خلال اجتماع لجنة الإعلام والاتصالات أمس، كشف الوزير مروان شربل، بدون قصد، عن فضيحة «داتا البصمات» ووقوع الدولة اللبنانية ضحية إحدى الشركات الفرنسية المكلفة طبع الهويات اللبنانية
مرّ المشهد السياسي بسلام أمس، بعد أيام على كارثة فسوح وساعات على جلسة حكومية هادئة تليها اليوم أخرى على جدول أعمالها بند تصحيح الأجور. لكن ما شدّ الأنظار أمس، حديث وزير الداخلية مروان شربل، خلال اجتماع لجنة الإعلام والاتصالات النيابية، وكشفه عن مخالفات بشأن عقد موقّع بين وزارة الداخلية وشركة «ساجيم» الفرنسية منذ العام 1996، ويقضي بإصدار بطاقات الهوية اللبنانية. وبحسب ما نُقل عن شربل، تقوم هذه الشركة، منذ توقيع العقد عام 1996، بحفظ بصمات المواطنين وإدراجها على الملفات الخاصة ببطاقات الهوية اللبنانية، وهي مهمّة تكلّف الخزينة 7 ملايين دولار سنوياً.
وقال شربل أمس إنه أبلغ من قبل القيّمين على الموضوع في وزارة الداخلية، أنه لا يستطيع تغيير الاتفاق مع الشركة ولا فض العقد معها، «لكون العقد ينص على انه في حال إلغاء هذا العقد، فإن داتا البصمات تصبح ملكاً للشركة لا للدولة اللبنانية». ولفت شربل إلى أنه اضطر إلى المضي في هذا الاتفاق، مشيراً إلى أنّ كل ما تمكّن من فرضه هو «خفض قيمة العقد إلى مليوني دولار». هذا الملف الذي تناوله الوزير عرضاً خلال جلسة أمس، ترك الكثير من التساؤلات والتعجّب لدى النواب المشاركين، خصوصاً لجهة الضرر الذي يخلّفه على الدولة اللبنانية، من النواحي السيادية والأمنية والسياسية والمالية.
وكان اجتماع اللجنة مخصصاً لمناقشة تطبيق القانون الخاص بصون حرية التخابر (قانون التنصت)، فجرى التركيز بحسب رئيس اللجنة، النائب حسن فضل الله، على أمرين أساسيين: أولاً، صون حرية المواطنين اللبنانيين جميعاً بحيث لا يصار إلى التعدي على خصوصياتهم ولا تستباح حرياتهم الشخصية، وثانياً، مساعدة الأجهزة الأمنية وفق الضوابط القانونية، «وخصوصا ما يتعلق بعمل مركز التحكم». ولفت فضل الله إلى أنه جرى استعراض لآلية عمل هذا المركز وكيفية المحافظة على سرية عمله ومنع التنصت «من خارج القرارات القضائية أو الإدارية». وعن القضية الأساسية في هذا الملف والمتعلقة بطلب الأجهزة الأمنية داتا الاتصالات من وزارة الاتصالات، أكد فضل الله أنه لحين استكمال عملية التطوير التقني لمركز التحكم (المفترض أن تنتهي بغضون ثلاثة أشهر)، التزم الوزير مروان شربل بعدم إعطاء «داتا الاتصالات عن كل اللبنانيين لأي جهاز من الأجهزة، وأن الأمر سيبقى منوطاً بقرار من وزير الداخلية وفق الآلية المعتمدة». وأضاف فضل الله أنّ شربل لن يحوّل أي طلب إلى وزارة الاتصالات إلا في «الحالات المتعلّقة بأمن الدولة»، أي بالتحقيقات ذات الطابع الأمني السيادي.
وتناولت اللجنة أيضاً «الإجراءات التي اتخذتها وزارة الاتصالات لمواجهة الأخطار والأضرار التي لحقت بشبكة الاتصالات نتيجة التجسس الإسرائيلي، خصوصاً بعد اكتشاف الجاسوس العميل في اوجيرو ووزارة الاتصالات». ورداً على سؤال عن الاستفادة من داتا الاتصالات لتعقب المجرمين، لفت فضل الله إلى أنه «تمّت مناقشة هذا الأمر بإسهاب وبكل موضوعية، وقلنا إذا حصلت جريمة ما في منطقة معينة، فالوزارة تطلب الداتا عن هذه المنطقة وفي يوم معين، لكن ما هو المبرر إذا حصلت عملية سطو عبر دراجة نارية في منطقة ما أو حي أو زاروب ما أن تطلب داتا المعلومات عن كل اللبنانيين لمدة شهرين حتى يكتشف هذا السارق؟ هذا أمر غير مقبول». أضاف أنّ الوزير شربل اقتنع بهذا الأمر ووافق على النتيجة التي توصّلنا إليها.
وعلى صعيد آخر، أعادت كتلة المستقبل بعد اجتماعها الأسبوعي تحذير الحكومة من مراوحة ملف تصحيح الأجور وانعكاسه على الأوضاع الاجتماعية والمالية، كما «توقفت بأسف أمام استمرار تدهور الاوضاع في سوريا واستمرار استخدام العنف»، معتبرة أن «استمرار هذا الاسلوب يدفع بسوريا نحو اوضاع خطيرة».
من جهته، أثار النائب ميشال عون بعد ترؤسه اجتماع تكتل التغيير والإصلاح نتائج التحقيقات التي أجراها كل من البنك الدولي وشركة «أوراكل» عن أوضاع وزارة المال. وقال عون ان هذين التقريرن «يؤكدان كل كلمة قلناها». أضاف عون: «هذا أهم موضوع على الأرجح، لأنه لم يحدث بعد في أي دولة، مهما كانت بدائية، محاسبة كهذه! ولا يزالون يرفعون رؤوسهم فيتّهمون الناس بالسرقة ويتكلمون يميناً وشمالاً. على كل حال، إذا كانت هذه هي تربيتهم، فليس بيدنا حيلة، فمن شب على شيء، شاب عليه».
وفي سياق آخر، زارت أمس السفيرة الاميركية، مورا كونيللي، الرابية والتقت النائب ميشال عون، وعبّرت بعد اللقاء عن قلق بلادها «العميق من استمرار النظام السوري بقمعه العنيف للشعب السوري، على رغم وجود المراقبين الذين أرسلتهم الجامعة العربية». وشددت كونيللي على «قلق الحكومة الاميركية من ان تؤدي التطورات في سوريا الى المساهمة في عدم الاستقرار في لبنان».
كذلك تمنى السفير الفرنسي في لبنان، دوني بييتون، ان يوقف «الرئيس السوري العنف تجاه شعبه»، مضيفاً أنّ «الحوادث التي تحصل في سوريا تثبت ان النظام السوري فقد شرعيته».
مشروع الليطاني
أقيم في السرايا الحكومية أمس احتفال إطلاق مشروع إمداد الجنوب بمياه نهر الليطاني، المعروف باسم «القناة 800». وألقى رئيسا مجلس النواب والحكومة نبيه بري ونجيب ميقاتي كلمتين ركزا فيهما على أهمية المشروع. ورأى بري ان المشروع «انتصار جديد على إسرائيل»، شاكراً دولة الكويت على اهتمامها بتنفيذه.