يزداد التفاعل الشعبي والسياسي والرسمي يوماً بعد آخر مع قضية الأسير اللبناني في السجون الفرنسية جورج ابراهيم عبد الله، الذي أمضى 28 عاماً من عمره في أقبية السجون الفرنسية، بسبب دفاعه عن أرضه وشعبه أمام الهجمة الصهيونية، وأمام مشاهد القتل والمجازر التي ارتكبها العدو «الاسرائيلي» الغاصب، يوم قرّر اجتياح بيروت.
وأحد أبرز التحركات، اللقاء الذي عقدته الاحزاب الوطنية والقومية في قاعة الشهيد خالد علوان في بيروت، لتشكيل قوة دافعة وضاغطة سياسيًا وشعبيًا، من أجل تحريك هذا الملف على صعيد المؤسسات الدستورية، ومن أجل حثّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لطرح هذا الملف على الإدارة الفرنسية خلال زيارته المرتقبة إلى باريس.
وفي هذا الإطار، كشف عضو الكتلة القومية النائب مروان فارس في حديث خاص إلى «البناء»، أنه سيطرح والنائب علي بزّي سؤالاً رسمياً على الحكومة عبر المجلس النيابي، عن قضية الأسير عبد الله، وذلك بعد التنسيق مع المحامي هاني سليمان. معتبراً أن الأسير عبد الله أضحى قضيةً تهمّ لبنان، ولا تخصّ عائلته فقط».
أبي رميا
وسبق هذا التحرّك، ما قام به عضو كتلة التغيير والإصلاح النائب سيمون أبي رميا، من رفع رسالة إلى وزير الخارجية عدنان منصور، وإجراء سلسلة اتصالات، ما اعتُبر الشرارة الأولى لدفع هذا القرار عبر المؤسسات الرسمية اللبنانية.
أبي رميا خصّ «البناء» بحديث تناول تفاصيل تحركاته ومجرياتها في هذا الصدد، متطرّقاً إلى الخطوات المستقبلية.
حاوره سرجون خليل
علاقات متشعّبة
عن الأسباب التي دفعته إلى القيام بهذه الخطوات، اعتبر أبي رميا أنه بعد تواصل الحملة الدولية للافراج عن الأسير عبد الله معه، وبحكم إقامته الطويلة في فرنسا، إضافة إلى تواجده في فرنسا في الفترة التي اعتقل فيها عبد الله، أصبح هذا الموضوع حساساّ بالنسبة إليه، ما دفعه إلى نقل التحرّكات من المستوى الشعبي، إلى المستوى الرسمي.
الخطوة الأولى
يقول أبي رميا: «قبل رفع الرسالة إلى منصور، طلبت من جوزف (شقيق الأسير عبد الله) تزويدي بكافة المعطيات على الصعيدين القانوني والعائلي، وبعد تكوين فكرة عن الملف بكل تفاصيله، اعتبرت أن الوقت أصبح مناسبًا من أجل طرح الموضوع في الإطار القانوني، خصوصاً أن للقضية بعداً إنسانياً، فعندما نرى مواطناً لبنانياً معتقلاً، بمعزل عن صوابية اتهامه أم عدمها، 28 سنة في السجون الفرنسية، وما من مسؤول لبناني على صعيد السلطة التنفيذية يسأل عنه، أعتبر أن هذه اللامبالاة هي نوع من الاستقالة الوطنية على صعيد السلطة السياسية اللبنانية، كما اعتبرت أن الوقت حان لطرح هذا الموضوع على الصعيدين الإعلامي والسياسي«.
دور «الوطني الحر»
وردّاً على سؤال عن وجود خطة للتيار الوطني الحرّ في هذا الصدد، قال أبي رميا: «إن هذا الطرح جاء بدافع شخصي من قبلي، بمعزل عن التيار الوطني الحر. فلو اعتقل مواطن فرنسي في لبنان، لتحرّكت السلطات الفرنسية في الثانية نفسها، وعملت على الإفراج عنه، أما عبد الله، الذي اعتقل لمدة 28 سنة، ولم تحرّك السلطات اللبنانية ساكناً، إنها كارثة!».
