مارلين خليفة
كيف ستتحرّك الدبلوماسيّة اللبنانية في أروقة الأمم المتحدة للتثمير السياسي للشكوى التي تقدّم بها لبنان أمس الأول، الى مجلس الأمن الدولي حول شبكات التجسس التي نشرتها الاستخبارات الإسرائيلية على أراضيه مجنّدة مئات العملاء لخدمة مصالحها؟ إنه السؤال المفصّل لحركة دبلوماسية غير مسبوقة لدى المنظمة الدولية تمثلت بالشكوى التي أعدّتها وزارة الخارجية والمغتربين وضمّنتها ملحقا بأسماء 141 متعاملا مع إسرائيل قسّموا في ثلاث لوائح: المدّعى عليهم أمام المحكمة العسكرية الدائمة وعددهم 103، المدعى عليهم لدى قضاة التحقيق وعددهم 25، ولائحة بأسماء المتعاملين الذين صدرت بحقهم أحكام وجاهية وعددهم 13. أرفقت الشكوى بأسماء هؤلاء وطالب لبنان تعميمها واعتبارها وثيقة رسمية من وثائق الدورة الرابعة والستين للجمعية العمومية للمنظمة الدولية في إطار البند الخامس عشر من جدول أعمالها المتعلق «بالحالة في الشرق الأوسط» ومن وثائق مجلس الأمن الدولي. أما الهدف من ربط أسماء المتعاملين بالشكوى فهو التأكيد بالأدلة الدامغة بأنها ليست شكوى «دعائية»، بل ترتكز على حقائق دامغة أمسكها لبنان ضد إسرائيل التي تخرق سيادته وأمنه بشبكة من العملاء المنتشرين على الأراضي اللبنانية كافة. ومعلوم بأن مجلس الأمن الدولي لا يتخذ أي إجراء في حال تقديم شكوى إلا إذا كان الفعل يمسّ الأمن والسّلم الدوليين، وبالتالي الخطوة الممكنة أمام لبنان بعد تقديم الشكوى هو طلب عقد جلسة طارئة لمناقشة هذا الموضوع على اعتبار أنه يشكّل اعتداء إسرائيليا سافرا على السيادة اللبنانية، وانتهاكا واضحا للقرار 1701 الذي يدعو الى وقف الأعمال العدائية، وانتهاكا للمؤسسات الأمنية اللبنانية. أما إذا لم يعمد لبنان الى طلب هذه الجلسة الطارئة فستبقى الشكوى وثيقة من وثائق مجلس الأمن الدولي يعتدّ بها لبنان ويعود إليها عند مناقشة أي قرار يتعلق به. كما يترتب على الدبلوماسية اللبنانية القيام بتحرّك ناشط بغية لحظ موضوع هذه الشكوى في القرار المقبل للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حول توثيق القرار 1701. علما بأن رئيس بعثة لبنان الى نيويورك نواف سلام وجّه نسختين من الشكوى الى الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون والى رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي المندوب التركي أرتوغرول آباكان. «السفير» التي حصلت على نسخة بأسماء المتعاملين مع إسرائيل الذين ضمّنت أسماؤهم الشكوى، تعمد الى نشرها علّها تكون عبرة لمن لم يعتبر بعد من أن إسرائيل هي عدوّ للبنان ولجميع اللبنانيين. أولاً: لائحة المتعاملين المدعى عليهم أمام المحكمة العسكرية الدائمة: أسامة محمد علي بري (موقوف مستجوب)، أقدم على الاتصال بالمخابرات الإسرائيلية وتزويدها بالمعلومات التي وفرت لها بعض الوسائل للعدوان على لبنان). أنطوان سليم عتمة (أقدم على التعامل مع المخابرات الإسرائيلية وإقناع الأول بالتعاون معها ليوفر للعدو الوسائل للعدوان على لبنان وأقدما على دخول بلاد العدو). مروان كامل فقيه (موقوف مستجوب، التعامل مع العدو الإسرائيلي وتزويده بمعلومات يجب أن تبقى مكتومة حرصاً على سلامة الدولة ودخول بلاد العدو)، جودت سلمان الحكيم (موقوف مستجوب)، (أقدم على التعامل مع العدو الإسرائيلي والاتصال به ودس الدسائس لديه ليعاونه على فوز قواته وليوفر له وسائل العدوان على لبنان). سامي إيليا فرحات (م. غ)، عامر فرحات الحلبي (م. غ)، (أقدم والثاني على التدخل في هذه الجرائم وأقدموا جميعاً على دخول بلاد العدو). علي ديب جراح (موقوف مستجوب)، يوسف ديب جراح (موقوف مستجوب)، (التعامل مع العدو وإعطائه معلومات وتصوير مراكز عسكرية عن الجيش اللبناني والسوري وأقدم على استعمال جواز سفر وبطاقة هوية مزورة). جودت محمد خير الله الخوجة (موقوف)، (الاتصال بالعدو الإسرائيلي ومخابراته لتوفير الوسائل له لمباشرة العدوان على لبنان ودس الدسائس لديه وتزويده بمعلومات عن الجيش والمقاومة). هيثم راجح السحمراني (موقوف مستجوب)، ساحرة راجح السحمراني (م. غ)، محمد أمين الأمين خزعل (م. غ)، (أقدم الأول والثاني والثالث على دس الدسائس لدى العدو الإسرائيلي والاتصال به ليوفروا له الوسائل الى مباشرة العدوان على لبنان وقد أفضى فعلهم الى النتيجة المتوخاة والى الاتصال بعملاء وجواسيس العدو وهم على بينة من الأمر وعلى دخول بلاد العدو). راغدة أحمد ضاهر (موقوفة مستجوبة)، (أقدمت على التدخل في جرم الاتصال بالعدو). غزوان عبد شاهين (موقوف)، (التعامل مع العدو الإسرائيلي والاتصال به وإقامة علاقات معه والدخول الى مراكز عسكرية للحصول على وثائق ومعلومات تعود للمنفعة على العدو وتمس بسلامة هذه المراكز إضافة الى الخرائط والاحداثيات والمعلومات السرية في ألوية الجيش وعتاده وضباطه). حسن يوسف عمار (موقوف)، (التواصل مع الموساد الإسرائيلي وإعطائه معلومات عن الطيار الإسرائيلي رون أراد). إيلي حنا زهرة (موقوف)، (التعامل مع العدو الإسرائيلي وتزويده بمعلومات عن المقاومة والجيش). حسين محمد علي موسى (موقوف)، أحمد حسن عبد الله (م. غ)، جعفر حسين حلاوي (موقوف)، وسيم موسى موسى، (التعامل مع العدو ودس الدسائس لديه لفوز قواته والاتجار بالمخدرات وإعطاء معلومات عن مواقع مدنية وعسكرية وعن شخصيات حزبية ودخول بلاد العدو). هيثم نايف الظاهر (موقوف مستجوب)، (التعامل مع العدو الإسرائيلي وإعطائه معلومات عن مراكز مدنية وعسكرية لبنانية وسورية ودخول بلاد العدو). علي عدنان دبوس (موقوف)، (إجراء اتصال بمخابرات العدو الإسرائيلي والتواصل معها بغية اعطاء معلومات عن الطيار الإسرائيلي رون أراد). محمود قاسم رافع (موقوف مستجوب)، أعمال إرهابية وقتل عمداً والتجند في استخبارات العدو وتوفير الوسائل له لمباشرة العدوان على لبنان وإفشاء معلومات لمنفعة العدو). محمد قاسم غدار (موقوف)، فهيم يوسف علم (موقوف غيابي)، ليون سركيس طاوقجيان (موقوف غيابي)، (التعامل مع العدو الإسرائيلي وجهاز