في الوقفة التضامنية. ولدى دخوله الى قصر العدل، أعلن النقيب عون انه سيجري وساطة مع الوزير المشنوق من اجل سحب الدعوى ضد الصحافي محمد زبيب، آملا «انتهاء الدعوى حبيا»، وقال: «سأتكلم مع الوزير المشنوق من اجل سحب الدعوى، وننقل اليه ان خطأ ورد في الخبر المنشور، في ضوء نتائج التحقيقات، وان لا نية للاساءة، وما نشر هو عملية بحت إعلامية. وعندما تتضح الامور يجري العمل على التسوية والمصالحة «.وردا على سؤال، قال عون: «الدعوى لم تسحب بعد، سنرى معالي الوزير اذا كان يريد سحبها، وسنعمل ما في وسعنا لتسهيل الامور من اجل التسوية والمصالحة».يهم «الاخبار» ان تؤكد احترامها لموقف نقابة المحررين بالتضامن مع الزميل زبيب، والقيام بدورها لحماية الصحافيين والحريات الاعلامية، لكنها تؤكد، ان الزميل زبيب مستمر في الخضوع للاجراءات القضائية ما يتيح له تقديم الاجوبة المناسبة عن اسئلة الجهات القضائية، كما تفسح في المجال امام اظهار كل العناصر المادية التي تساعد على مواجهة كل اشكال الفساد. ومع التاكيد على عدم وجود اي نوع من الخصومة الشخصية مع الوزير المشنوق، الا ان مجريات الدعوى، تجعل «الاخبار» داعمة لقرار الزميل زبيب عدم الدخول في اي نوع من المصالحات التي غالبا ما تقود الى تغييب الحقيقة. وتؤكد «الاخبار» هنا، ان الزميل زبيب الذي يتمنى تضامن جميع الاعلاميين معه، ليس في وارد الطلب الى اي جهة نقابية او اعلامية التفاوض لاجل تحقيق اي نوع من المصالحات. وان الخطوة الوحيدة المفيدة هنا، هي بمبادرة صاحب الشكوى الى سحبها فقط.

الأكثر قراءة