فاتن الحاج – الاخبار
هل يحرّر رئيس مجلس النواب نبيه بري سلسلة الرتب والرواتب بعد ولادة الحكومة الجديدة؟ هل يقفز المشروع الذي أعدته اللجنة النيابية الفرعية معدّلاً إلى الجلسة العامة للمجلس من دون المرور باللجان المشتركة كسباً للوقت؟ هي أسئلة راودت المعلمين والموظفين في اليومين الأخيرين، فيما بدا أنّ هيئة التنسيق النقابية ستسابق العمر القصير للحكومة، وستستعد كما قالت قياداتها للضغط باتجاه إقرار السلسلة في الأسابيع القليلة المقبلة، وقبل بدء دورة انتخاب رئيس الجمهورية في 25 آذار، أو موعد توقيف التشريع في المجلس النيابي.
الضغط لن يكون بالنزول إلى الشارع، فلا نية أصلاً باللجوء إلى مثل هذا الخيار راهناً، وقبل أن تأخذ الحكومة ثقة المجلس النيابي على وجه الخصوص، إلّا أنّ الهيئة تنوي رفع مذكرة مطلبية جديدة إلى رؤساء الكتل النيابية تتضمن ملاحظات القطاعات الوظيفية حول التقرير النهائي للجنة النيابية الفرعية ودراسة للسلسلة بالأرقام بهدف تعديل المشروع، وإنصاف كل المكونات التي يطاولها. وإذا كانت الهيئة ستضع السلسلة على النّار وفي رأس سلم الأولويات، فإنّ الهم الأمني ومطلب السلم الأهلي والوحدة الوطنية لن يتراجع، بحسب القيادات، بل سيسير جنباً إلى جنب مع العنوان الاجتماعي والاقتصادي، بما أن دوامة السيارات المفخخة لم ولن تنته بتأليف الحكومة. ستجتمع هيئة التنسيق في مقر رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي، عند الرابعة من بعد ظهر غد الثلاثاء، مع بعض هيئات المجتمع المدني للتشاور في ما ستقرره في العنوان الوطني.
أما بالنسبة إلى السلسلة، فيتحدث رئيس نقابة المعلمين نعمه محفوض عن وجهتي نظر، الأولى تقول بإحالة المشروع على اللجان النيابية المشتركة ودراسته بأسرع وقت ممكن بعد الأخذ بملاحظات النقابة والروابط تمهيداً لرفعه إلى الهيئة العامة للمجلس النيابي، وتؤكد وجهة النظر الثانية أهمية كسب الوقت بإحالة المشروع على الجلسة العامة مباشرة لكون عمر الحكومة لا يساعدنا. «القصة عند الرئيس بري وما فينا نعمل ولا خطوة، إذا ما شفناه».
لكن ما يخشاه رئيس رابطة موظفي الإدارة العامة محمود حيدر هو أن «لا نستطيع فعل شيء قبل إنجاز البيان الوزاري»، وإن كان يعتقد أن لا مبرر لمقاطعة جلسات المجلس النيابي ما دامت الحكومة العتيدة جامعة لكل المكونات السياسية في البلد. مطلوب، كما يقول، تفعيل الاتصالات واللقاءات مع القوى السياسية ورئيس مجلس النواب تحديداً من أجل الإسراع في تعديل المشروع بما يؤمن العدالة لكل القطاعات، وإحالته مباشرة على المجلس النيابي بعدما أشبع درساً وتمحيصاً.
رئيس رابطة أساتذة التعليم المهني والتقني إيلي خليفة يفضل إمرار السلسلة على اللجان المشتركة لتعديل المشروع على نحو «يلبي طموحاتنا كقطاع أساتذة» قبل أن تقر في الهيئة العامة.
هكذا كسر تأليف الحكومة الحلقة المفرغة على حد تعبير مسؤول الدراسات في رابطة أساتذة التعليم الأساسي الرسمي عدنان برجي. السلسلة يجب أن تكون في مقدمة اهتمامات المؤسسات الدستورية من حكومة ومجلس نيابي و«خصوصاً أنّهم يقولون لنا إنها حكومة للبنانيين، فهل هناك أولى من إزالة العبء الاجتماعي والاقتصادي عن الناس؟ وماذا لو عرفنا أن سلسلة الرواتب يستفيد منها أكثر من ثلث الشعب اللبناني، وتضخ أكثر من ألفي مليار في السوق؟». ستطلب الهيئة، بحسب برجي، زيادة عادلة لكل القطاعات، وخصوصاً أن كلفة الحفاظ على الحقوق المكتسبة للمعلمين (60% لقاء الزيادة في ساعات العمل) لا تتجاوز 80 مليار ليرة. وبينما يشير برجي إلى أننا «سنبقي على إعلاء صوت المجتمع المدني ضد الشحن السياسي»، يلفت إلى أننا «سنطلب موعداً قريباً من الرئيس بري لتحريك عمل اللجان النيابية».
تأليف الحكومة يجب أن يعيد الملفات الاجتماعية إلى الواجهة، وعلى رأسها سلسلة الرتب والرواتب، يقول رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب. ويطالب بدعوة اللجان النيابية المشتركة إلى الانعقاد في وقت قريب لإنجاز الملف بما يتوافق مع «المذكرة المطلبية والدراسة القانونية الجديدة التي أعددناها في ضوء تقرير اللجنة النيابية الفرعية، التي سنوزعها على كل الكتل السياسية في الأيام المقبلة»، وفيما ينفي غريب إمكان اللجوء إلى الإضراب قبل نيل الثقة، يؤكد أن «السلسلة لن تكون الملف الوحيد الذي سنتابعه مع الحكومة الجديدة، فهناك ملف السلم الأهلي والمباراة المفتوحة لتثبيت أساتذة جدد في التعليم الثانوي الرسمي ورفع أجر الساعة للمتعاقدين».
يشدد غريب على أن «مشروع السلسلة منته، ولا عودة إلى الوراء، وبقيت أمامه محطتان، هما اللجان المشاركة والهيئة العامة، وآن الأوان لإنهاء طريق الجلجلة».
أهتز التونسيون فرحاً وغبطة بعد الموافقة على دستورهم الثاني منذ استقلال البلاد في سنة 1956 (إلى درجة أن القيادي اليساري منجي الرحوي ارتمى في حضن غريمه النهضوي الحبيب اللوز، برغم أنه لم تمر سوى أيام قليلة على تكفيره إياه)، وتهاطلت عبارات الود والمحبة من كل مصر وبرّ (لم يجف حبر توقيع الرؤساء الثلاثة على الدستور، ليجدوا في رفوف مكاتبهم برقيات التهنئة مرسلة من بريطانيا وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية، مع هدية مفخخة عبارة عن قرض بنكي مقداره 450 مليون دولار من طرف صندوق النقد الدولي!).