مخابراته). محسن حسن شمعون (موقوف)، جمال حسين شمعون (التعامل مع الموساد الإسرائيلي ودس الدسائس لفوز قواته وإعطاء معلومات عن الجيش والمقاومة). محمود قاسم رافع (موقوف)، حسين سليمان خطاب (موقوف غيابي، التجند لمخابرات العدو وتوفير الوسائل لمباشرة عدوانه ومعاونته وتقديم المساعدة لعملائه والاتصال به وإفشاء معلومات لمصلحته والقيام بأعمال إرهابية ودخول بلاد العدو وحيازة اخراجات قيد مزورة واستعمالها زوده بها ضابط مخابرات إسرائيلي). منصور حبيب دياب (موقوف مستجوب، التعامل مع العدو الإسرائيلي وتزويده بمعلومات ووثائق عن أماكن مدنية ومواقع وشخصيات عسكرية والاتصال به ليوفر له وسائل مباشرة العدوان على لبنان). محمد حسين بريص (موقوف مستجوب، التعامل مع العدو الإسرائيلي ومخابراته ودس الدسائس لديه وإعطائه معلومات بهدف تسهيل أعماله العدوانية). جرجس الياس فرح (موقوف)، جان الياس فرح (موقوف غيابي)، أحمد شبلي صالح (موقوف غيابي، التعامل مع العدو وإعطائه معلومات عن مواقع مدنية وعسكرية ومعاونته لفوز قواته ودخول بلاده وحيازة أسلحة ومتفجرات). أديب أسعد العلم (موقوف)، نقولا أسعد حبيب (موقوف غيابي)، حياة قزحيا الصالومي (موقوفة): أقدموا على التعامل مع مخابرات العدو الإسرائيلي وأقدم الأول والثاني على إعطاء العدو الإسرائيلي معلومات عن مراكز عسكرية ومواقع ومنشآت مدنية سورية ولبنانية بهدف تسهيل أعماله العدوانية وفوز قواته، وأقدم الأول على التجسس وهو عسكري لصالح العدو وتزويده بمعلومات عن مراكز عسكرية وتزوير اخراج قيد واستعمال المزور وحيازة سلاح حربي). ميشال خليل عبدو (موقوف)، جوزف إلياهو كلش (موقوف غيابي)، ناتان إلياهو كلش (موقوف غيابي، تزويد العدو الإسرائيلي بإحداثيات ومواقع للجيش اللبناني والمقاومة من بينها مواقع وجسور تعرضت للقصف إبان حرب تموز 2006 والتعامل مع الموساد الإسرائيلي ودخول بلاده). محمد السيد رضوان (موقوف)، فوزي طانيوس العلم (موقوف)، سعيد طانيوس العلم (موقوف)، يوسف يعقوب العلم (موقوف)، ايلي يعقوب العلم (موقوف)، وجيه توفيق مراد (موقوف)، أحمد شبلي صالح (موقوف غيابي)، جورج حنا عساف (موقوف غيابي)، فهيم يوسف علم (موقوف غيابي)، نمر طانيوس العلم (موقوف غيابي، الاتصال بالعدو الإسرائيلي والتعامل معه ودس الدسائس لديه وإعطائه معلومات عن مناطق وأماكن مدنية ومراكز عسكرية للمقاومة تعرضت للقصف من قبل الطيران الإسرائيلي وعن شخصيات سياسية وحزبية والاتجار بالمخدرات ودخول بلاد العدو). زياد أحمد الحمصي (موقوف مستجوب، التعامل مع ضباط جهاز استخبارات العدو الإسرائيلي وجمع ونقل المعلومات وتنفيذ المهام لصالحه وحيازة أسلحة وذخائر حربية). خالد عبد الله القن (موقوف مستجوب، التعامل مع العدو وتزويده بمعلومات عن مواقع مدنية وعسكرية وشخصيات سياسية وحزبية وعسكرية ودس الدسائس لديه). شهيد شحادة تومية (موقوف مستجوب) (التعامل مع مخابرات العدو الإسرائيلي وإعطائه معلومات مهمة وإحداثيات دقيقة عن أماكن ومواقع عسكرية وأمنية سرية وعن شخصيات قيادية ورسمية ودس الدسائس لديه وإعطائه وثائق ومعلومات عن المؤسسة العسكرية ودخول بلاده). صائب محمد عون (موقوف)، محمد حسن عبد الله (موقوف)، نبيل علي زيتون (موقوف) (التعامل مع العدو الإسرائيلي ودس الدسائس لديه وإعطائه معلومات وإحداثيات عن مواقع مدنية وعسكرية وعن شخصيات حزبية والاتجار بالمخدرات ودخول بلاده العدو). موسى علي موسى (موقوف)، علي محمد سويد (موقوف غيابي)، أحمد حسين عبد الله (موقوف غابي، الاتصال بالعدو الإسرائيلي وتزويده بمعلومات وفرت له وسائل للعدوان على لبنان). علي حسن غصين (موقوف مستجوب، التعامل مع المخابرات الإسرائيلية ودخول بلاد العدو)، يوسف إبراهيم احمد اسكندر (موقوف، الاتصال بعملاء الموساد الإسرائيلي). أنور محمد سعد الدين (موقوف مستجوب)، عادل محمد كايد موقوف مستجوب، الاتصال بعملاء إسرائيليين وحيازة أسلحة). محمد ديب أويظة (موقوف، التواصل هاتفيا مع الموساد الإسرائيلي). محمود قاسم رافع (موقوف مستجوب)، إبراهيم محمد ياسين (موقوف غيابي)، حسين سليمان خطاب (موقوف غيابي، تأليف عصابة والتجند في شبكة استخبارات العدو وتوفير الوسائل لها لمباشرة العدوان على لبنان والاتصال بالعدو والتعامل معه وتأمين مساكن لإيواء عملائه والقيام بأعمال إرهابية ودخول بلاد العدو). محمود قاسم رافع (موقوف مستجوب، تأليف عصابة وتوفير الوسائل للعدو لمباشرة عدوانه على لبنان والاتصال به والتعامل معه وتأمين مساكن لإيواء عملائه والتجند في شبكة استخباراتية وإفشاء معلومات لصالحه ودخول بلاد العدو). ايلي عيد منيع (موقوف)، جورج عيد منيع (موقوف، التعامل مع العدو الإسرائيلي وتجنيد أشخاص للعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية). حسن أحمد شهاب (موقوف)، جمال نعمة ضو (موقوف غيابي، التعامل مع العدو واعطاء معلومات له بقصد التجسس والقيام بأعمال إرهابية ودخول بلاد العدو). رايق محمود البرقشي (موقوف مستجوب، التعامل مع العدو الإسرائيلي ومخابراته ودس الدسائس لديه وتزويده بإحداثيات عن مواقع عسكرية ومدنية في لبنان وإعطائه معلومات عن شخصيات سياسية وحزبية ودخول بلاد العدو). محمد علي بركات (موقوف)، حسن أحمد عبد الله (موقوف غيابي، التعامل مع المخابرات الإسرائيلية وتزويدها بمعلومات عن المقاومة و«حزب الله»). بديع خالد ميتياس (موقوف)، خالد الياس ميتياس (موقوف غيابي، الاتصال والتعامل مع الاستخبارات الإسرائيلية). حسن محمد علي ياسين (موقوف)، فؤاد علي شعبان (التعامل مع العدو الإسرائيلية وتزويده بمعلومات حول مواقع عسكرية وأمنية ودخول بلاد العدو). جان فؤاد زنقول (موقوف مستجوب)، سامي إيليا فرحات (موقوف غيابي)، جان أسعد نهرا (موقوف مستجوب، التعامل مع العدو الاسرائيلي وإعطائه معلومات عن شخصيات أمنية ومسؤولين في «حزب الله» وتزويد مخابرات العدو بمعلومات دقيقة عن رمزي نهرا مما سهل اغتياله). مهدي علي ياسين (موقوف مستجوب)، نجاح حسين العبد الله (موقوف غيابي)، عماد منير مخول (موقوف غيابي، التعامل مع العدو الإسرائيلي ودخول بلاده). روبير إدمون كفوري (موقوف)، محمد إبراهيم عوض (موقوف)، الياس رياض كرم (موقوف غيابي، أقدموا على التعامل مع العدو الاسرائيلي وإعطائه المعلومات ودس الدسائس لديه لفوز قواته وتسهيل أعماله العدوانية والإرهابية وعلى محاولة قتل أحد الأشخاص عبر تسليمه عبوة ناسفة لتفجيرها به وعلى دخول بلاد العدو وحيازة ونقل المتفجرات وأقدم الأول والثاني على تزوير مستندات لبنانية رسمية واستعمالها). منير أنطوان صقر (موقوف)، ميشال أنطوان صقر، (التعامل مع العدو ومخابراته ودس الدسائس لديه وإعطاء معلومات مصرفية واقتصادية ودخول بلاد العدو). إيمان حسني أيوب (موقوفة)، حسين سليمان خطاب (موقوف غيابي)، محمد حسين خطاب (موقوف غيابي، التعامل مع العدو الاسرائيلي ودخول بلاده). أمين إبراهيم البابا (موقوف)، محمد عبد الرحمن العلي (موقوف، التعامل والاتصال بالعدو الاسرائيلي ودخول بلاده ودس الدسائس لديه، التعامل والتواصل مع العدو الاسرائيلي). يوسف مارون عبدوش (موقوف)، حنا أبو صافي (موقوف)، محمود الملاح (موقوف)، محمد برو (موقوف غيابي)، جعفر حسين حلاوي (موقوف، أقدم الأول على التعامل مع العدو الاسرائيلي وعلى الإتجار بالمخدرات وتهريبها إلى بلاد العدو وأقدم الثاني على التعامل مع العدو الإسرائيلي وأقدم الثالث على التعامل مع العدو الإسرائيلي ومخابراته وتزويدها بمعلومات عن مواقع ومنازل عائدة لحزب الله وعناصره ودس الدسائس لديهم وأقدم الرابع والخامس على الاتجار بالمخدرات وتهريبها إلى داخل بلاد العدو). أحمد صالح قهوجي (موقوف مستجوب، محاولة التعامل مع العدو الإسرائيلي عن طريق الاتصال بأحد عملائه وانتحال صفة عسكرية). ثانيا،لائحة إسمية بالمدعى عليهم لدى قضاة التحقيق بجرم التعامل مع العدوّ: شربل ضاهر القزي، طارق محمد الربعة، فيليب حنا صادر، فرنسيس وديع أبو غنام (موقوف غيابي)، ناصر محمود نادر، نوال جورج معلوف، مصطفى حسن سعيد، سامر جوزف أبو عراج (مطلوب)، إيلي شكري الخوري، ميلاد خليل عيد، فايز وجيه كرم، وجيه توفيق مراد، علي زكي إدريس، بطرس حبيب سليمان، سامي جرجس سمعان الخوري، المطلوبون: جمال أحمد الطفيلي، فؤاد جرجس طنوس، الياس رياض كرم، عدنان سليم الحداد، كارولين يعقوب طنوس، علي عبد الرسول خواجة، زينب حسن محمد، محمد علي خواجة، ريم علي خواجة، ملاك علي خواجة. ثالثا، لائحة بأسماء المتعاملين مع العدو والذين صدرت بحقهم أحكام وجاهية: الفلسطيني إيهاب محمد الحاج (3 سنوات أشغال شاقة وتجريده من الحقوق المدنية حكم وجاهي)، محمد نمر بسام (10 سنوات أشغال شاقة وتجريده من الحقوق المدنية حكم وجاهي)، فيصل غازي مقلّد (الأشغال الشاقة المؤبدة ومئتي ألف ليرة غرامة وتجريده من الحقوق المدنية وبراءة من جرائم المواد 471 و454/471، 463، و463/454 عقوبات لعدم كفاية الدليل حكم وجاهي). محمود رافع، (إعدام حكم وجاهي)، وليد عصام كرم سنتين أشغال شاقة وتجريده مدنيا، يوسف محمد الحاج علي (الأشغال الشاقة المؤبدة وتجريده من الحقوق المدنية حكم وجاهي)، حنا جليل عيسى (عشر سنوات أشغال شاقة حكم وجاهي)، علي حسين منتش (إعدام حكم وجاهي)، وفيق سعد الدين الهبطة (الأشغال الشاقة لمدة سنتين مع التجريد من الحقوق المدنية خكم وجاهي) حسن أحمد الحسين (إعدام ومصادرة المضبوطات حكم وجاهي)، زياد خليل السعدي ( الأشغال الشاقة لمدة عشرين سنة وتجريده من الحقوق المدنية ومصادرة المضبوط وإبطال التعقبات بحقه لجهة المادة 275 عقوبات لعدم توفّر عناصرها حكم وجاهي).
صحيح أن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لا يضع عمامة على رأسه، كونه أول رئيس إيراني من خارج الدائرة الدينية منذ العام 1981، لكنّه في الواقع الأكثر تشددا بين أسلافه، والأكثر التصاقا بالخطاب الذي اعتمده مؤسس الجمهورية الاسلامية الامام الراحل الخميني، خاصة ازاء قضية فلسطين والمقاومة. الرجل ذو القامة القصيرة والعينين الصغيرتين والابتسامة اللطيفة المحيرة والمتناقضة واللحية السوداء الخفيفة التي بدأ يكسوها الشيب، ميزته التواضع ثم التواضع. تصريحاته السجالية المنحى التي يغلب عليها الانفعال، يخشاها خصومه... ويأنفون من اعتداده بالقومية الفارسية هو من تتصدّر صالونه الخاص خريطة عملاقة كتب عليها: «الخليج الفارسي». أما أصدقاؤه المقرّبون فيخبرون قصصا لا تنتهي عن صفاته التي يحبونها فيه، وأبرزها: الطيبة، الصدق، الطهارة والترفّع عن الملذات الدنيوية الخ... أحمدي نجاد هو قبل كلّ شيء «الابن البار للثورة الإسلامية» وتقاليدها، يعترف له من يعرفونه بأنه «شخصية تتمتع بجرأة قد تبلغ حدّ التهوّر بمواقفها السياسية، ما ينمّ عن غياب المصالح والحسابات الشخصية عنده، فهو يعلن ما يفكر فيه ولا ازدواجية في خطابه، وهو على عكس ما هو متداول عن الإيرانيين بأنهم «يذبحون الناس بلطفهم» أو عدوّهم «بخيط القطن»، بعيد جدّا عن الدبلوماسية وروح الحوار التي كان يتحلّى بها سلفه محمّد خاتمي، وعن الحنكة والدهاء اللذين تميّز بهما الرئيس هاشمي رفسنجاني. فالرئيس أحمدي نجاد يتماهى مع صورة الإمام الخميني: صراحة كلية، صياغة حادة، مواقف حاسمة، فقد وصف المحرقة اليهودية «بالخرافة». رمى في وجه الأوروبيين هذه العبارة «إن قيام إسرائيل كان من أجل طرد اليهود من أوروبا»، بعث برسالة الى الرئيس السابق جورج دبليو بوش عبر السفارة السويسرية في طهران أكد له فيها بأن «إسرائيل هي غدّة سرطانية يجب إزالتها»، أعلن مرارا تمسك طهران ببرنامجها النووي قائلا «إن إيران انتصرت في المسألة النووية على القوى العظمى كلّها»، تكهّن مرارا «بإزالة إسرائيل عن الخريطة.. ومن الوجود»، ومن أوصافه للدولة العبرية بأنها «جرثومة قذرة سوداء وحيوان متوحش!». خطا أحمدي نجاد خطوات جريئة لم يسبقه إليها رئيس لايران من قبل، أبرزها إقرار قانون رفع الدعم عن المحروقات بعد أن تركه اسلافه مجمدا على مدى 17 عاما، مخافة التفريط بأصوات التجار والمافيات