القوى الأخرى
وعن مشاركة القوى السياسية والحزبية، اعتبر أبي رميا أنه بعد تحريك الموضوع على الصعيدين الإعلامي والسياسي، تداعت القوى والأحزاب، كما جرى التواصل من قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي طالب بدوره بمتابعة الموضوع. معتبراً أن الهدف ليس أن ندعم، بل أن تقوم السلطات اللبنانية بواجباتها تجاه معتقل لبناني في دولةٍ أجنبية.
تحرّكات شعبية
وعن مشاركة قاعدة «الوطني الحر» من المغتربين اللبنانيين في فرنسا، في التحرّكات التي ستجري اليوم في فرنسا، اعتبر أبي رميا أن «الوطني الحر» يدعم هذا التحرك، ولكنه ترك لمناصريه حرية المشاركة. وأضاف «هدفي كان حثّ السلطات اللبناية على إثارة هذا الملف مع السلطات الفرنسية لأول مرة منذ 28 سنة».
السفارة اللبنانية
وعن دور السفارة اللبنانية في فرنسا، يقول أبي رميا: «لم يكن أحد يعرف بوجود عبد الله أو يتذكره قبل هذه الفترة، بل كان هناك تناسياً وإهمالاً رسمياً، ما يعكس تقاعس المؤسسات الرسمية عن دورها. وفي هذا الصدد، أحيّي القنصل اللبناني في فرنسا غدي خوري الذي التقى أعضاء من اللجنة، وعلى إثر هذا اللقاء، وجّه رسالة إلى السلطات الرسمية القضائية في فرنسا، وأبلغها عن استعداد لبنان لاستقبال جورج عبد الهس لحظة الإفراج عنه، كما أبدى اهتماماً رسمياً لأول مرة في تاريخ هذا الملف».
وأضاف: « أقوم بدوري كنائب وكمراقب للحكومة، وبسبب تقاعسها عن هذا الملف، وجّهت رسالة إلى وزير الخارجية عدنان منصور، وطلبت منه متابعة هذا الموضوع رسمياً، كما أرسلت نسخةً من الرسالة إلى الرئيس بري، والتواصل مع الرئيس ميقاتي قائم، وطلبت شخصياً منه طرح هذه القضية في زيارته الرسمية إلى باريس».
الردّ الرسمي
وعن الرّد الرسمي على رسالته أجاب أبي رميا: «لم أتلقّ حتى الآن أي ردّ رسمي، ولكن الرئيس ميقاتي أبلغني شخصياً عن عزمه فتح هذا المف خلال زيارته الرسمية إلى فرنسا».
وأضاف: «في الجلسة التشريعية العامة القريبة (جلسة أسئلة وأجوبة)، سأضع هذا السؤال على جدول مجلس النواب، وسأطلب من وزير الخارجية أن يردّ عليه أمام المجلس النيابي مجتمعاً، وإذا لم أحصل على جواب مقنع، سأحوله إلى استجواب».
رسالة إلى جوبيه
«البناء» حصلت «حصرياً» على نسخة من رسالة خاصة وجهتها «اللجنة الدولية لتحرير الأسير جورج عبد الله» إلى وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه، يختصر محتواها عدداً من الأسئلة عن حقيقة الصداقة بين لبنان وفرنسا، وإذا كانت حقيقية، فلماذا لا يحرّر مناضل دافع عن بيروت عندما كانت تحت القصف، وسقط فيها آلاف الشهداء، ضحايا مجازر ارتكبتها «إسرائيل» كمجزرة صبرا وشاتيلا؟ وأين هي سيادة القرار الفرنسي أمام إعلان وزارة الخارجية الأميركية «الولايات المتحدة الأميركية تعبّر بصرامة عن رفضها إعطاء إطلاق سراح مشروط إلى جورج ابراهيم عبد الله...»، ومنذ ذلك الحين لم يقبل أي طلب لإطلاق صراح عبد الله؟
وفي ما يلي نصّ الرسالة كاملاً بالفرنسية:
Bordeaux, le 5 février 2012
Monsieur Alain Juppé
Ministre des Affaires Étrangères
Monsieur le Ministre des Affaires Étrangères,
Georges Ibrahim Abdallah est un des hommes les plus respectés dans son pays: le Liban. Il est en prison en France depuis 28 ans. Arrêté à Lyon le 22 octobre 1984, pour possession de vrais-faux papiers, il est accusé de complicité dans des attentats contre des agents du Mossad et de la CIA. Son pays était sous occupation israélienne. Rappel des faits: en 1982, l’armée israélienne envahit le Liban, s’ensuit des massacres de masse, liquidation d’intellectuels par les services secrets israéliens, crimes contre l’humanité. La lutte populaire s’organise contre l’occupant. Quoi de plus légitime et universel?