الإعلان الدستوري الذي وُلد بعد عناء أشهر عدة من المناكفات والصراعات السياسية، أتى ليغلق خلفه حقبة عسيرة مرّت بها البلاد بعد ثورتها على نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. ويا للصدفة! ها هم نواب المجلس الوطني التأسيسي يوافقون في الوقت نفسه على تركيبة حكومة جديدة تترأسها شخصية لا يُعلم عنها أي انتماء حزبي سابق. وتأتي تزكية الحكومة الجديدة (التي قيل إن اسم رئيسها اقتُرح من طرف دول أوروبية) على خلفية أزمة سياسية عميقة أصابت البلاد إثر اغتيال الزعيم العروبي محمد البراهمي في 25 جويلية/ تموز الماضي. وبقدر ما يحق للتونسيين الشعور بحالة من الانشراح بعدما قطعوا الشوط الأبرز في المرحلة الانتقالية التي تسبق ارساء المؤسسات السياسية الديمقراطية القادمة، فإنه لا بدّ من إبراز بعض العناصر الايجابية التي وصلت بتونس إلى برّ الأمان، ولو على نحو وقتي. أول تلك العناصر، الدور المحوري الذي أدّته القوى العلمانية ومكونات المجتمع المدني في التصدي لمشروع حركة النهضة لأخونة المجتمع. فبعدما أغرتها نتائج انتخابات المجلس التأسيسي في 23 أكتوبر 2011 التي دفعتها إلى اعتلاء مرتبة الحزب الأكثر شعبية بالبلاد، تسرّعت حركة النهضة في أول مشوارها في الحكم من أجل استغلال الفراغ الرهيب التي خلّفه حلّ الحزب الحاكم السابق فور الثورة. فتوجه النهضويون لاحتكار الحكم وحدهم، تاركين نصيباً قليلاً من المناصب لحزبين صغيرين (حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، وحزب التكتل الديمقراطي) لم يتجاوز دورهما سوى تلميع صورة حركة النهضة دولياً. وضخت الادارة التونسية بأنصارها وأتباعها، واشترت ذمم بعض رجال الأعمال الفاسدين، وحاربت الاعلام بمختلف أصنافه، وفتحت الباب واسعاً أمام التيارات الارهابية والتكفيرية لترتع في البلاد دون رقابة. وهي سياسة أفزعت جميع القوى الحية في المجتمع، بما فيها تلك التي كانت حليفة لحركة النهضة ذات يوم (جبهة 18 أكتوبر للحريات في عهد بن علي، الذي جمع حركة النهضة وقوى علمانية ليبرالية ويسارية). المحطة الفارقة التي عجّلت في انجاز التغييرات السياسية الجوهرية التي تعيشها تونس، كان اغتيال البراهمي من طرف تنظيم أنصار الشريعة (صدفة أخرى، أن رموزاً معروفين من حركة النهضة شاركوا في أنشطة هذا الفصيل المصنف أخيراً، - أميركياً وتونسياً - تنظيماً ارهابياً). فمن حينها التقت جميع الفصائل التي لم يتخيل يوماً أنها تلتقي يوماً حول أجندة سياسية واضحة المعالم. فالاتحاد العام التونسي للشغل (المنظمة النقابية الأكبر في البلاد) واتحاد الصناعة والتجارة (المنظمة الأكثر تمثيلاً لرجال الأعمال والتجار) وعمادة المحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان (أعرق منظمة حقوقية في كامل القارة الأفريقية) اجتمعوا كلهم لإطاحة حكومة علي العريض النهضوية. اليوم بعدما تنفس الجميع الصعداء إثر التخلص من عبء فشل حكم وزراء غير مؤهلين لإدارة شؤون جمعية صغيرة الحجم، فما بالك بدولة برمتها، تجد تونس نفسها في خط الانطلاقة لمشوار جديد في حياتها الانتقالية. عندما نتمعن جيداً في كوكبة المتسابقين على ذلك الخط، ماذا نجد؟ هناك حركة النهضة المنهكة بصعوبة ادارة أمور العباد، وهي التي وجدت نفسها على فم المدفع تجاه حراك شعبي وجماهيري ضخم، تعددت مشاغله واهتماماته، بين مطالب بمحاكمة حركة النهضة على خلفية اغتيال القياديين المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، وأخرى ذات مسحة اجتماعية أو اقتصادية، وتلك المتعلقة بقضايا حماية الحريات العامة والفردية والتوقف عن الاعتقالات السياسية، كلها ملفات أرهقت حكام تونس الجدد، وقلصت بدرجة ملحوظة حجم المساندة الشعبية لسياستهم. على يمينها، يقبع حزب التحرير، الذي لا يفوّت الفرصة تمرّ دون أن يعبّر عن معاداته المرضية للعلمانيين، وها هو يضيف إلى قائمة معاركه الواهية، معركة جديدة شعارها ضرورة الغاء دستور «الكفار»! بينما تزدحم العديد من الفصائل اليسارية والليبرالية على شمالها، وكل واحد منها يغرّد على ليلاه. حركة نداء تونس التي تمنحها استطلاعات الرأي المتتالية موقعاً متقدماً في نيات التصويت يجرّ وراءه صراعا عميقا في داخله قد يحد من سرعة امتداده. فذلك الحزب الذي جمع في هياكله يساريين سابقين ونقابيين بيروقراطيين وأتباع الحزب الحاكم المنحل سابقاً، تحت لافتة الحفاظ على المشروع الحداثي للمجتمع التونسي، المهدد من طرف الإسلاميين، لم يقلع نهائياً عن بعض الممارسات والسلوكيات الحزبية، التي عُرفت عن التجمع الدستوري الديمقراطي. وهو مهدد في أية لحظة بالانفجار، ما لم يعمل على تجاوز تأليه قائده الباجي القائد السبسي، وعلى حياكة برنامج يتخطى مسألة الصراع حول هوية سكان البلاد. في مزيد من الشمال، تحضر مكونات الجبهة الشعبية التي تضم في صلبها أحزاباً يسارية وقومية متفاوتة الأحجام، يزداد نفوذها تدريجياً في الخريطة السياسية، برغم صعوبة تقبل جزء من نظرياتها لدى مجتمع محلي لا يزال ينأى بنفسه عن الأفكار اليسارية غير المتأصلة في وعيه. وفي انتظار أن تُطلق الهيئة العليا المستقلة للانتخابات شارة بداية السباق الانتخابي، تتعدد الأولويات التي يجب علاجها في ما تبقى من الفترة الانتقالية القادمة. أول تلك الملفات هو معالجة ارث الماضي، الذي لا يزال عالقاً إلى حد اليوم. فطبيعة الثورات التي تقوم على أنقاض أنظمة فاسدة، تضع على رأس أولوياتها محاسبة أولئك الحكام الذين استفادوا من مراكزهم للإثراء الشخصي. وبرغم مرور أكثر من ثلاث سنوات، لم ينل التعاطي مع هذه المسألة العناية المطلوبة. ربما الخلل يكمن في الجهاز القضائي المختل، الذي لطالما كان حزام حماية للفاسدين، أو ربما لافتقاد تونس منظومة قانونية ملائمة لمثل هذه النوعية من القضايا، لكن عملية الموافقة التي جرت أخيراً على قانون العدالة الانتقالية قد تسرّع في التعاطي السليم مع هذا الموضوع، وتطوي هذا الملف على نحو نهائي ودون رجعة. التحدي الثاني العاجل المطروح هو معالجة استفحال ظاهرة العنف الذي استفحل بين مختلف النشطاء السياسيين. منخرطون في ما سُمي زيفاً وبهتاناً «لجان حماية الثورة» (مجموعات اجرامية تتهجم على معارضين لحكم النهضة) اعتدوا في عدة مرات على اجتماعات حزبية ونقابية، دون محاسبة أو صد. وحضور هؤلاء دون رادع من شأنه أن يوفر كل عوامل التوتر التي تعفّن المشهد السياسي. التحدي الثالث، هو تحييد الادارة التونسية عبر مراجعة جميع التعيينات التي أجرتها حركة النهضة، منصّبة موالين لها في الأجزاء المفصلية منها. ومنع الدعاية الحزبية في داخل المساجد والمؤسسات الدينية التي يُفترض أن تكون بمنأى عن الصراعات الحزبية. التحدي الرابع، هو حماية المؤسسات المهتمة بتنظيم الانتخابات من اندساس أتباع وأنصار الأحزاب السياسية. هي مهمة صعبة لا محال، لكنها شرط أساس لانجاز انتخابات تتطابق مع المعايير الدولية في النزاهة والشفافية. لا أحد يشك في أن تونس لها الكثير من القدرة على أن تصبح النموذج الديمقراطي الذي يتوق إلى بلوغه جيرانها. وهذا المثال لن يتحقق ما لم تتشبع مختلف القوى الحزبية والاجتماعية، على نحو نهائي، بالقيم الديمقراطية وبالحرية.
* صحافي تونسي
مرسيل خليفة
في هذا اللقاء الحميم في المعهد الموسيقي الوطني، ليتني أجد معكم مقعداً للحنين على وقع الأوركسترا الوطنية وكورال سيدة اللويزة، وليتني أقدر على أن أجعل الحلم قنديلاً يؤرجح ظلالكم. ما يعنيني في أمسية اليوم القدرة على إعادة الدهشة من جديد، عبر الرحيل مع الطيور الصادحة إلى أفق بعيد، واضح المعالم مع تلك الأقاصي الزاخرة، رغبة في التعبير عن فرح غامض، عن سعادة وسط هذا الظلام الدامس، علنّا نستطيع تغيير هذا الواقع، واستبدال فوضاه بإيقاع الموسيقى.
ليس سهلاً الكلام عن الموسيقى، بمعزل عن حالنا العامة؟ كيف نستطيع تحريض الناس على الفرح لا الغياب، على الحياة لا العدم وهناك حروب صغيرة وكبيرة ومحاولات مقصودة ومنظمة لإرهاب كل أشكال الفكر والثقافة، وقمع كل مسعى إبداعي. الثقافة الحرة، الرافضة، للامتثال هي المستهدفة. لا تكون ثقافة، الا متى كانت حرية، الحرية للثقافة شرط وجود أو هي بهذه المثابة. الحرية للمثقف، كالفضاء الفسيح للطائر، كالماء للسمكة، كالتربة الخصبة للمزارع. الحرية لا تقاس بالمقادير ولا تخضع للتكميم الحسابي (من الكم). في تقييدها بالحدود حط وزراية بمعناها. وكما أن الطائر لا يملك أن يحلق في القفص، والسمكة لا تملك أن تسبح في زجاجة الزينة المنزلية، والمزارع لا يملك أن يزرع في الرمل، كذلك لا يكون في وسع المبدع المحجوز بأصفاد المنع أن يبدع بالمعنى الحقيقي للإبداع، المعنى الوحيد له للتعبير النظيف عن العالم والذاكرة والوطن والحياة.