والأغنياء والمقتدرين من أبناء الطبقة الوسطى. أصرّ أحمدي نجاد على إقراره في الدورة الأولى لانتخابه، مؤثرا مصلحة الفقراء الإيرانيين على نيله حفنة إضافية من أصوات الناخبين القادرين. قال لأركان حملته الانتخابية «هذا المشروع سأقدم عليه مهما كانت النتائج ومن يربط تأييده لي بالابقاء على المشروع عليه أن يقتنع بأنه خسرني. أولويتي الفقراء». حقق أحمدي نجاد من خلال رفع الدعم وفرا للدولة قيمته 10 مليارات دولار، ذهبت في معظمها للتأمينات والتقديمات الاجتماعية غير المسبوقة منذ ولادة الثورة حتى الآن. صارت هناك حوالة نقدية بقيمة ألف دولار أميركي في جيب كل طفل يولد في ايران اليوم، وبات كلّ من يعقد زواجا في إيران له الحق باقتراض 20 ألف دولار للزوج، ومثلهم للزوجة وبفوائد مخفضة ولآجال طويلة. قبل رفع الدعم كان نصف المبلغ، أي حوالي خمسة مليارات دولار تذهب للتجار ومافيات تهريب النفط عبر الحدود وخاصة الى باكستان. قدّم الرئيس السادس لإيران الثورة إنماء الأطراف في ايران على المركز (طهران وباقي المدن الرئيسة)، وتجول مع حكومته مجتمعة ومحافظ البنك المركزي الإيراني على 30 محافظة، تعرّف خلالها الى مطالب الناس والمشاريع الحيوية التي تحسّن معيشتهم، متخذا ترتيبات فورية لصرف الاعتمادات اللازمة بعد توقيع القرارات الحكومية، وها هو يعدّ حاليا للجولة الثانية التي سيدشن فيها المشاريع التي أقرت في الجولة الأولى وتم تمويلها، وبعضها ضخم الى درجة أنها توفّر بين الـ15 و20 ألف فرصة عمل. لسان حاله العمل بكدّ وبلا منّة للشعب الإيراني، عمل يبقيه صاحيا طيلة 18 ساعة يوميا... جعله أصله متحررا من المطامع والنزوات الشخصية، يعيش التقشف في صورة عفوية وتلقائية: لم يبدّل سيارته منذ 35 عاما وهو يقودها شخصيا حين يرغب بزيارة أهله رافضا استخدام سيارات الدولة لشأن عائلي، يعيش في الإيجار وفي منزل متواضع من طبقتين ولم يتمكن حتى اليوم من إنهاء ترميم منزله الشخصي الذي رفض أن يدخل إليه الخدم، فتراه يقدّم الطعام لضيوفه شخصيا هو وزوجته وأفراد عائلته الصغيرة. معروف ببساطته وبكلّ ما يتميز به الإنسان العادي حتى في هندامه ومشيته وتعاطيه ومصافحاته الحارّة لمن يزورونه. هذه المزايا دفعت مرشد الثورة السيد علي خامنئي الى القول عنه «أحمدي نجاد هو اقرب شخص إلي لأنه يعيش مع الناس وهو واحد منهم. يحبهم ويحبونه. انه ابن الشعب البار». يرد الرئيس الايراني على الاطراءات اليومية من حوله قائلا: «واجباتي أقوم بها وهي سلوك طبيعي وعندما أخدم الناس، أقوم بوظيفتي ولا أريد أبدا أن يشعر أحد بأنني أريد أن أحصل على شيء بالمقابل». الرئيس المثير للجدل عند كلّ تصريح يخاله من يراه ولا يعرف تاريخه عاملا بسيطا، وهو أمر لا يزعجه، بل يعتدّ بأنه ترعرع في عائلة فقيرة مؤلفة من 7 أشقاء ووالد يعمل في الحدادة في ضاحية «غارمسار» قرب طهران وهو من مواليد العام 1956. بين العلم والسياسة تخرج أحمدي نجاد مهندسا معماريا في العام 1986 من جامعة «العلم والصناعة» في طهران، وانضم الى الكادر التعليمي، ثم نال دكتوراه في تخطيط النقل والمواصلات، ملم باللغة الإنكليزية وله أبحاث عدّة. شغل منصب محافظ أردبيل فعمدة طهران، وكان صحافيا كاتبا ومديرا مسؤولا لصحيفة «همشري». ومن «هندسة المدن» وصل الى منصب المحافظ قبل أن يتسلّم رئاسة الجمهورية منذ العام 2005 كسادس رئيس لإيران. شارك أحمدي نجاد في احتلال مقر السفارة الأميركية في طهران وانضم الى الحرس الثوري إبان اندلاع الحرب الإيرانية العراقية وتقول سيرته الذاتية أنه كان مقاتلا على جبهات الحرب، والتحق بالمجموعات العسكرية التي تمكنت من اختراق الدفاعات العراقية وفجّرت منشآت كركوك النفطية إبان الحرب. تقلب في مراكز عدة منها مستشار الرئيس لشؤون كردستان، وأسس لجان الطلاب الإسلاميين. أمضى 8 أعوام في أذربيجان وأردبيل ذي الغالبية التركية حيث تعلم اللغة التركية وبات يجيدها بطلاقة. ترشح بعد شغله منصبا ثقافيا رسميا لرئاسة بلدية طهران عام 2003 ونجح في إعادة تنظيم المدينة وتعبيد الطرق وتنظيفها، ويسجّل له أنه رفض السكن في المقر الفخم المخصص لرئيس البلدية مفضلا البقاء في منزله المتواضع في أحد الأحياء الفقيرة في جنوب طهران. رفض ايضا تقاضي راتبه كرئيس بلدية مبقيا على راتبه الجامعي قائلا أنه يكفيه وليس في حاجة الى أكثر منه. انتخب رئيسا للجمهورية الإسلامية الإيرانية في 25 حزيران 2005 ، وبعد شهرين استأنفت إيران نشاطاتها النووية في منشأة أصفهان لتحويل اليورانيوم بعد أن علقتها منذ 2004، لتبدأ تخصيب اليورانيوم رسميا في شباط 2006، مستفزا الدول العظمى بالقيادة الأميركية التي واجهته عبر مجلس الأمن الدولي الذي تهيمن عليه فأصدر قرارا يفرض بموجبه عقوبات على ايران لرفضها تعليق نشاطاتها النووية. زار أحمدي نجاد عام 2007 نيويورك وألقى خطابا في جامعة كولومبيا أثار جدلا، وشهد عهده زيارة الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين لطهران وهي الأولى لزعيم للكرملين منذ عام 1943. رفض أحمدي نجاد عام 2009 عرض الدول الكبرى استئناف الحوار في شأن الملف النووي الإيراني بشروط وما أن أعيد انتخابه في 12 حزيران عام 2009 حتى اندلعت حركة احتجاجات استمرت أسابيع وما لبثت أن خمدت. يعتبر أحمدي نجاد أنه ينتمي في خطه السياسي الى جبهة المحافظين الموالين للمرشد الأعلى آية الله السيد علي خامنئي وهو من المعارضين تماما لليبيرالية الاقتصادية الاجتماعية التي أرساها الرئيس محمد خاتمي وقبله الرئيس هاشمي رفسنجاني، وهو يرفض كليا إعادة النظر في صلاحيات المجالس غير المنتخبة أو صلاحيات المرشد الأعلى. البعض في لبنان متخوّف من دلالات زيارة أحمدي نجاد، لهؤلاء يوجّه احد الديبلوماسيين الإيرانيين هذا المثل الفارسي القائل «إذا كان الذهب صافيا، فلا يجب الخوف من إخضاعه لامتحان الأسيد»، بمعنى آخر «إنّ من يحمل نوايا طيبة تجاه قضيتي لبنان وفلسطين لا يجب أن يخشى السياسة الإيرانية وتصريحات الرئيس أحمدي نجاد النارية»!
