محمد نزال - الاخبار
من سخرية السياسة، إن صح التعبير، أن تكون الحكومة الحالية المستقيلة مسماة على حزب الله، ثم توافق هذه الحكومة على «هبة» بريطانية لتغطية ثمن الكتب المدرسية للتلامذة، باستثناء كتاب الجغرافيا، وذلك لكونه «يتضمن كلمة فلسطين المحتلة على الخريطة وليس كلمة إسرائيل». ليس الوقت لمناقشة تسمية الحكومة الحالية، ولمن تتبع، وطبيعة توزع القوى السياسية داخلها، ليبقى السؤال: كيف يوقَّع على «هبة» من هذا النوع، تتضمن ما يخلّ بالدستور اللبناني، ثم لا يخرج من بين المسؤولين من يعترض علناً أو سراً؟
لولا صرخة رابطتا أساتذة التعليم الثانوي الرسمي، والتعليم الأساسي الرسمي، لمرت تلك المسألة «المهينة» دون أن يسمع بها أحد. ففي بيان للرابطتين المذكورتين، وُجِّهت أمس دعوة إلى الحكومة لـ«سحب موافقتها على الهبة البريطانية، التي جاءت لتغطي ثمن الكتب المدرسية للسنة الدراسية الحالية، للتلامذة المسجلين في مرحلة التعليم الأساسي في المدارس والثانويات الرسمية باستثناء كتاب الجغرافيا؛ إذ، للأسف، فإن الحكومة اللبنانية، وبطريقة المراسيم الجوالة والموافقات الاستثنائية، وافقت على الهبة المشروطة، مع علمها أن استثناء كتاب الجغرافيا أتى لتضمنه كلمة فلسطين المحتلة بدل الكيان الغاصب إسرائيل». أين وزير التربية والتعليم من هذه «القضية» وأين وزير الثقافة؟ أين الحكومة مجتمعة؟ أين لجان رفض التطبيع مع العدو الإسرائيلي في مختلف النقابات، وعلى رأسها نقابة المحامين؟ الصمت سيّد الموقف. لماذا تُترك رابطتا أساتذة التعليم وحدهما في هذا الميدان؟ لم يجد حنّا غريب، رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي، ما يُعلق به على الموضوع سوى كلمة: «يا عيب الشوم». وفي اتصال هاتفي أجرته معه «الأخبار»، أوضح غريب: «يبدو أن الموضوع قد مرّ، ولكن كان لا بد لنا من رفع الصوت وإسماع الصرخة، لكي ينتبهوا في المرّة الثانية إن حصل أمر مماثل... هذه إهانة وطنية». في بيان رابطتي الأساتذة إشارة إلى أن الموقف البريطاني يُعدّ «استفزازاً يمسّ بالمشاعر الوطنية والقومية، وتعدياً على السيادة الوطنية وكرامة اللبنانيين، فضلاً عن كونه محاولة خبيثة لفرض تطبيع ثقافي مع العدو الصهيوني». كذلك دعا البيان وزير التربية والتعليم إلى دفع ثمن الكتب التي سددتها صناديق المدارس منذ 4 أشهر، بناءً على طلب الوزارة، وذلك «من دون انتظار هبة من هنا أو هناك». ثمّة من سأل أمس، تُرى هل يتحرّك القضاء، وقبله وبعده المؤثرون في الرأي العام، للمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن هذه «الهفوة» إن أحسنا الظن؟ ألا توجب مواد في قانون العقوبات تعاقب على مثل هذه الأفعال؟ الجواب: بلى، توجد... لكنها بحاجة إلى من يُطبّقها.