مسكينة المقاومة الوطنية. ليست مسكينة لكونها استشهدت شابة، ولا لكونها اعتُقلت وعُذِّبت من «الصديق» والعدو. هي كذلك، مسكينة، بسبب بؤس خطاب استحضارها. فالمقاومة الوطنية التي هي، في الأساس وقبل الفعل العسكري، فتح طاقة أمل في جدار الصراع الإقليمي والطائفية، صورتُها اليوم ليست كذلك. اليوم هي إحباطية وبكائية، ولولا العيب لقلت: صورتها اليوم حاقدة حاسدة. وها هي حماسة المتحمّسين لها، وفخر المتفاخرين بها، وحسرة المتحسّرين عليها، تتقاطع مع الخطابات السياسيّة المتناقضة. فتارة تلاقي خطاب السياسيين الذين يذكرونها ليتّهموا «حزب الله» والنظام السوري باغتيالها. وتارة تلاقي خطاب «حزب الله» والنظام السوري. وفي الحالين لا قراءة نقدية للتجربة. هناك تبرئة للذات وتقديمها باعتبارها ضحية، في مقابل جلد الذات وتقديمها باعتبارها غبيّة. وإذ يشير الفريقان إلى الظروف الإقليمية والأدوار المحليّة في مأساة المقاومة الوطنيّة، يأخذ كل منهما اتجاهاً في مقاربة المسألة. ويتناول كلُّ فريق الأسباب الداخليّة للمأساة على طريقته، ووفق مقاس خطابه الجديد. لقد وضع هؤلاء معاً، وكلٌّ من موقعه، المقاومة الوطنيّة في البازار السياسي، ونسوا المقاومة الوطنيّة وخلفيّتها الديموقراطية. لم يحفظوا اختلافهم ومكانهم الخاص الذي بقي فيه كثيرون، أفراداً. مسكينة المقاومة الوطنية. مسكينة لأن المتحمّسين لها، المفاخرين بها، المتحسّرين عليها، يستعيضون عن فتح طاقة أمل بمسرحية بكائية وتوزيع جثمان الشهيد