مارلين خليفة
ليس غريباً ان يـُسقط «نواب الستين» مشروعاً لتخفيض سن الاقتراع بالضربة الطائفية القاضية، ومن دون أن يرفّ لهم جفن. وليس غريباً ان يسقط الرهان على توليد فكرة إصلاحية من رحم سلطة تشريعية تتحكم بإنتاجها الطوائف والمذاهب. نعم قدّم «نواب الستين» صورة قاتمة عما ينتظر من انتزعوا تفويضهم بالتهييج والمال الانتخابي في الآتي من الأيام، وأعطوا نموذجاً صارخاً في تناقض الاقوال مع الافعال، وسيسجل لهم التاريخ انهم في 22 شباط 2010، قدّموا شهادة طائفية بامتياز بأن النظام السياسي الطائفي في لبنان أقوى وأعتى من الإصلاح والإصلاحيين ومن الصعب مقاربة تطويره، ولو بالحد الأدنى كمنح شريحة واسعة من جيل الشباب حق الاقتراع والاختيار والشراكة في رسم الخريطة السياسية. قدّم «نواب الستين» البعد الطائفي على البعد الإصلاحي، فخسر الجميع بلا استثناء، خسر الشباب فرصة التعبير عن آرائهم وعن أنفسهم في صناديق الاقتراع، وخسر المجلس الذي صوّت ضد نفسه، وضيّع فرصة الظهور بصورة جديدة تنزع عنه ولو بعضاً من غبار ما لصق به من «قانون الستين» واصطفافاته، واما الخاسر الأكبر فهو حكومة الرئيس الشاب سعد الحريري، فبدل ان تلتقط «اللحظة الشبابية» وتسجل انجازاً لها في اولى إطلالاتها أمام زميلتها السلطة التشريعية، عبر سحب المشروع بدلاً من تضييعه، أقدمت على تكبيل نفسها بالحسابات الطائفية والسياسية، فكانت النتيجة إخفاقاً موصوفاً لها ليس من اليسير محو آثاره. ويسجل لمن صوّتوا مع المشروع ولو أنهم على دراية بأنه سيسقط أنهم انسجموا مع أنفسهم، ولوّنوا المشهد البرلماني، وأسقطوا الاصطفافات بين 8 و14 آذار، من دون الاستعجال والتنبؤ بكتلة جديدة، ذلك أن الانشطار الطائفي كان خطيراً، وتمثل في وقوف النواب المسيحيين، من الأكثرية والمعارضة، تحت سقف واحد، فيما صوّت لمصلحة خفض سن الاقتراع كل من كتلة الوفاء للمقاومة وكتلة التحرير والتنمية وكتلتا القومي والبعث والنواب الحزبيون في «اللقاء الديموقراطي»، ومعهم كتلة الرئيس نجيب ميقاتي وكتلة الوزير محمد الصفدي إضافة إلى النائب الخارج من كتلة زحلة بالقلب نقولا فتوش وتمام سلام وعماد الحوت (34 صوتاً مقابل 66 امتنعوا وواحد ضد من باب «التهريج السياسي»). ومع سقوط مشروع التعديل الدستوري، بات متعذراً دستورياً إعادة طرحه مجدداً في دورة الانعقاد الحالية التي تنتهي مع بداية العقد العادي في أول ثلاثاء بعد الخامس عشر من آذار المقبل، كما انه متعذر سياسياً في ما لو تم طرحه مجدداً في أية دورة عادية مقبلة، في ظل الخريطة النيابية الحالية والتوجهات القائمة على تقديم الاعتبارات المذهبية على الاعتبارات الإصلاحية، وعلى الانقلاب على الموافقة السابقة التي تؤكد اجتهادات كبار رجال القانون بعدم جواز العودة عنها. وإذا كان إعدام مشروع التعديل الدستوري قد بني على «لحس الموافقة»، فإن الوقائع السياسية والطائفية التي حكمت مسار الجلسة النيابية امس، ظهـّرت تساؤلات حول مصير الكثير من المواضيع الحساسة، ويأتي في صدارتها مشروع قانون الانتخابات البلدية، التي تحيطه تساؤلات حول كيفية توليده، واي صورة اصلاحية سيخرج فيها من «مجلس الستين». وكانت وقائع الجلسة الدستورية التي عقدها المجلس النيابي امس برئاسة رئيس المجلس نبيه بري وحضور رئيس الحكومة سعد الحريري، قد سارت في سياق مخرج رسمه معارضو تخفيض سن الاقتراع، قام على تجنب اللجوء الى تطيير النصاب، الذي قد يعني ابقاء المشروع على قيد الحياة، بل الإطاحة بالمشروع من اساسه عبر اللجوء الى التصويت المقنع ضده بالامتناع عن التصويت، إدراكاً منها بتعذر نيله حتى ثلث اصوات النواب الذين يتألف منهم المجلس قانوناً أي 47 نائباً، وهو ما أظهرته عملية التصويت التي اقفلت على دون الاربعين بستة اصوات. وقد سادت الجلسة نقاشات غلب عليها الطابع التبريري لمؤيدي المشروع، كما لمعارضيه الذين بدت مداخلاتهم ضمن سياق محدد يربط إقراره بإقرار آلية اقتراع المغتربين. فيما كان لافتاً للانتباه الصمت المطبق للحكومة ورئيسها سعد الحريري، وفشلت محاولات جرها الى إبداء رأيها في هذا التعديل الدستوري، كما فشلت محاولات ايجاد مخرج توافقي يضع المشروع على سكة التطبيق المؤجل، أثاره بداية الرئيس بري بطرح مخرج يقضي بإقراره على ان يعمل به في انتخابات العام 2013، وأيّده نواب «حزب الله» وسائر النواب المؤيدين، اضافة الى النائب روبير غانم الذي لفت تبنيه للمخرج الا ان تلك المحاولات فشلت وانتهى الامر بالتصويت ـ الفضيحة. وفي جانب آخر، من الجلسة، أتمّ المجلس النيابي في جلسة الامس، انتخاب المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، فأبقى القديم على قدمه الذي كان سارياً في ولاية المجلس النيابي السابق، بحيث وزع توافقياً الأعضاء على الكتل الكبرى، فتثمل تكتل التغيير بالنائب ابراهيم كنعان (أصيل)، و«المستقبل» بالنائب سمير الجسر (أصيل)، وكتلة التحرير والتنمية بالنائب غازي زعيتر (اصيل) ومسيحيو 14 آذار بالنائب نقولا غصن (اصيل)، وكتلة الوفاء للمقاومة بالنائب محمد فنيش (اصيل) وبالنائب نوار الساحلي (رديف)، وتكتل الارمن وزحلة بالقلب بالنائب سيبوه قلبكيان (اصيل). فيما تمثل «اللقاء الديموقراطي» بالنائب مروان حمادة (رديف)، ونائلة تويني خلفاً لوالدها الشهيد جبران تويني (رديف). وفي الجانب التشريعي، اقرت الهيئة العامة مجموعة من اقتراحات ومشاريع القوانين، فيما تضمّنت مداخلات الاوراق الواردة مطالبات انمائية مناطقية، فيما برز ما طرحه عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله بإشارته الى عملية «الموساد» الاسرائيلي في دبي واغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح، فنبه من هذا الأمر الخطير وطرح على الحكومة سؤالاً حول لبنان المعرّض للاعتداءات الإسرائيلية وقد جرت فيه عمليات اغتيال كثيرة، وكثيرون يأتون إليه بجوازات سفر أوروبية، ليس معلوماً ان كانت مزورة ام لا او أنهم أوروبيون او غير اوروبيين، ومن بينهم صحافيون اسرائيليون جاؤوا الى لبنان بجوازات سفر اوروبية وبثوا من بيروت، فما هي الإجراءات التي اتخذتها الحكومة للتشدّد مع هؤلاء الذين يحملون جوازات اوروبية؟ وتبلغ فضل الله لاحقاً من وزير الداخلية بأن ثمة إجراءات قد اتخذت في هذا المجال..