■ ■ ■
أصدقائي طلاب واساتذة المعهد الموسيقي، اعبروا بثقة الطريق، وبخطى الواثق، مقتحمين مجاهل ومناطق معتمة، باحثين عن نقطة ضوء صبوح. أتخيلكم تتابعون التحصيل، وتواصلون سرد القصة كي تذهبوا الى الحلم، وتجلبوا وردة المستحيل لتكون زاداً لكم ولمستقبلكم. ومن أي قلب أبوح لكم اليوم بحبي. منذ 30 سنة، كنت هنا معكم قبل طردي وإقصائي عمداً من هذا المعهد الذي نحن فيه الآن. حملت أمتعتي وعودي ونوتاتي وقصائدي واغنياتي وذهبت في رحلة فنية الى المستقبل الغامض (أحبه غامضاً دائماً) وظلّ الحلم يراودني كل ليلة أن أعود إليكم وأحيي أمسية في ربوعكم. أمنية مجيئي اليكم تضاهي الولع، وذلك اعترافاً بجمال روحي الذي يزخر في الاعماق. ومرّت الأيام، وحاولت ألا أشعر بذلك الزمن الفيزيائي الذي يتلاشى في الجسد وما زلت أنتظر هذا اللقاء ليل الخميس 13 شباط. هل تستطيع أمسية موسيقية على أرض المعهد الموسيقي الوطني أن تخلّصني من ثقل أشياء عديدة ترمي بوزنها على الذاكرة، كما على الجسد والروح؟ كأن سنين الحياة تهرب ونحاول أن نلتقطها، أن نستوقفها، ونستدعي كل شيء مجدداً لنروي في رنينها وإيقاعها قليلاً من المعنى لهذه الحياة. وليست علاقة الانتماء التي تربطني بالكونسرفاتوار تلميذاً واستاذاً، سوى واحد من عناصر عديدة أعتز وأمجد بها حياتي بلا تردد. ربما الحياة ستخلو من المغزى إذا خلت من هذا الانتماء أو من هذه العاطفة وافتقرت الى الحب، لانني أرى مع الانتماء سلوكاً انسانياً في الدرجة الأولى. في المعهد الموسيقي لا أستطيع أن أرى حدوداً، أراها مفتوحة على كل الاحتمالات، وأرغب في أن تصدقوني بأنني أطمح إلى أن أتوصل الى ممارسة حريتي الى أقصاها، وأن أحقق أمنية ذات يوم بأن ننقلب على الموروث البالي، وأصبح واحداً منكم وبينكم، كأن في الموسيقى من الأحلام، ما يكفي لايقاظ العالم. أصحو اليوم على غيم طفيف يزين غربتي في صباح مدينتي. أفتح نافذتي على شمس متوّجة كسيدة الليل قبل النهار، وأغور عميقاً بذاكرة الطفولة وأطلّ بلمح البصر على مقاعد دراستي هنا. أسمع الاستاذ الكبير فريد غصن يدندن على عوده ويهمس بمقام «الصبَا» الحنون. يتحسس أجنحته الكثيرة، يبرأ بها من أقاليم أقلّ من ابجديته. يجعل ثقته في الريح، يخرج من الماء العابث مثل شجرة تطلع من سهرة المطر مغسولة ومشبوقة. لا يتسع قلبي لنقرة عوده، لمطره الاخضر، لمقاماته فتعانق الروح. فتحت صباحي شمس ساطعة في شرفة شاسعة تسع الحب كله. وليس لي غير أن ابدأ الحلم باكراً وأسأل ذلك العاشق الأبدي ـ أين نصيبي من الشمس اليوم؟ ـ ليس للشمس سرير، لها أفق تأخذنا اليه. ليس للشمس سرير سوى البحر. ليس لك أن تسمى زرقة القلب سوى كتاب الشمس في ليل هذا العالم، غيمة من شرفة الموسيقى. إن للشمس اسماً واحداً هو في جسر الحب، جوهرة الطريق. وكانت نبرته الصافية ترنّ في ذاكرتي عندما أحاول أن أحبو على سلالم عوده العتيق. ـ لا تصدق الكلام، ضع ثقتك بأحلامك وددت لو سألته قبل أن يعود الى سمائه الاولى: كيف تغفل شمس عن اطفالها الموشورين بين الجليد والجحيم وتهنأ بالنوم؟ لكنه رحل مسرعاً مع تلك الطيور العاصية الى ذلك الافق البعيد ليلامس نور الاقاصي. ليلتها لم أذهب الى النوم وحدي، كانت الاحلام في انتظاري. والحب ـ الحب ليس أقل من هذا درساً للعالم، والحرية ـ الحرية وطن الطائر.
الكلمة التي القاها مرسيل خليفة أول من أمس خلال المؤتمر الصحافي للحفلة التكريمية التي تقيمها الاوركسترا الوطنية اللبنانية الليلة (20:00) في الاونيسكو ـ
انطلق «الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين» مع عدد من الاتحادات النقابية وهيئات المجتمع المدني في الإعداد لعقد «المؤتمر النقابي الأهلي المدني». الهدف هو التأسيس لحراك واسع في مواجهة «الأزمات» و«الانقسام السياسي الحاد» والتصدي للتدمير المنهجي للدولة ومؤسساتها. المؤتمر التأسيسي سينعقد تحت شعارات صون السلم الأهلي والمصالح الاجتماعية ــ الاقتصادية لغالبية المواطنين
فراس أبو مصلح
انسحب «الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين» من الاتحاد العمالي العام، إثر تواطؤ الأخير مع أصحاب العمل على إمرار التصحيح الجزئي الأخير للأجور. حاول الاتحاد الوطني العمل مع الكثير من الاتحادات العمالية المنضوية في إطار الاتحاد العمالي العام من أجل تفعيل العمل النقابي المستقل، لكن العدد الأكبر من هذه الاتحادات «ليس في وارد المواجهة»، يقول كاسترو عبدالله، رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين، الذي لم ينسَ الإشارة إلى انتهاء مدة ولاية المكتب التنفيذي للاتحاد العمالي العام منذ حزيران 2011، من دون إجراء انتخابات جديدة.
يستذكر كاسترو مشاركة الاتحاد الوطني مع قوى مدنية عدة في تحركات مطلبية متنوعة، مثل «حملة إسقاط النظام الطائفي في لبنان»، التي كان مركز الاتحاد مقراً لها، وتحركّات «هيئة التنسيق النقابية» للمطالبة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب وانتزاع الحق بالتنظيم النقابي، وتحركات طياري الـTMA، وموظفي الـLBC المصروفين من العمل، والمياومين في مؤسسة كهرباء لبنان، وصيادي الاسماك في بيروت والجنوب. ويقول «أنشأنا أول نقابة للعاملات في الخدمة المنزلية، من لبنانيات وأجانب، ولم نتقدم بترخيص لذلك، استناداً إلى شكوى تقدم بها الاتحاد الوطني إلى منظمة العمل الدولية، يرى الاتحاد فيها أن الاتفاقيات الدولية التي يلتزم بها لبنان تضمن حق التنظيم النقابي من دون الحاجة إلى موافقة مسبقة أو لترخيص». قد يوحي كلام كاسترو عبدالله بنشاط نقابي لافت، وهو ما لا تعكسه الوقائع، إذ إن حضور الاتحاد بقي متواضعاً في كل هذه المعارك. ما قصده من هذه «الذكريات» هو التعريف باتحاده على أنه «اتحاد عام»، أي إنه ليس اتحاداً قطاعياً، وبالتالي فهو معني بالمعارك المختلفة التي تُخاض، من الزراعة إلى الإدارة العامة والجامعة الوطنية والتدريب المهني والسلم الأهلي، وكل ما يتصل بأمن المواطنين وحقوقهم ومصالحهم... و«من هنا تفرض الحاجة الموضوعية إنشاء تحالف مع قوى المجتمع المدني الحية وجمعيات الطلاب والهيئات النسائية والبيئية وتلك المختصة بمحاربة الفساد، فضلاً عن موظفي القطاع العام»، يقول عبدالله. بادر الاتحاد الوطني إلى إنشاء لجنة تحضيرية «للمؤتمر النقابي الأهلي المدني» تحت شعارات الدفاع عن السلم الأهلي ومصالح المواطنين الاجتماعية والاقتصادية، وسيُحدد تاريخ انعقاد المؤتمر في وقت قريب. يقول عبدالله إنه تم الاتفاق على «المؤازرة المتبادلة» بين الأفرقاء الداعين إلى المؤتمر، وتنظيم حملات مشتركة تحت شتى العناوين الاجتماعية والاقتصادية السالفة الذكر. هناك توجه «لتوسيع دائرة» المشاركين في الحراك، إذ ستتم دعوة محامين وأطباء وناشطين و«كل العمال والموظفين والمخلصين» لمشاركة الأطراف الرئيسية المنظمة، وأبرزها اتحادات «الوطني» وعمال البناء وعمال صناعة الأغذية وعمال البقاع، والتي انضم إليها أخيراً «الاتحاد العام للنقابات الزراعية»، إضافة إلى «اللجنة التأسيسية لنقابة موظفي القطاع العام»، ونقابة صيادي الأسماك، واتحاد الشباب الديمقراطي، و«الجبهة الطلابية»، والحركة الاجتماعية _ تيار المجتمع المدني، ولجان حقوق المرأة، وجمعية ديمقراطية الانتخابات، وغيرها من النقابات والجمعيات والهيئات. ويشدد عبدالله على حاجة الحراك إلى دعم كل هؤلاء، داعياً