Georges Ibrahim Abdallah a été condamné à perpétuité avec une peine de sûreté de 15 ans. En 1999, à la décision du juge français autorisant la libération de Georges Ibrahim Abdallah, le State Département réagit vivement: «Le gouvernement des États-Unis exprime sa ferme opposition quant à l’éventualité d’une mise en liberté conditionnelle de Georges Ibrahim Abdallah pouvant résulter de la procédure à venir devant le Tribunal de Grande Instance de Paris». A partir de ce moment-là, toutes les demandes de libération ont été refusées ! Qu’en est-il de la souveraineté judiciaire de la France ?
Yves Bonnet, l’ex-patron de la DST qui est responsable de l’arrestation de Georges Ibrahim Abdallah en 1984, exprime son regret dans cette affaire et dénonce une «vengeance d’Éta ». La sincérité de la France dans son amitié avec le Liban est-elle un vain mot ? Que ne renvoie-t-elle Georges Ibrahim Abdallah dans son pays ?!
Monsieur Mikati, premier ministre Libanais, sera rochainement en visite en France. Il abordera ce sujet à l’Elysée. Nous spérons vivement que cela aboutisse à la libération de Georges Ibrahim Abdallah et à son retour dans son pays. Si tel n’est pas le cas, la France osera-t-elle se prononcer pour la peine de mort en public ? La France osera-t-elle faire prévaloir des pré-jugements politiques à des affaires judiciaires ?
Une délégation de notre collectif souhaite vous rencontrer à Bordeaux. Nous désirons aborder avec vous le sujet de la libération de Georges Ibrahim Abdallah et échanger avec vous sur ces différents points de vue.
En attendant votre réponse, veuillez agréer Monsieur le Ministre nos salutations distinguées.
Campagne internationale pour la libération de Georges Ibrahim ABDALLAH
Comité de Bordeaux
تجدر الإشارة، إلى أن «آلان جوبيه»، وزير الخارجية الفرنسي، يشغل في الوقت نفسه منصب رئيس بلدية مدينة بوردو الفرنسية، وسبق أن أقام توأمة مع عسقلان المحتلة، واستقبل سفير كيان العدو في 2 و3 شباط الجاري، بهدف «جمع تبرّعات لمستوطنين من فرنسا، حلّوا في فلسطين المحتلة حديثاً».
تظاهرة في فرنسا
وفي إطار حملة المقاطعة، نُظمت تظاهرة أمام فندق «Regent Hotel Bordeaux» الجمعة الفائت، وأوقفت الشرطة الفرنسية عدداً من المعتصمين، بعد أن أقامت طوقاً وانتشاراً أمنيين كبيرين في محيط الفندق، كما صوّر «الموساد» بحماية من الشرطة الفرنسية، وجوه المتظاهرين. ومن جهة ثانية، عمد الناشطون إلى بثّ أغانٍ بصوت مرتفع للمغنية المقاومة «جوليا بطرس» لمدة ساعتين، ما أجبر عناصر الوفد «الاسرائيلي» أن يغطوا وجوههم، بعد أن أتت الصحافة الفرنسية إلى المكان.