بدا المنتدى، الذي تزامن افتتاحه مع الذكرى الثالثة والأربعين لاستشهاد «تشي»، مناسبة جديدة للتأكيد على «الترابط النضالي في كل من كوبا ولبنان وفلسطين» ضـــد «الإمبريالية الأميركية وإســرائيل»، وهو ما عكسته المداخلات التي ألقيت، إن في حفل الاحتفال، الذي كان خليطاً من السياسة والموسيقى، أو في الندوات الثلاث التي أقيمت بعناوين ثلاثة: الحصار الأميركي، الكوبيون الخمسة، ودور الشباب في الثورة الكوبية. كانت الأيام الثلاثة التي أمضتها اليدا غيفارا في لبنان كافية لأن تدرك كيف «كُتب على الشعوب الصغيرة أن تقوم بإنجازات كبرى»، وهو ما عبّرت عنه في الكلمة التي افتتحت بها أعمال المنتدى، حيث رأت أنّ «لبنان يعيش اليوم لحظات تاريخية، ليس على المستوى اللبناني فحسب، بل على مستوى العالم العربي كله، بعدما أكد الشعب اللبناني أن بإمكانه الانتصار على أي عدو مهما بلغت قوته». «لعل الكلمات لا تعبّر دائماً عمّا نريد»، هي عبارة لـ«تشي» استحضرتها اليدا، قبل أن تلّخص الأسس التي يجب أن تستند إليها الشعوب المقاومة بـ«ثلاث كلمات بسيطة جداً لكنها في غاية الأهمية: أولها، الوحدة التي من دونها لا يمكن لأي قوة أن تنتصر. وثانيها، احترام الآخر لأننا كلنا بشر نعيش تحت شمس واحدة ونتنفس هواء واحداً. أما ثالثها فهو التضامن بوصفه التعبير عن رقة الشعوب كما كان يقول تشي». وفضّلت غيفارا أن تختتم كلمتها بإنشاد أغنية أرجنتينية تعكس كلماتها هذه الأسس: «أخي، أعطني يدك حتى نذهب ونأتي بكلمة صغيرة هي الحرية». بدوره، تطرّق السفير الكوبي في لبنان مانويل سيرانو أكوستا إلى الحصار الأميركي المفروض على بلاده، مشيراً إلى أنّ إدارة الرئيس باراك أوباما ما زالت تطبق الحصار بالأساليب ذاتها، معتبراً أنّ الأخير «لم يرتق إلى مستـوى الآمال التي علقت عليه». وتحدّث باسم لجنة التضامن اللبنانية كل من وفيقة ابراهيم، التي أشارت إلى أنّ «هذا المنتدى عيّنة نرد من خلالها بعض الدين والوفـــاء لكوبا»، وهــادي بكداش، الذي اعــتبر أنّ «النضال من أجل كـــسر الحصار عن كوبا هو عينه النــضال من أجل كــسر الحصار عن الشعــب الفلسطيني في كل فلســطين». اليوم الثاني للمنتدى، تضمّن ثلاث ندوات تناولت الحصار والمعتقلين ودور الشباب. وبالرغم من سعي المنظمين إلى إضفاء الطابع العملي على النقاش، إلا أن معظم ما قيل تميّز بالطابع الخطابي، إذا استثنيت بعض المداخلات المرتبطة بالجوانب القانونية للحصار الأميركي في ظل ازدواجية المعايير الدولية (المحامي البير فرحات والخبيران حسن جوني ومحمد طي)، وأهمية الإعلام في التضامن الأممي مع كوبا (رئيس لجنة الصداقة اللبنانية الكوبية موريس نهرا)، فضلاً عن مداخلة أو اثنتين تناولت السبل القانونية لكسر الحصار. وفي سياق النقاشات، تطرقت غيفارا إلى المصاعب التي تواجهها كوبا بسبب الحصار لا سيّما في ما يتعلق بتوفير الدواء والأغذية، متحدثة عن تجربتها كطبيبة أطفال. كما تناولت قضية المعتقلين الخمسة مشددة على أن دورهـــم كــــان حماية الشعب الكوبي من الإرهاب الذي يخطط له في الولايات المتحدة. أمّا الكلمة الأخيرة التي أرادت غيفارا أن تنهي بها المنتدى فكانت «مجرّد رأي شخصي» في الوضع اللبناني، حيث تساءلت عن عدم وجود قوات دولية على الجانب الإسرائيلي من الحدود لحماية لبنان من اعتداءات العدو، فيما وصفت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بأنها أداة لتدمير البلاد. إشارة إلى أن غيفارا تختتم زيارتها للبنان اليوم، حيث تعقد مؤتمراً صحافياً في نقابة الصحافة عند الساعة الحادية عشرة صباحا، كما تزور النصب التذكاري لشهداء مجزرة صبرا وشاتيلا، وستضع إكليلاً من الزهر على ضريح القيادي في المقاومة عماد مغنية.
وسام متى
جعفر العطار
كانت الساعة الثالثة والنصف، فجر أمس الاول السبت، عندما قررت ثلة من الشبان استئناف قطع طريق المطار، قبالة مسجد «الرسول الأعظم»، المحاذي للمستشفى الذي يحمل الاسم نفسه.
بدت السعادة، ولا شيء غيرها، واضحة، مرسومة على وجوه الشبان الذين زاد عددهم عن الستين، عقب دقائق وجيزة من الخطوة الأولى التي اتخذوها، تجاورهم دراجات نارية. بسرعة، وبحركات متعاقبة، صار مسرح التعبير عن الغضب حول انقطاع التيار الكهربائي، جاهزاً: جرّ مستوعبات النفايات، وقلبها يمنة ويسرة، ثم دس الإطارات المطاطية بينها، فإضرام النار من قوارير وقود متوسطة الحجم.
بذاك، تحوّل المكان إلى نقطة محظورة، ممنوعة، حرّم الدخول إليها، أو الخروج منها، فيما المشرفون عليها يتولون تنظيم الفوضى: شاب عشريني بنظارات سوداء، يوجّه الأوامر لزملائه الذين علت وجوههم حماسة مفرطة.
حماسة مجهولة الدوافع: قطع الطريق من باب التسلية، أم أنهم وجدوا أنفسهم فجأة في ذلك الموقع، بسبب معاناة حفظوها ظهراً عن قلب؟ معاناة حولتهم الى مضطهدين، مهمّشين، مبعدين عن سبل الحياة البديهية عنوةً؟ يرون كم هم مهمّشون، وفي الوقت ذاته مهملون، فيتحول الاحتجاج إلى مجرد احتجاج، لا يجدي تغييراً أو لفتة ممن يفترض أن يهتم بشؤونهم. ضعفاء يستقوون على من يفترضون أنهم باحتجاجهم باتوا يملكون سلطة عليهم، ولو لدقائق، ولو من دون وجه حق. كانت حماسة واضحة. الحماسة للشعور، ولو بتلك الطريقة، بأن في أيديهم سلطة ما.
بعد خمس دقائق، أو أكثر تقريباً، ثبت الحجر الأخير، الكبير، في الزاوية المحاذية للمستشفى، فصار المرور في ذلك الطريق، والطريق المجاور لمحطة الوقود، مستحيلاً وعسيراً. كان الدخان الأسود يتصاعد بكثافة غريبة، تاركاً وراءه ألسنة اللهب البرتقالية اللون، والتي شكلت إنذاراً أولياً لسائقي السيارات، قبل وصولهم إلى تلك النقطة.. إلى «الغابة».
لم تكن الإنذارات رادعة، بل ربما تحولت إلى نقطة جذب، فصارت تتكاثر أعداد السيارات، بينما راح أصحابها يتوسلون الشبان طالبين منهم السماح لهم باجتياز العوائق للدخول إلى المستشفى، أو بغية التوجه إلى المنزل، إلا ان الإجابات كانت واضحة: «ممنوع. أنظر... الطريق مقطوعة. هيا، عد أدراجك».
الدخان الأسود يتسلل إلى نوافذ المستشفى تارة، ويلف «مركز بيروت للقلب» تارة أخرى. الدخان الأسود يقترب من محطة «الأيتام» حيناً، ويقتحم مطعم «الساحة» حيناً آخر. صورة المرجع الديني السيد محمد حسين فضل الله تحترق. الشبان يهرولون متأبطين الإطارات المطاطية. فتى النظارات الشمسية يمشي مرحاً.
تصل سيارة أجرة، حديثة الطراز إلى حد ما، من جهة محطة «الأيتام»، ويركن سائقها قبالة ألسنة اللهب، ثم يترجل ليزيح إطاراً يحترق بغية المرور. وفيما يتكئ الرجل الأربعيني على عكازه، نظراً لحال ساقه المبتورة، تقفز مجموعة قوامها حوالى ستة شبان، من الجهة المقابلة، لتحتشد أمامه بغتة، ويزعق أحدهم: «قف عندك. إلى أين تظن أنك ذاهب؟ هيا، استقل سيارتك بهدوء، أفضل من أن تُبتر ساقك الأخرى!». يعود الرجل، بصمت.
ماذا يحدث؟ على من يثور هؤلاء؟ بوجه من يزعقون، ولماذا؟ أين قوى الأمن اللبنانية، من درك وجيش؟ أين أفراد الأحزاب المحلّية، الذين اعتادوا في مثل هذه اللحظات أن ينتشروا بين الناس؟ أين أفراد فرع المعلومات؟ أين قوى الأمن الداخلي؟ أين الدولة؟
تستقر الساعة عند الرابعة والنصف فجراً. يسير شاب عشريني، في مشية تشبه مشية نابليون: يشبك يديه خلف ظهره، وينفخ صدره، عالياً. يمشي محدقاً بأقران له يفترشون الطريق بالإطارات كل عشر دقائق، فيرفع إحدى يديه ويهتف قائلاً: «انتبهوا إلى هذه الحافلة، يبدو أنها محملة بمواد غذائية. تصرّفوا!».