إياهم إلى «رفع الصوت» والمشاركة الفاعلة في الحراك. «العلاقة مع هيئة التنسيق النقابية جيدة. كنا إلى جانبهم، وسنبقى»، يقول عبد الله، واعداً بأن تكون المجموعات المكونة لهيئة التنسيق جزءاً من الحراك الذي يساهم في تنظيمه، آملاً أن يشارك هؤلاء «في إطار نقاباتهم» التي يتمنى تشكيلها في وقت قريب. يعاني «العمال والموظفون وذوو الدخل المحدود» على وجه الخصوص من «الأزمات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية المتلاحقة»، التي تتحمل مسؤوليتها «سياسات الحكومات المتعاقبة» التي «تنهب خيرات الوطن» وتتسبب بالانقسامات السياسية الحادة وتمزيق النسيج الاجتماعي، بحسب بيان «اللجنة التحضيرية للمؤتمر النقابي الأهلي المدني». تعلل اللجنة دعوتها إلى المؤتمر بـ«استمرار الطبقة الحاكمة في تآمرها على القطاعين العام والخاص»، و«ضرب الحركة النقابية والقطاعات الإنتاجية»، ما أدى إلى «انهيار البلاد بكل إداراتها ومؤسساتها الخدماتية»، وتفشي الفساد، «وشلل المؤسسات العامة، (كمقدمة) للاستيلاء على الثروة النفطية والغازية». تدعو اللجنة التحضيرية إلى «مواجهة هذا النهج الخطير، صوناً للسلم الأهلي ودفاعاً عن حقوق العمال والمستخدمين والموظفين وكافة فئات المجتمع المدني والشعب اللبناني»، عبر حشد القوى الحية في المجتمع لانتزاع الحق في الاستقرار الأمني، والمشاركة في الحياة السياسية، والحق في فرص العمل والاستقرار الوظيفي، والحق في التنظيم النقابي لكل العاملين في القطاعين العام والخاص، والحق في السكن والتغطية الاجتماعية والصحية الشاملية والتعليم الرسمي «الراقي»، والحق في «قانون مدني عصري وعادل للأحوال الشخصية، وإقرار حق المرأة اللبنانية بإعطاء الجنسية لأولادها». وتدعو اللجنة كذلك «الدولة اللبنانية» بمؤسساتها كافة إلى رعاية اللاجئين «بما يليق بإنسانيتهم وبما تنص عليه شرعة حقوق الإنسان». هدف المؤتمر بإيجاز، بحسب بيان اللجنة، «الدعوة للتحرك لإعادة بناء دولة المؤسسات والقانون، من خلال وقف الخصخصة ورفض التعاقد الوظيفي وملء الشواغر في ملاك الإدارات العامة من الأجراء والمتعاقدين والمياومين»، وإقرار سلسلة الرتب والرواتب، وشمول جميع الأجراء والموظفين بمفاعيلها. تلتقي دعوة الأطراف الممثلة في «اللجنة التحضيرية» مع دعوة هيئة التنسيق النقابية «للدفاع عن السلم الاهلي والوحدة الوطنية وتشكيل الحكومة وتسيير المؤسسات الدستورية ومعالجة الملفات الاجتماعية». وقد أعلنت هيئة التنسيق تلقّيها للعديد من الاتصالات «من اتحادات نقابية وهيئات مجتمع مدني مرحبة بهذه الدعوة ومبدية الاستعداد للمشاركة» في أي تحرك تقوم به الهيئة في هذا الإطار. ستشارك هيئة التنسيق النقابية في «المؤتمر النقابي الأهلي المدني»، فـ«لا مسارات منفصلة ما دام العنوان واحداً»، يقول عضو هيئة التنسيق حنا غريب، و«مبادرات اللجنة التحضيرية وهيئة التنسيق تصبّ في الاتجاه نفسه، وستتوحد هذه المبادرات في مسار الحراك، إن لم يكن في بداياته». غريب يفضّل توحيد جهود كافة الأطراف منذ بداية الطريق.
إقفال قضية رولا يعقوب، كما حصل، زادت الأسئلة بدلاً من الاجابة عمّا كان مطروحاً منها. لم يعد الأمر يقتصر على «عنف أسري» تحوّل الى قضية «رأي عام»، بل تجاوز ذلك الى نقاش الإجراءات القضائية التي يفترض أن تؤدّي الى «العدالة»، سواء كان الحكم بالبراءة أو الإدانة
راجانا حمية - الاخبار
تقول مصادر مطّلعة إن محاضر التحقيق الأوّلي في قضية مقتل رولا يعقوب فيها أدلة وشهادات عدّة لم تظهر الكيفية التي تم التعامل معها للتثبت من مدى صدقيتها، في حيثيات القرار الصادر بتاريخ 25/1/2014 عن قاضي التحقيق في الشمال، الذي منع محاكمة المدّعى عليه ك. ب. لجهة ما أسند اليه بخصوص التسبب في موت زوجته، وذلك لعدم كفاية الدليل.
تشرح هذه المصادر أن الأدلة المادية تتضمن عصا مكسورة وخصلة شعر وجدتهما الأدلة الجنائية عند معاينتها منزل الضحية، وتتضمن أقوال الشهود المتباينة في مسائل عدة. وتحرص هذه المصادر على القول إن وجود هذه الأدلة وأقوال الشهود لا يعني إدانة المدعى عليه بالضرورة، إلا أن عدم الوضوح في كيفية التعامل معها يدفع الى إثارة أسئلة كثيرة في شأنها كان يفترض أن يجيب القرار الظني عنها. العصا هي نفسها «عصا الممسحة اللي ضرب بها البابا الماما»، كما ورد في شهادة الشاهد م. ي. نقلاً عن ابنة الضحية، البالغة من العمر 3 سنوات. هذه الشهادة لم يأت على ذكرها القرار، ولم يأت على ذكر الإجراءات التي اعتمدت لإهمالها، فهل استمع المحقق الى هذا الشاهد؟ وهل غيّر الشاهد أقواله مثلاً؟ لا يوضح القرار الظني هذا الأمر. يقول الشاهد نفسه إنه «لدى سؤالي إحدى بنات رولا، عمرها حوالى ثلاث سنوات، عمّا حصل، أعلمتني أن والدها أقدم على ضرب والدتها بالعصا». إلا أن المدّعى عليه نفى في إفادته أمام المحققين أن يكون ضرب زوجته بهذه العصا في ذاك اليوم، يقول المحقق في أحد محاضر التحقيق: «أثناء عرض العصا مع الممسحة على ك.ب. تعرّف عليها على الفور، وأخبرنا أنه هو الذي كسرها بيديه وبواسطة ركبته». يروي الزوج في إفادته أنه «عند الساعة 17 من بعض الظهر، وبوصولي إلى المنزل، سمعت شجار زوجتي وأولادي في ما بينهم، واستفسرت عن السبب، فثبت لي أن زوجتي كانت مستاءة من تصرف ابنتينا الكبيرتين اللتين لم تساعداها في العمل المنزلي والاهتمام بأخواتهما الصغار، وعرفت أنها قامت بضربهما بواسطة عصا الشفاطة، وهنا ثارت ثائرتي لقيامها بضرب الفتاتين، وبدأت بالصراخ على الجميع، وكسرت العصا التي ضربتهما بها (…)». ويتابع إفادته: «انتهى الموضوع عند هذا الحد. وبعد 45 دقيقة، وبعد الانتهاء من الاستحمام، كانت طفلتاي الصغيرتين غايل وغريس تلعبان سوياً وتصرخان، مما أدى إلى استيقاظ شقيقتهما الرضيعة، فذهبت زوجتي للاهتمام بها، وأثناء انتقالها من غرفة النوم إلى غرفة الجلوس نادتني وهي بحالة إعياء شديد، حيث وضعت الطفلة على الصوفا وسقطت أرضاً (…) وهنا خرجت ابنتي غلاديس وأخذت تصرخ خارج المنزل. وفيما كنت أنا أحاول نقلها إلى السيارة، حضر المدعو ط. ح.، وهو شرطي في بلدية حلبا، وشقيقه وشخص ثالث وساعدوني على نقلها إلى السيارة». أقوال الوالد أيّدتها ابنته غابريال بقولها للمحققين «عمل والدي على كسر العصا»... ولكن لا تؤكدها الابنة غلاديس التي قالت «إنني لم أشاهد والدي يقوم بكسر العصا الخشبية». الشهود أجمعوا في إفاداتهم على «مساعدتهم لإخراج الزوجة من المنزل إلى سيارة كرم». ما عدا ذلك، أفاد هؤلاء بأنهم لا يعرفون «شيئاً عن الوضع العائلي أو الزوجي»، وقال الشاهد ط. ح. في إفادته «لا أعرف شيئاً عن الموضوع الذي حصل ولم أسمع أي شيء وليس لدي أي شيء أقوله». الابنتان غلاديس وغابريال أدلتا بشهادتيهما أمام المحققين بعد يومين على الحادث، بحضور مندوبة الأحداث... وبحضور عمتهما ك. ب.، شقيقة المدّعى عليه! عند السؤال عمّا جرى بعد استيقاظ الرضيعة مثلاً، أشارت غابريال في إفادتها إلى أنه «حصل صراخ بين والدي ووالدتي، وقال انتهى الموضوع وجلس في غرفة الجلوس. دخلت والدتي إلى غرفة النوم ثم صرخت ووقعت على الأرض». يوجد تفصيل مختلف بين شهادتي الوالد وابنته يتعلق بمكان سقوط الأم. أجابت غلاديس المحقق عندما سألها عن علاقة والدها بوالدتها، فأشارت إلى أنه «يقوم والدي بالتعصيب على والدتي في المنزل ويقوم بتكسير بعض الأشياء في المنزل، وعندما يكون بحالة عصبية يتشاجر مع والدتي، وعندما كان يضربها كانت والدتي تصرخ وتقول له لا تضربني أنا لست عبدة عندك، وكان يحصل بينهما شجار من وقت الى آخر تقريباً مرة في الشهر». الشاهد م. ي. يقول في إفادته «نزلت فوراً الى منزل ك. ب. بعدما سمعت صريخاً، فوجدت شخصين من آل حمد مع الزوج يحاولان نقل رولا الى الخارج وهي بحالة غيبوبة وممددة على الارض، وشاهدت آثار عنف على يدها اليمنى، كما شاهدت عصا خشبية خاصة ممسحة مكسورة وآثار تحطم زجاج ومياه داخل غرفة الجلوس، ولدى سؤالي إحدى بناتها قالت لي إن والدها ضرب والدتها (…) وبعد حوالى 10 دقائق على نقل زوجته الى المستشفى عاد ك. ب. إلى المنزل، فسألته عن سبب عودته بهذه السرعة وزوجته في المستشفى على هذه الحال، أجابني عدت لرؤية الأولاد، وأدخلهم إلى الغرفة، وبقي معهم حوالى 3 دقائق، ثم غادر المنزل ولم أعرف وجهته». ك. ب. أفاد بأن عودته إلى المنزل كانت «لإحضار الهاتف الخلوي الذي يحوي كل الأرقام التي أحتاج إليها». الشاهدة ف. خ. تشير إلى أنها عندما علمت بنقل رولا إلى المستشفى ذهبت إلى منزلها لتطمئن على الأولاد «وبوصولي إلى هناك شاهدت ابنتها الكبرى تبكي، عندها أخذتها إلى الحمام وسألتها عن الموضوع، فقالت لي إن والدها أقدم على ضرب والدتها بالشفاطة، وطلبت مني عدم التحدث بذلك لكون والدها هدّدها قائلاً إذا بتقولي لحدا بدي اقتلك». كان ذلك قبل يومين من الاستماع الرسمي إلى شهادة الطفلة. ماذا عن خصلة الشعر؟ المحققون عرضوا على الزوج «عيّنة من الشعر الموجود، ولدى الطلب منه تحديد عائديته تردّد، وذلك لجهة تحديد اللون بين أسود وكستنائي، مشيراً إلى أن لون شعر زوجته أسود، كذلك لجهة شكل الشعر لكون شعرها مجعداً، وبالتالي استبعد أن يكون هذا الشعر عائداً إلى زوجته». عند هذا الحد اختفى أي ذكر للدليل المتمثل في خصلة الشعر، ولم يتبين ما إذا كان خضع لأي فحص علمي للتأكّد ممّا إذا كان يعود للضحية أو لا. يقول المحامي نزار صاغية في مقال نشرته «المفكرة القانونية» تعليقاً على المسار الذي أخذته قضية رولا يعقوب: «إن من يقرأ القرار الظني يلحظ خلوّه من أي إفادة أو حجة، وبشكل أعم من أي دليل ناف للبراءة، رغم توافر أدلة كثيرة في هذا الاتجاه. وقد بدا بذلك كأنه يأخذ من الملف كل ما من شأنه إثبات البراءة، مهما ضعفت مصداقيته، ويتجاهل كل ما عدا ذلك مهما كان علمياً وموضوعياً. فلا يصار قط (أقلّه في القرار) الى الموازنة بين أدلة البراءة وأدلة الإدانة، ويُوجّه قارئ القرار الى الموافقة على النتيجة التي خلص إليها من دون تمكينه من تكوين اقتناع موضوعي مستقلة».
تعليق | قضيّة منال: إنّي أتّهم
ضحى شمس
1- القاتل
لا. لم يكفه أنه قتلها بجرعات عنف على مدى 15 عاماً، ثم تزوج عليها، ثم ضربها ضرباً مبرحاً، وأحرقها وخنقها أمام والدتها، ثم منع عنها 3 فرق إسعاف، منع الجيران، وحبس الأهل، ثم سحلها مدماة ومغمى عليها أمامهم وهم يتوسلون إليه أن يتركها، ليسمح، بعد «مشوار» ساعتين مع شقيقها بأن تنقل الى المستشفى حيث توفيت بنزف داخلي.
لا، لم يكفه كل هذا، فها هو يحاول بعد دفنها بأيام، أن يطعنها مرة أخرى، ولكن هذه المرة في شرفها، ليبرّر جريمته! كم مرة قتل محمد النحيلي منال؟ لا يصدق! حقيقي ولا يصدق. هكذا علمنا أن زوج منال عاصي، سلم نفسه في عطلة الأسبوع الماضي الى السلطات بناءً على نصيحة محاميه. سلّم نفسه نادماً؟ مستهولاً ما فعله؟ أبداً. بل بعدما أمّن «منفذاً قانونياً» من «حبل المشنقة»، بحياكته «رواية» تهدف إلى إيجاد أعذار تخفيفية لجريمته التي، لو حكم بسببها حتى بالإعدام، فإن الناس لن يشعروا بأنه نال قصاصه العادل! هكذا، و«للمصادفة العجيبة»، وفي التوقيت ذاته الذي سلم فيه المجرم نفسه للسلطات متهماً زوجته التي قتلها للتوّ بالزنا، سلّم شخص آخر نفسه للسلطات المعنية على أساس أنه ... عشيق منال! من ادّعى عليه ليسلّم نفسه؟ كيف يتهم نفسه و ... القتيلة، بجرم الزنا، من دون أن يكون هناك أي دعوى مرفوعة عليه؟ هل هناك فضيحة أكبر من هذه؟ هل هناك أوضح من هذه المحاولة لتضليل العدالة والهروب من القصاص؟ نعم هناك: هذا المجتمع الذي أنجب محمد النحيلي، سوف يحميه بهذه الرواية. أي عقاب قليل على هذا المجرم، حتى لو طبقنا مبدأ العين بالعين، فلن يكفي جسد محمد النحيلي بكامله لاستيفاء دين منال.
2- القتيلة
لا. لم يكفها أنه ضربها على مدى سنوات زواجهما. ظلت تحبّه. ثم تزوج عليها فغضبت وضربها، سكتت وظلت تحبّه. ثم عشق وهجرها، فشتمت العشيقة وكرهتها، أما هو؟ فظلت تحبّه. أراد الزواج بثالثة، ثارت عليه فضربها. لكنه، وقد اعتاد منها الخضوع، وأن تظلّ تحبه بعد كل «حفلة»، كونها تعتقد كما ربوها بأن الرجولة في ما يقوم به، استرسل في ضربها. هل كان يستشعر لذة مريضة في ذلك؟ وهي؟ كيف تحتمل كل هذا الضرب؟ بم تحسّ حين يضربها؟ ربما تظن أنه يحبها. وأنه لولا ذلك لما رفع يده عليها. الضرب علامة الاهتمام؟ هكذا تظن بعض النساء. هل كانت منال تعتقد بذلك أيضاً؟ لا أعرف. ولكن ما أعرفه أنه لا مبرر لسكوتها. ربما تفاقم الأمر في المرة الأخيرة لأن هذا الإيمان بأن زوجها يضربها لأنه يحبها اهتزّ مع إعلان رغبته في الزواج بثالثة. هنا، ربما تكون قد فهمت أخيراً بأن الضرب ليس علامة الحب، لكن الوقت كان قد فات. ماتت منال.
3- إني «أتّهمنا»
كان كلما ضربها، تهرب الى أهلها، فيتدخلون بخجل، يذكّرونه بالدين وبالرأفة، وتارة يذكّرونها هي بالجرصة والفضيحة والأولاد. كأن ضربها على مسمع ومرأى من الجيران ليس جرصة: طبيعي، «رجّال طالع خلقه على مرتو شو خصّنا؟». تفاهم بين الرجال في مجتمع مريض بالذكورية. ذكور خائفون على رجولتهم المهانة بالفقر والبطالة وهشاشة المجتمع، يتضامنون في ما بينهم. هكذا، اجتاحته تلك النوبة من العنف. العنف مسكر كالكحول، وخاصة إن كان مطلقاً بدون مقاومة، تعاطي العنف يوصل الى نوع من النشوة تماماً كالمخدرات، انتشى المجرم بغضبه و ... خضوعها. الخضوع، عكس ما تظن النساء، مادة تؤجج نار الغضب، هكذا، أحبّ أن يطوّر المشهد الذي كان بطله، تفنن: اتصل بأمها وأختها: تعالي خذي بنتك عالقبر أنا قتلتها. جاءتا. فأعاد ضربها أمامهما وهي مغمى عليها. ثم حبس الأم في الغرفة مع ابنتها التي كانت تحتضر. صدّ توسلات الأم وسيارات الإسعاف الواحدة بعد الأخرى. لا أحد يحاسبه: لم لا يفعل أكثر؟ الجيران الذين أطلّوا من شرفاتهم على صوت شقيقتها المستغيثة، فضّلوا عدم التدخل. «بكرة بيرجعوا مع بعضن، ومنطلع بسواد الوج». هكذا قالوا ربما، أو ربما قالوا «يا داخل بين البصلة وقشرتها ما بينوبك إلا ريحتها». الجيران خائفون: بمن يتصلون في دولة شريعة الغاب؟ اتصلوا بالدرك، لكن أحداً لم يات. جاء شقيقها. ترك أخته في الداخل مقفلاً عليها مع الوالدة، وأخذ صهره القاتل لـ ... «يروّقه»، وأقنعه «بعد ساعتين» بأن يتركهم يأخذوا أخته الى المستشفى. كيف لم يقتله؟ كيف لم يقتله أحد منهم؟ لا أعرف! ليس محمد النحيلي وحده القاتل. ولا المجتمع الذكوري وحده، وحتى القتيلة ليست بريئة تماماً. أما البرلمان الذي يحاول التملص من قانون العنف الأسري كما يجب أن يقرّ، فهو المسؤول الأكبر. وبانتظار ذلك، سنفعل كل ما بوسعنا لكي لا يساهم القضاء، عبر بعض أجهزته، بقتل منال مرة أخرى، وذلك بالسماح لقاتلها بالنفاد من العقوبة بروايته الأخيرة عن شرفها. لا. هذه الطعنة لن تصل إلى جسدك يا منال.