في الصندوق الخلفي للحافلة، جلس ثلاثة شبان، بدا كأنهم عمال مصريون، على أكياس من الطحين. يقترب فتى النظارات الشمسية، بخطوات واثقة، من الحافلة ويلوّح بيده للسائق كي يتوقف. يمتثل الأخير، ويقول لفتى النظارات انه متوجه إلى الحازمية. يزيح الفتى النظارات، لإضفاء طابع جدّي على حديثه ربما، ويقول بصوت هامس: «هيا، عد من حيث أتيت. لا أريد أن أسمع أي كلمة».
وفيما يتهيأ السائق ليعود أدراجه، نزولاً عند رغبة الشاب الذي يُعتبر – من جهة السنّ – كحفيد للسائق، عمد شابان ملثمان إلى تسلّق الحافلة، وهما يوجهان الشتائم للعمّال، ثم حاولا حمل كيس طحين، بيد أن السائق همّ بالرحيل مسرعاً. تُرسم ابتسامة عريضة على وجه أحدهما، ويردف: «أشعر انني في حرب أهلية. حبذا لو نوفّق، الآن، بحافلة محمّلة بالأموال أو الطعام الفاخر!».
دخان أسود، كثيف، يسبح في فضاء المستشفى، وفي فضاء المركز. «مركز بيروت للقلب».
الخامسة والنصف فجراً: دراجات نارية تتوافد إلى محيط النيران، ليرمي الشبان إطارات جديدة. شبان آخرون يجلسون على حافة الرصيف، يدخنون النرجيلة، أو يتناولون وجبة الفطور. شبان يستعرضون حركات بهلوانية، عبر الدراجات الصغيرة الحجم. لا عناصر أمنية لبنانية بعد، لا وجود لأي عنصر تابع للدولة، أو حتى لـ«الحزب» أو «حركة». شباب، فقط.
تشق سيارة من نوع «رانج روفر» بيضاء اللون طريقها، بين ألسنة النار، متخطيةً الحاجز الأول، فتصير بالقرب من المسجد، حيث يتصدى لها فتى النظارات، من دون أن يشكّ للحظة ان سائق السيارة يمكن أن يدهسه. «أمي في المستشفى!» يصرخ السائق، متجاهلاً وقوف الفتى، ثم يتخطى الحاجز الثاني، حتى يصل إلى مدخل الطوارئ. جنون.
يصاب الفتى، الذي خلع نظارته ورماها على الأرض، بنوبة جنون غريبة. يقفز في الهواء ويشتم، تزامناً مع افتعال حركات بهلوانية غاضبة، حتى وصلت سيارتان، إحداهما أجرة، إلى الباحة.. إلى «الغابة».
واستكمالاً لنوبة الجنون التي اجتاحت الفتى، يتقدّم مسرعاً باتجاه سيارة الأجرة، ويركض خلفه الشبان، الملثمون منهم، وغير الملثمين، في مشهد يرغب بالتدليل على غضب يساوي غضب زميلهم. يصل الفتى إلى مقربة من السيارة التي تجاوزته، وينهمك بالضرب على صندوقها، تماماً كما بدأ مواسوه يضربون السيارة من جهات عدة، من دون سابق إنذار، موجهين كلمات وشتائم غير مفهومة. ماذا يحدث؟ هل يكون السائق، هو سبب بلاء الكهرباء في لبنان؟
كلا. الفتى يفرّغ غضبه في السائق الذي فرّ منه. والشبان، يواسون الشاب الغاضب فقط. «المواساة» لم تتوقف عن التحطيم، بل حاول عماد س.، أي فتى النظارات، أن يسحب السائق من السيارة ليبرحه ضرباً، وهو يردد أن اسمه «عماد س« بأعلى صوت. لكن أحد الرجال الذي كان يهم بالخروج من المسجد، زعق بوجه عماد ونحّاه جانباً. عماد كان يصرخ قائلاً: «دعوني أقتله! دعوني!». ماذا يحدث؟
يُطرد السائق الخمسيني، وتغادر السيارة الثانية، من دون أدنى محاولة للتوسل، خشيةً من الوقوع في الشرك نفسه، بينما راح بعض الشبان يتحدثون، في الهمس، عن موقف عماد البطولي، وكيف فجّر غضبه بوجه الخمسيني من دون الاكتراث لأحد.
كانت الباحة، الغابة، أشبه بزوايا قسمت على ضفتي الطريق، تحضن كل منها مجموعة من الشباب. بيد أنه لا فرق بين الزاوية والأخرى، من حيث المضمون. مرايا. كانوا أشبه بالمرايا لبعضهم بعضاً.
تمرّ ساعة كاملة، والمشهد على نفسه، لولا انبلاج الصباح وانتشار الضوء: إشكالات متقطعة مع أصحاب سيارات وحافلات مارّة، من مختلف الأعمار، وممانعة إزاء توسلاتهم والذرائع التي يقدمونها بغية اجتياز الحواجز.
سحب من الدخان تتصاعد، ثم يعاد إضرام النيران قبل أن تخمد. الزوايا نفسها. الأحاديث نفسها. الشعور بالفخر نفسه. نابليون يمشي بين أصدقائه متفقداً ومطمئناً. عماد ليس هنا. والقوى الأمنية، ليست هنا. لا أحد، هنا.
مع انبلاج الصباح، صارت الرؤية أوضح. وصارت، للمشاركة في قطع الطريق، هوية لا مناص من إبرازها، والعمل على تنقيتها: شحوب الوجه، والجسد العاري في قسمه الأعلى، لونه بلون الدخان الأسود. «التنقية» تكون عبر تعريض الوجه للدخان أكثر، فيصير «نقياً من النظافة». النظرية المعاكسة، تماماً كفكرة الثورة على الناس، عوضاً عن الثورة على الدولة.
الشبان، الذين علت وجوههم تلك الهوية، كانوا يمشون مزهوين، سعداء، بما لونت أيمانهم، كأنهم يقولون: «هذا أنا. احفظوا وجهي جيداً. لقد شاركت معكم يوماً ما». تبدأ أعدادهم في التضاؤل قليلاً، عند الساعة السابعة.
عند الثامنة والنصف تقريباً، تصل دورية تابعة للجيش اللبناني، لتعمل على تفريق الحشود الباقية، ثم إزالة العوائق وفتح الطريق.
تصل القوى الأمنية، كما يصل «البوليس» في بعض الأفلام السينمائية، متأخراً. وصل «الأمن» بعدما تعرض ناس أبرياء، لا علاقة لهم بانقطاع التيار الكهربائي، للضرب والذل على أيدي شبان «أبطال»، بالقرب من الجسر الذي رفعت عليه لافتة «أمانة الشهداء»، وبالقرب من مسجد تابع لحزب محلي.
ماذا يجري داخل «كتلة المستقبل» ولماذا هذا الارتباك في الموقف السياسي؟ قامت قيامة «النواب الزرق» على الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسـن نصر الله، حتى من قبل أن يفرغ من قول ما لديه في مؤتمره الصحافي الأخير. الرفض لكلام «السيد» بالمطلق كما لأي تشكيك بالمحكمة والتحقيق، هو رفض سياسي بامتياز قبل أن يكون تقنيا... ربما «تبرّع» البعض بالاجتهاد من عندياته من دون أن يعود إلى من يجب أن يعود إليه تبعا للرتبة. هنا يكون الحق على دولة رئيس الحكومة سعد الحريري الموجود على متن «عصفورته البحرية» السـابحة في سـردينيا. أمس الأول، أبلغ أحد نواب كتلة «المستقبل»، «السفير» كلاماً سياسياً للرئيس الحريري، في سياق مقاربته للمؤتمر الصحافي الأخير للسيد نصر الله. وضع رئيس الحكومة، وفق ما نسب إليه، التماسك الداخلي والعدالة في سلة واحدة، بمعنى أن لا شيء يلغي الآخر. أعطى لكلام «السيد» بعدا «شديد الأهمية والحساسية»، وأتبع ذلك بالدعوة إلى إعطاء كل الوقت والجهد المطلوبين للتحقيق على قاعدة النظر بجدية لما قاله الأمين العام لـ«حزب الله».. وصولا للقول «إذا تبين أن القرائن والمعطيات التي قدمها نصر الله تتطلب الاستماع إلى إسرائيليين ورفضت إسرائيل التجاوب، فهي ستتحول بالنسبة إليّ (رئيس الحكومة) من متهمة إلى مدانة». بالطبع، كان للكلام المنسوب لرئيس الحكومة وقع طيب على الناس المتلهفين للخروج من مضيق الخوف والفتنة. كان كثيرون يسألون عن موقف الحريري، وها هو الرجل، عبر المقرّبين منه، يقول كلاما عاقلا، في لحظة سياسية مفصلية في تاريخ لبنان. لم تكتف «السفير» بذلك، بل دققت في الأمر مع أحد الوزراء من فريق الأكثرية، وكان جوابه أن ما قاله رئيس الحكومة هو الموقف العاقل والحكيم وأنه بطبيعة الحال، يؤسس لتواصل بينه وبين السيد نصر الله بعد عودته الى بيروت. تزامن ذلك أيضا، مع تأكيد من وزير من كتلة أخرى للكلام نفسه، كما لانتقال رئيس الحكومة من باريس الى الرياض. وكما كان متوقعا، أحدث كلام رئيس الحكومة، أمس، الصدى المطلوب سياسيا، خاصة في «حزب الله» الذي كان بعض قيادييه من المبكرين في الاستفسار والتدقيق، كما في الأوساط السورية التي دققت بدورها بالكلام، من جهة، وأشادت به من جهة أخرى، معتبرة أنه ينم «عن روح وطنية وتحسس للمسؤولية». وبالطبع أيضا، لم يكن متوقعا أن يلقى هذا الموقف ترحيبا من بعض أوساط فريق الأكثرية، وخاصة من مسيحيي 14 آذار. غير أن المفارقة اللافتة للانتباه أن بعض نواب «كتلة المستقبل»، بمعزل عن الأسماء، شكلوا ما يشبه «خلية أزمة». فتحت الخطوط وتم استدعاء بعض المستشارين الإعلاميين في أكثر من موقع. تم التدقيق في مصدر التسريب وقيل إنه من غير الجائز أن يقال ما قيل بينما كان سقف «كتلة المستقبل» السياسي أقل من ذلك بكثير. تخطت المشاورات بيروت، نحو باريس والرياض ولم تأت أجوبة قاطعة، بل حصلت اجتهادات، مصدرها بعض «المستشارين» الذين اعتادوا تلقين بعض النواب بالفاكس أو عبر الهاتف. كان الأنسب أن يتم استيعاب الارتباك الناجم عن الكلام المنسوب لرئيس الحكومة، بالصمت في انتظار ما سيقوله قريبا. البعض غامر منذ الصباح ترحيبا بحرارة عبر إحدى الإذاعات. الثاني، تبنى أيضا عبر إحدى أبرز الشاشات التلفزيونية. فجأة يخرق «جدار الصوت» ثالث من «الصقور» عبر موقع 14 آذار ويقول كلاما حاداً جداً، تجاه «حزب الله» ولعله كان الأدق تعبيرا عن موقف «حماة الهيكل»، لجهة القول ضمنا إنهم المرجعية الصالحة لتحديد «المصلحة الزرقاء» وتظهير الموقف و«من غير الجائز أن يتم تجاوزنا»!. استنجد أحد من أطلوا عبر الشاشة، بصديق لكن جاءت النجدة متأخرة، فطلب من رئيس تحرير نشرة أخبار المؤسسة المذكورة توضيحا من ثلاث نقاط: أولا، رئيس الحكومة لم يعط تصريحا لأية صحيفة بما في ذلك «السفير» (بالمناسبة نقلت «السفير» عن مقربين منه وليس عنه مباشرة)، ثانيا، الموقف الوحيد للكتلة هو البيان الصادر عنها (أمس الأول)، ثالثا، لم يلتق رئيس الحكومة العاهل السعودي. وبين هذا وذاك، كان ثالث ورابع وخامس يردد موقفا «بين الاثنين» (راجع مواقف نواب المستقبل ص3)، في تعبير مباشر و«على الهواء مباشرة»، عن عدم توصل رئيس الحكومة إلى قرار نهائي لموضوع المخرج. صحيح أنه تبنى الكلام الذي قاله العاهل السعودي والرئيس السوري بأن الفتنة المذهبية في لبنان خط أحمر وأن تداعياتها ومخاطرها تتجاوز الداخل اللبناني لتصيب الاستقرار في المنطقة العربية... ولكنه سيعلن أول موقف له مما طرح ويطرح، في إفطار رمضاني يقام في قريطم، يوم غد، علما أن بعض الأوساط القريبة جدا منه جددت القول، أمس، إن المستغرب «أن يستغرب البعض الكلام المنسوب للحريري، في «السفير»، أمس». الموقف نفسه، ردده رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط الموجود في باريس، عندما كان يتشـاور هاتفيا، نهار أمس، مع الوزيرين غازي العريضي ووائل أبو فاعور، وأبلغهما ارتياحه الشديد لما نسب للحريري، معتبرا أنه بذلك يكمل ما قاله السيد نصر الله وما بلغه من الرئيس نبيه بري، وكل ذلك يساهم في تلمس المخرج للمأزق الذي بلغه الجميع. أكثر من ذلك، نقل مقربون من رئيس الجمهورية ميشال سليمان عنه اهتمامه الشديد بما نسب للحريري، خاصة أنه يستعد اليوم، مع عودة رئيس الحكومة، الى دعوة مجلس الوزراء للانعقاد في جلسة عادية يوم الأربعاء المقبل، في المقر الصيفي لرئاسة الجمهورية في بيت الدين، وعلى جدول أعمالها 92 بندا، بالإضافة الى ما يتصل بأحداث الجنوب الأخيرة وخاصة حادثة عديسة، والتمديد لـ«اليونيفيل» وملف العملاء والشكوى المنوي تقديمها لمجلس الأمن، فضلا عن موضوع المحكمة الدولية «في ضوء ما قدمه السيد نصر الله من معطيات وقرائن هامة جدا»، علما أن رئيس الجمهورية تبلغ بوجود اتجاه لدى وزراء المعارضة للدفع باتجاه توقيع أحكام الإعدام الصادرة بحق بعض العملاء. في ظل هذا المناخ السياسي، انبرى من يقول من داخل كتلة المستقبل، وبلغة حريصة جدا، إن ما نقل من كلام عن رئيس الحكومة، أمس، «أكيد ولو أن من نقله أساء التعبير في أحسن تقدير... المهم أن المضمون صحيح»، نائب آخر، من خارج العاصمة، عبّر عن الواقع بالقول «نحن نفتقد الى ضابط الإيقاع... لكن منطق الأمور يقول إنه اذا كان هناك مشروع لقاء بين رئيس الحكومة والسيد نصر الله، فلا يمكن ملاقاته إلا بكلام مسؤول كهذا». الحركة في الوسط السياسي والإعلامي عند «حماة الهيكل» تشير الى أنهم يدفعون مجددا باتجاه الاشتباك. بعضهم يتبنى نظرية بعض أمانة 14 آذار بوجوب الالتصاق بالسوري بالكامل من أجل الاستقواء به على «حزب الله». هؤلاء لا يعلمون علم اليقين، ما يردده قادة سوريا من جهة وما أصاب حنجرة سفيرها في بيروت من جهة ثانية، لكثرة ترداده: «روحوا خيطوا بغير هذه المسلة»! جمهور سعد الحريري، وهو جمهور رفيق الحريري، بدا بأغلبيته، أمس مرتاحا لما نسب الى زعيمه. لا أحد يريد في لبنان الفوضى أو الفتنة. يلتقي جمهوره مع الجمهور الآخر، في الحرص على الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي. ليس صحيحا ما يردده البعض، خاصة «الصقور» من أن المعارضة تريد أن تكسر سعد الحريري. الكل، في الداخل والخارج، يريد حماية رئيس الحكومة... ومن يدفعه لقول عكس ما نسب اليه، كأنه يشتهي الكرسي الى درجة أنه لم يعد يتمناها لغيره، طالما أنها تبتعد عنه يوما بعد يوم... وطالما أن استمرار الحكومة الحالية، شرطه الأساس، عند من يعنيهم الأمر، في الداخل والخارج، حماية المقاومة وعدم المس بها.