تتبّعت سارة إرفينغ في عملها «ليلى خالد ـ أيقونة التحرر الفلسطيني» (المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ تعريب عبلة عودة) المسار الثوري لهذه المرأة منذ ترحيلها من فلسطين عام 1948حتى اليوم. نصف قرن من النضال على مختلف الجبهات من المقاومة المسلّحة ضد العدو الاسرائيلي إلى النضال النسوي والسياسي في عمان
روان عز الدين – الاخبار
عندما سأل القيادي والمناضل وديع حدّاد (1927ــ 1978) ليلى خالد (1944) عمّا إذا كانت مستعدّة لخطف طائرة، ضحكت طويلاً. لم تمتلك الشابة العشرينية حينها القدرة على تخيّل هذا النوع من العمليات، ولم تكن تعرف وقتها أنّها راكمت تجربة نضالية فطرية ستحوّلها رمزاً مهماً في الصراع مع إسرائيل. تتبّعت سارة إرفينغ في كتابها «ليلى خالد ــ أيقونة التحرر الفلسطيني» (المؤسسة العربية للدراسات والنشر ــ تعريب عبلة عودة) تطوّر المسار الثوري لليلى خالد منذ ترحيلها من فلسطين عام 1948حتى اليوم.
سيرى القارئ أن حياة ليلى خالد لم تخضع يوماً للازدواجية بين عملها النضالي وتجربتها اليومية. في العمل الذي صدر بالإنكليزية عام 2012 عن دار Pluto Press (لندن) قبل أن ينقل أخيراً إلى المكتبة العربية، أعادتنا الكاتبة البريطانية إلى حيفا 1948 وعمليات التهجير الممنهجة التي طالت أبناءها. في ذلك العام اختبأت ليلى خالد الطفلة تحت الدرج، حين كانت العائلة تهمّ بمغادرة فلسطين إلى مدينة صور (جنوب لبنان). أمّنت صاحبة «غزة تحت القنابل» خلفية سياسية وتاريخية مهمّة للمناخ الذي نشأت فيه خالد. وانطلاقاً منه، ستدشّن حياتها النضالية. عزز مناخ الأسرة وعي ليلى السياسي والاجتماعي: تشدُّد أمها التي كانت تمنع عنهم المشاركة في الأفراح خارج بلدهم، وانخراط والدها اللبناني في النضال في حيفا تزامناً مع النكبة، وأحاديث إخوتها وأخواتها المنتمين إلى «حركة القوميين العرب». أما طفولتها داخل صور، فقد شهدت أيضاً أحداثاً عززت لديها الوعي لحالة الفلسطينيين المعدمة، خصوصاً بعدما وقعت خيمة على رأسهم عام 1952 كانت تشكّل مدرسة اللاجئين الفلسطينيين. في الـ14 من عمرها، اعتادت ليلى الخروج في التظاهرات، وتوزيع المناشير، ونقل الطعام إلى المقاتلين في الصفوف الأمامية. وهذا ما سيمنحها لاحقاً عضويتها الكاملة في «حركة القوميين العرب» وهي في بداية مراهقتها أواخر الخمسينيات، قبل أن تنتقل لاحقاً إلى صيدا لدراسة البكالوريا. هناك، التقت بمعلمة أميركية أفريقية، وإحدى تلميذات مارتن لوثر كينغ، كانت مدخل هذه الطالبة إلى تعرّفها إلى التمييز العنصري، وفهمها الفرق بين اليهودية والصهيونية. كان لهذا اللقاء أثر على تطوّر وعي ليلى تجاه الاحتلال، وتحويله إلى وعي واسع وأشمل للظلم. السيرة المفصّلة التي أعدّتها إرفينغ عبر سبعة فصول من خلال المراجع، ومقابلات مع ليلى خالد وآخرين، تحاول الابتعاد عن التصنيفات التي ألصقها الإعلام وبعض الكتب بليلى خالد، أكان لناحية المؤلّفين والمناضلين العرب الذين يكتفون بتقديسها كأيقونة من دون الإلمام بتاريخها، أم للذين صنّفوها كـ«إرهابية» في الإعلام الغربي. تكشف إرفينغ الحجاب عن الوجه الثاني لعمل خالد النضالي وتضعه على بساط البحث والتحليل الشامل بعد مرور هذه السنوات. تمرّ بنا على أمكنة ليلى خالد من حيفا إلى صور مروراً ببيروت والكويت والأردن ولندن والاتحاد السوفياتي ومخيم اليرموك ومن ثم عمان مجدداً وأخيراً. تؤرّخ إرفينغ سيرة كل مناضل تفرّغ للقضية الفلسطينية وقلب مقاييس المعارك مع الإسرائيليين منذ الستينيات. تتوقّف الكاتبة المهتمة بالقضية الفلسطينية عند مرحلة الستينيات التي أدّت إلى ولادة «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» المنبثقة عن «حركة القوميين العرب» عام 1967، وانضمام خالد إلى فرع «العمليات الخارجية» في الجبهة. في ذلك الوقت، بدأت تتبلور رؤية الجبهة لخطف الطائرات بوصفها وسيلة لإخراج الأسرى من السجون الإسرائيلية ولفت أنظار العالم إلى أحقية القضية الفلسطينية. هذه العمليات كانت وسيلة مختلف الثوّار في العالم منذ انطلاقتها للمرة الأولى من البيرو عام 1931، كما يشير الكتاب. كلّ هذه الأحداث والظروف أسّست لشخصية وملامح المناضلة التي شبّهها الإعلام الغربي بالممثلة البريطانية اودري هيبورن، حين انتشرت صورتها إثر عملية خطف طائرة «TWA 840» عام 1969 ضمن رحلة «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. فلسطين حرة عربية». منذ تلك اللحظة، تجمّدت خالد في صورتها الأيقونية الشهيرة مع الكلاشنيكوف والكوفية الفلسطينية مصوّبةً نظراتها إلى الأسفل. إلا أنّ ليلى كانت أول من أراد الابتعاد عن هذه الصورة. فالشابة العشرينية هربت مراراً من وسائل الإعلام، وبدأت بالخضوع لعمليات لتغيير شكلها كي تنخرط في عملية الخطف الثانية عام 1970 التي باءت بالفشل. لا تكتفي إرفينغ بوصف تفاصيل العملية الأولى ومراحل الإعداد لها مع وديع حداد الذي كان يهتم بأصغر التفاصيل. نقلت إلينا مشاعر ليلى الإنسانة وهواجسها على متن الطائرة. فشل العملية الثانية بعد مقتل شريكها النيكاراغوي على الطائرة، سيكون مدخلاً إلى الفصل الثالث (أيلول الأسود) في الكتاب. تزامناً مع اعتقال ليلى خالد في لندن، شنّ الجيش الأردني أقسى الهجمات على المعسكرات وفصائل المقاومة الفلسطينية هناك، ما أدى إلى انتقال الجبهة إلى بيروت. المدينة مثّلت انطلاق القسم الثاني من نضال ليلى بعدما خرجت من السجن، ملتحقةً مجدداً بصفوف مقاتلي الجبهة على الأرض، فكانت بيروت حضناً لمختلف الفصائل الفلسطينية مثل حركة «فتح» بقيادة ياسر عرفات. لا شكّ في أنّ الفصائل الفلسطينية اليسارية عرفت مشاركات نسائية مقاومة وقيادية كبيرة، تركت تأثيراً على موقع المرأة الفلسطينية. وبالطبع، أسهمت الحسابات الجندرية في ترسيخ اسم ليلى خالد من بين خاطفي الطائرات. ورغم أنّ البعض يرى أنّ انخراط المرأة في العمل العسكري يصبّ في خدمة دورها في المجتمع، يرى آخرون أنه وسيلة للمقاتلات للتخلّص من عبء المجتمع المحافظ والاحتلال معاً، كما تقول إرفينغ في مؤلّفها على لسان بعض الناشطات. ربّما كان الأمر صحيحاً. ففي حين حظيت بعض النساء بفرصة القتال، عانت أخريات من ثقل الموروث التقليدي للمجتمع الفلسطيني. هذا التحليل والنقاش المهم ستخوضهما إرفينغ في الفصل الخامس «نساء ثوريات». ستجري أيضاً مقارنة بين موقع المرأة الفلسطينية ونضالها العسكري في صفوف الفصائل اليسارية في الماضي وبين تراجع دورها اليوم في المجتمع الفلسطيني (الديني). بعدما قبلت ليلى على مضض تمثيل الجبهة في «الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية» نزولاً عند طلب الحكيم جورج حبش، شهدت حياتها مفترقاً جديداً تمثّل في النضال الفعلي والمباشر لأجل المرأة وظروفها. أسهمت في أنشطة «الحركة النسائية الفلسطينية»، وقادت مع رفيقاتها في الجبهة حملة لتغيير مواقف الحزب تجاه النساء فيه، وهذا ما دفعه لاحقاً إلى إدراج القضايا النسائية ضمن برامجه التعليمية والتثقيفية، وتسلّم مجموعة من النساء مناصب في «اللجنة المركزية للجبهة». اليوم، لن يخطر لنا أنّ هذه الصبية التي شهدت حياتها المخاطر والخسارات، والتحولات الشخصية من زواجها وخسارة أختها وخطيبها، ستبقى بهذه القوة. هي تواصل نضالها اليوم في عمان من خلال بعض المؤتمرات والعمل السياسي في «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين». وحتى اليوم، لا يغيب اسم ليلى عن التظاهرات، وخصوصاً تلك الداعية إلى الوحدة الوطنية بين «حماس» و«فتح»، وصورتها الأيقونية بالكلاشنيكوف رسمها الشباب الفلسطيني على جدار الفصل العنصري. وفي حين يواجه العالم العربي تغيّرات جذرية أرجعت القضية الأساس إلى خلفية المشهد، تأتي ليلى لتعيد توجيه البوصلة، معتبرةً أنّ «الولايات المتحدة والغرب سيدعمان تيارات الإسلام المعتدل بهدف تحويل عداء العالم العربي من إسرائيل نحو إيران».
في بريطانيا... هجمة صهيونية على الكاتبة
قبل موعد توقيع Leila Khaled: Icon of Palestinian Liberation في مكتبة Blackwell's في مدينة مانشستر البريطانية عام 2012، نظّم اللوبي الصهيوني حملة ضدّ إطلاقه عن طريق مضايقة موظفي المكتبة من خلال المكالمات الهاتفية والرسائل الإلكترونية، ما أدى إلى إلغاء التوقيع. لكن نتائج هذه الحملة جاءت معاكسة تماماً، إذ أسهمت في تقديم دعاية كبيرة للكتاب، وخصوصاً على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. وبعد فترة، وقّعت سارة إرفينغ كتابها في ‹Madlab (مانشستر)، ثم في لندن. كذلك نظّمت في تموز (يوليو) 2012 جولة لتوقيع الكتاب في القدس الشرقية، وبيت لحم، ورام الله، إلى جانب نشاطات أخرى.
محمد نزال - الاخبار
من سخرية السياسة، إن صح التعبير، أن تكون الحكومة الحالية المستقيلة مسماة على حزب الله، ثم توافق هذه الحكومة على «هبة» بريطانية لتغطية ثمن الكتب المدرسية للتلامذة، باستثناء كتاب الجغرافيا، وذلك لكونه «يتضمن كلمة فلسطين المحتلة على الخريطة وليس كلمة إسرائيل». ليس الوقت لمناقشة تسمية الحكومة الحالية، ولمن تتبع، وطبيعة توزع القوى السياسية داخلها، ليبقى السؤال: كيف يوقَّع على «هبة» من هذا النوع، تتضمن ما يخلّ بالدستور اللبناني، ثم لا يخرج من بين المسؤولين من يعترض علناً أو سراً؟
لولا صرخة رابطتا أساتذة التعليم الثانوي الرسمي، والتعليم الأساسي الرسمي، لمرت تلك المسألة «المهينة» دون أن يسمع بها أحد. ففي بيان للرابطتين المذكورتين، وُجِّهت أمس دعوة إلى الحكومة لـ«سحب موافقتها على الهبة البريطانية، التي جاءت لتغطي ثمن الكتب المدرسية للسنة الدراسية الحالية، للتلامذة المسجلين في مرحلة التعليم الأساسي في المدارس والثانويات الرسمية باستثناء كتاب الجغرافيا؛ إذ، للأسف، فإن الحكومة اللبنانية، وبطريقة المراسيم الجوالة والموافقات الاستثنائية، وافقت على الهبة المشروطة، مع علمها أن استثناء كتاب الجغرافيا أتى لتضمنه كلمة فلسطين المحتلة بدل الكيان الغاصب إسرائيل». أين وزير التربية والتعليم من هذه «القضية» وأين وزير الثقافة؟ أين الحكومة مجتمعة؟ أين لجان رفض التطبيع مع العدو الإسرائيلي في مختلف النقابات، وعلى رأسها نقابة المحامين؟ الصمت سيّد الموقف. لماذا تُترك رابطتا أساتذة التعليم وحدهما في هذا الميدان؟ لم يجد حنّا غريب، رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي، ما يُعلق به على الموضوع سوى كلمة: «يا عيب الشوم». وفي اتصال هاتفي أجرته معه «الأخبار»، أوضح غريب: «يبدو أن الموضوع قد مرّ، ولكن كان لا بد لنا من رفع الصوت وإسماع الصرخة، لكي ينتبهوا في المرّة الثانية إن حصل أمر مماثل... هذه إهانة وطنية». في بيان رابطتي الأساتذة إشارة إلى أن الموقف البريطاني يُعدّ «استفزازاً يمسّ بالمشاعر الوطنية والقومية، وتعدياً على السيادة الوطنية وكرامة اللبنانيين، فضلاً عن كونه محاولة خبيثة لفرض تطبيع ثقافي مع العدو الصهيوني». كذلك دعا البيان وزير التربية والتعليم إلى دفع ثمن الكتب التي سددتها صناديق المدارس منذ 4 أشهر، بناءً على طلب الوزارة، وذلك «من دون انتظار هبة من هنا أو هناك». ثمّة من سأل أمس، تُرى هل يتحرّك القضاء، وقبله وبعده المؤثرون في الرأي العام، للمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن هذه «الهفوة» إن أحسنا الظن؟ ألا توجب مواد في قانون العقوبات تعاقب على مثل هذه الأفعال؟ الجواب: بلى، توجد... لكنها بحاجة إلى من يُطبّقها.
»
«ما تَكّس ولا تأكّس»، و«ما تخلّي الجو ولعان». هكذا ستصبح الدعايات الجديدة لمشروبات الطاقة مع الكحول، مثل «XXL» و«Buzz»، فهي ستودّع السوق اللبنانية نهائياً في موعد أقصاه حزيران المقبل. طبعاً، في حال الالتزام بتنفيذ قرار وزارتي الاقتصاد والصحّة، الذي منع استيراد وتصدير وتسويق مشروبات الطاقة الممزوجة بالكحول ابتداءً من 1/6/2014
سهى شمص - الاخبار
يتلقّى كريم (21 سنة) الخبر بصدمة، كونه من مستهلكي مشروب الطاقة الممزوج بالكحول. ردّ فعله السريع، عندما سمع بقرار منع تسويقه في لبنان اعتباراً من أول حزيران المقبل، كان تلك العبارة المشهورة: «شو وقفت علينا، هلق صارت صحتنا بتهمهم». طبعاً لا يعي كريم المخاطر الصحية الناتجة من استهلاكه لهذا المشروب، فهو، كسائر المستهلكين، خضعوا طيلة الفترة الماضية لدعاية مركّزة عن مزايا هذا المشروب وقدرته السحرية على تنشيط وظائف الجسد والدماغ والجنس، من دون أي تحذير من المخاطر. لن يكون المستهلكون راضين في ظل تشجيعهم على نمط استهلاكي من دون أي ضوابط، تماماً كمعارضة معظم المدخنين لتطبيق قانون منع التدخين في الأماكن العامة المغلقة.
صحيح أن غالبيتهم يشعرون بعوارض ما يحصل بعد تناول المشروب المكوّن من الكافيين والكحول؛ إلا أن إدراكهم للمخاطر بقي مضعضعاً في ظل الرسائل الإيجابية التي تناولها الإعلان بكثافة. بحسب الأسباب الموجبة لقرار المنع، لهذا المشروب مفعولان: الأول بعد دخول كمية منه إلى جسم المستهلك، فيصبح المستهلك في حالة نشاط. أما الثاني، فهي يحصل بعد انتهاء مفعول كمية الكافيين، واستمرار مفعول الكحول في الدم، وعندها يصبح الجسد، فجأة، في حالة ارتخاء. وهذا التقلّب السريع يترك آثاراً خطيرة. «لمّا الجو يكون ولعان ممنوع إنت تنطفي». عبارة ردّدها كثيرون لا يرغبون بالوقوع في حالة «انطفاء»، لكن ما يحصل في الواقع هو مختلف. فبحسب الدراسات الصحية العالمية، إن منبّه «الكافيين» الموجود ضمن تركيبة مشروبات الطاقة والممزوج مع الكحول، بنسب عالية، يجبر الدّماغ على البقاء في حالة وعي ونشاط بعد أن يسرّع نبضات القلب. لكن وجود المكوّن الثاني ضمن التركيبة، أي «الكحول» و«التورين» بنسبة تتراوح بين 10% و40%، يمنح الجسم شعوراً كاذباً باليقظة. ووفق الاختصاصي في أمراض القلب الدكتور هيثم سرحان، فإن هذا الخليط يعطي المستهلك شعوراً بالنشاط يدفعه إلى شرب كميات أكبر، من دون معرفة تأثير المخدّر. أما مزج هذه المشروبات مع العصير فإنه يخفّف من الطعم الحادّ للكحول، ما يزيد وتيرة الشرب بسرعة وبكميات أكبر ... لكن تأثير الكافيين يختفي قبل انتهاء تأثير الكحول، فيشعر الجسم، فجأة، بالتعب ويدخل في حالة السكر التام. وفي الواقع، إن الشعور بالنشاط الناجم عن احتساء هذا المشروب يدفع المستهلك إلى ممارسة نشاطات عادية كالذهاب إلى العمل أو الجامعة أو قيادة السيارة وسواها، من دون أن يعلم في أي لحظة سيختفي مفعول الكافيين في الجسم، ما يؤدي إلى ضعف في التركيز وتشتّت الانتباه وارتفاع احتمال وقوع حادث، سواء حادث سير أو غيره. وفي بعض الحالات، إن هذا النوع من المشروبات يؤدي إلى أزمات قلبية مفاجئة نظراً إلى كونه «يزيد تسارع ضربات القلب ويرفع ضغط الدم، مسبباً ألماً في الرأس، وبالتالي يزيد احتمالات حصول أزمات قلبية وحالات موت مفاجئ نتيجة توقف القلب» يقول سرحان. وبالإضافة إلى ذلك، هناك تداعيات إضافية لهذه المشروبات، فهي «تحتوي على مادة الغلوكوز الذي يرفع نسبة السكر في الدم ويزيد إفراز الأنسولين، ما يزيد احتمالات الإصابة بالسكري. أما كمية الكحول التي تدخل إلى الجسم، فتؤثر تأثيراً مباشراً على الكبد ويصبح كسولاً، ثم تؤدي إلى تلف في الدماغ، فيما يهيّج الأعصاب ويسبب خسارة كبيرة وسريعة للسّوائل في الجسد». بسبب هذا الدراسات، قرّر المجلس الوطني لحماية المستهلك منع هذا المشروب. قراره جاء على ثلاث مراحل؛ الأولى كانت في 19 كانون الثاني 2012 وبموجبها منع الاستيراد، والثانية صدرت في حزيران 2012 وهي مرحلة تحديد نسبة الكافيين في العبوة الواحدة. أما الثالثة التي صدرت أخيراً، فقد جاءت لتمنع الاستيراد والتصدير والبيع. تعدّد المراحل سببه وجود لوبي تجاري يضغط على وزارتي الاقتصاد والصحة لمنع مثل هذا القرار. تجار ومصنّعو هذه المشروبات كانوا يضغطون في اتجاه إقفال الأبواب على مثل هذه القرارات. وفي اجتماعات المجلس الوطني لحماية المستهلك، عُرضت تقارير ومعلومات عن هذه المشروبات في بلدان العالم. تبيّن أن كندا، فرنسا، أوستراليا، الدنمارك، النروج، ماليزيا، تايلندا، وأكثر من نصف الولايات في الولايات المتحّدة الأميركيّة تمنع أيضاً مشروبات الطاقة الممزوجة مع الكحول. واللافت أن مستهلكي هذه المشروبات في لبنان هم من فئة الشباب، ولا سيما المراهقين بينهم، وذلك رغم أن وزارة الداخلية أصدرت تعميماً منذ عامين يمنع بيعها لمن هم دون الـ 18 عاماً. ويمثّل انتخاب «xxl» منتج العام في لبنان في 2012، دليلاً واضحاً على مدى انتشار المشروب. الأسوأ انتشاره بين طلاب المدارس والجامعات وسائقي الحافلات أيضاً. فعلى سبيل المثال، يعترف جاد (19 عاماً) بأنه بدأ يستهلك هذه المشروبات من سنّ الخامسة عشرة، وهو يفضّلها عن باقي المشروبات الروحيّة لأن «سعرها أرخص بكثير وطعمها لا يتضمن مرارة الكحول». وفي رأي جاد أن هذه المشروبات ليس لها تأثير صحّي «إلّا إذا أفرطت في تناولها فتسبب صداعاً خفيفاً». مصنعو ومستوردو مشروبات الطاقة مع الكحول يحضّرون لردّة فعل «عنيفة». ففي اتصال مع «الاخبار»، توعّد أكرم قساطلي، صاحب شركة قساطلي شتورة المنتجة لمشروب «Buzz»، بتحركات لمنع تنفيذ القرار الصادر أخيراً عن وزارتي الصحة والاقتصاد. يذهب قساطلي في اتجاه «رفع دعوى قضائية أمام شورى الدولة لأن القرار مجحف بحقنا، فنحن اتفقنا مع الدولة في عام 2012 على معايير معينة لإنتاج هذا المشروب وقمنا باستثمارات واسعة في هذا المجال، واتخاذ قرار كهذا سيكلفنا خسائر فادحة وسيدفعنا إلى صرف عمالنا وموظفينا وتشريد 250 عائلة. هل تريد الدولة إفلاس الصناعة الوطنيّة؟». وبحسب الدراسات التي أجراها بعض منتجي مشروبات الطاقة الممزوجة بالكافيين، فإن شركة قساطلي شتورة تستحوذ على ثلث الإنتاج المحلّي، فيما تتقاسم شركتان محليتان النسبة الباقية. أما القدرة الاستهلاكية الإجمالية في لبنان، فهي تبلغ 700 ألف صندوق سنوياً، ثمنها الإجمالي 20 مليون دولار. وبحسب قساطلي، فإن لبنان يصدّر إنتاجه لدول مثل سوريا والعراق وبعض دول أفريقيا. قساطلي، مثلاً، تصدّر نحو 30% من إنتاجها إلى الخارج. وتؤكد مصادر وزارة الاقتصاد أن المنتجين حاولوا التأثير على وزير الاقتصاد نقولا نحاس، لكنه أصرّ على موقفه. وتقول المصادر إن الدولة «تشجّع الإنتاج الوطني، لكن ليس على حساب صحّة مواطنيها. فقد تبيّن أن الكثير من حوادث السير في لبنان ناجمة عن تناول هذا المشروب بالذات. القرار اتخذ بناءً على دراسات علميّة تقدّمت بها لجنة المتممات الغذائيّة لاقتراح منع المشروب، وبعد نقاش طويل في المجلس الوطني لحماية المستهلك».
محمد نزال - الاخبار
هذه المرّة لن يكون التحرّك نقابياً بالمعنى التقليدي للكلمة. ليس لزيادة الأجور، أو لرفع الغبن عن الموظفين، أو لتحسين ظروف العمل، بل «من أجل السلم الأهلي والوحدة الوطنية» باعتبارهما المدخل الى تحقيق المطالب. هذا ما أعلنته هيئة التنسيق النقابية، أمس، بعد اجتماعها في مقر نقابة المعلمين في لبنان، إذ كان لا بد من التوقف عند «الأوضاع الأمنية المتفجرة والعمليات الإرهابية التي تطاول المواطنين الأبرياء، في ظل الفراغ وحال الشلل، اللذين يطاولان العمل الحكومي والمؤسسات الدستورية، واللذين يدفع ثمنهما المواطنون استهتاراً وتأجيلاً لحل مطالبهم الاجتماعية، وفي مقدمتها سلسلة الرتب والرواتب».
بالتأكيد لن يكون بمقدور حنّا غريب، رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي، ومن معه من ناشطين، وضع حد لـ«أبو قتادة» أو «أبو دجانة» أو «الضحوك الذّباح». ليس بمقدورهم، في لحظة، سجن المسؤولين الفاسدين الذين أذلوا الناس وما زالوا يفعلون. ليس مطلوباً، أصلاً، من غريب وممن هم معه أن يكافحوا «الإرهاب أمنياً، لكن هل يكون السكوت هو البديل؟ هيئة التنسيق ترفض ذلك، ولهذا أعلنت في بيانها «إطلاق مبادرة لكل الهيئات النقابية والمدنية والأهلية، حول ضرورة التحرك على المستوى الوطني ككل، وكل من موقعه، تحت شعار الدفاع عن السلم الأهلي والوحدة الوطنية، وتأليف الحكومة وتسيير المؤسسات الدستورية ومعالجة الملفات الاجتماعية، ما يقتضي تضافر كل الجهود وتوحيد كل الطاقات بهذا الخصوص». يقول غريب في حديث مع «الأخبار» إن «الناس لا بد أن يدخلوا على المشهد، لا يجوز أن يخلوا الساحة، فالناس كما هو ظاهر في الآونة الأخيرة باتوا كمن شطبوا من المعادلة. لا يجوز الانكفاء أمام الهجمة التي يتعرّض لها البلد في ظل حالة التعطيل الشامل للمؤسسات. آن الآوان للناس، ومن موقع وطني وبلغة الوحدة، أن يقولوا: نحن هنا». إذاً، يُدرك غريب أن «الكيان بات كله في خطر، وأن الواجب الوطني يستدعي من الجميع أن يتحملوا مسؤولياتهم، وأن يبادروا من تلقاء أنفسهم. نحن سنبادر من جهتنا وننتظر تعاون الجميع معنا». في بيان الهيئة إشارة إلى أن «ادانة التفجيرات وبيانات الاستنكار ما عادت تكفي، بل المطلوب الانتقال الى التحرك العملي لتجميع اللبنانيين وتوحيدهم وطنياً، وعدم تركهم فريسة للفتن الطائفية والمذهبية. ولهذا أجرينا ونجري الاتصالات اللازمة بهذا الشأن، تمهيداً لإعلان خطوة عملية على الأرض». يلفت غريب إلى تحركات مقبلة، لكن «لا نريد أن نكون وحدنا، بل نريد جمع كل الطاقات الوطنية. لقمة العيش مثلاً يمكنها أن توحد الناس، وسيكون تحركنا دائماً على أساس وطني». هكذا، يبدو الوطن، في ظل الفراغ والتفجيرات والانتحار، على حافة الانتحار. لنأمل أن يخفف صوت غريب، ومن معه، شيئاً من الموت الزاحف إلينا.