زياد الرحباني أخيراً. أمس «وليس غداً»، في المسرح البحري لسوليدير ضمن «اعياد بيروت». برغم استمرار الالم في يده اليمنى التي حالت دون توليه العزف الكامل على البيانو، قدم زياد برنامجاً كان يرغبه منذ مدة. وهو استغل الحفل ليقدم خطاباً تحدث فيه عن التحالف الاميركي ــــ الخليجي خصوصاً التبادل الثقافي، وتحدث عن «مآثر» الجيش الاميركي في افغانستان، وكيف كان يرسل «مساعدات غذائية تقتل الناس هناك».

زياد الذي تأخر بدء حفلته لبعض الوقت، اطل محاطا بأطياف عمالقة يحبهم على الخلفية. ندى بو فرحات وريما قديسة قدمتا الاسكتشات، المغنية السورية منال سمعان ادت بعض أجمل الأغنيات التي نعرفها بصوت فيروز من «قصة زغيرة كتير» الى «فايق ولا ناسي». الثنائي المصري شيرين عبده وحازم شاهين بدأ بسيد درويش «اهو ده اللي صار». زياد حاضر بكل وجوه موهبته، عزف على الكيبورد وعاونته دارين شحادة على البيانو. الحفلة بدأت بمقطوعة غير منشورة بعنوان «اكياس وشنط» بمشاركة خاصة من عازف الساكس الأميركي المخضرم تشارلز دايفس. وقدم في الجزء الثاني «مهووس» من جديده غير المنشور، و«راجعة باذن الله» بصوت حازم شاهين، ليختم عند منتصف الليل بـ «جايي مع الشعب المسكين» من «نزل السرور»، التي رافقها الجمهور بانفعال كبير.

«لا يمكن تطبيق قانون الايجارات بلا المواد والفقرات التي جرى إبطالها»، بهذه الكلمات حسم رئيس المجلس الدستوري عصام سليمان التأويلات المتناقضة للقرار الصادر عن المجلس امس، الذي ابطل مواد وفقرات واردة في القانون المذكور، تتعلق بتأليف لجان لبت النزاعات بشأن بدل المثل، لكونها لا تتوافق مع النظام القضائي

 

إيفا الشوفي, فراس أبو مصلح - الاخبار

 

صدر عن المجلس الدستوري، أمس، القرار الرقم 6/2014، وأبطل المواد 7 و13 والفقرة ب-4 من المادة 18 من قانون الايجارات المطعون فيه، «وهي المواد المتعلقة باللجنة التي أنشأها القانون لبت النزاعات بشأن بدل المثل»، تقول خلاصة القرار، ان إبطال هذه المواد جرى تعليله بـ«عدم توافر المواصفات والشروط التي تؤدي الى منح اللجنة الصفة القضائية، وجعل قرارات اللجنة مبرمة وغير قابلة لأي طريق من طرق المراجعة».

وقد رد المجلس الدستوري الطعون المتعلقة بإقرار القانون بمادة وحيدة في مجلس النواب، وتناقضه مع مبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة والأمان التشريعي والحقوق المكتسبة وحرية التعاقد، كما رد الطعن في صلاحية إصدار القانون في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية واعادة نشره في الجريدة الرسمية بقرار صادر من الأمين العام لمجلس الوزراء، بعدما ردّه المجلس الدستوري سابقا بحجة مخالفة المهل المتعلقة بالنشر. هذا القرار اتخذه المجلس الدستوري بالاكثرية لا بالاجماع، ولم يقارب اساس النزاع بين ممثلي المستأجرين والمالكين في الابنية القديمة المؤجرة، بل بدا اقرب الى التهرّب من بتّ النزاع نفسه، والسعي الى اعادة الكرة الى ملعب مجلس النواب، اذ إن تفسيرات القرار تذهب في اتجاهين: امّا ان يعود مجلس النواب الى درس القانون برمته، وامّا ان يعود لتعديل المواد التي قبل المجلس الدستوري الطعن بها. وهذا ربما ما جعل طرفي النزاع يحتفلان بصدوره. فقد رأى ممثلو المالكين انهم ربحوا معركة دستورية القانون الذي ايدوه وطالبوا بتنفيذه، فيما رأى ممثلو المستأجرين انهم ربحوا جولة الطعن بالقانون الذي رفضوه جملة وتفصيلا، اذ إن مستشاريهم القانونيين يرون ان الطعن بمادة واحدة من القانون تجعل كل القانون كأنه لم يكن، وذلك وفقا لتفسير المادة السابعة والثلاثين من قانون المجلس الدستوري التي تنص على أنه: «إذا أعلن القرار بطلان النصوص المخالفة للدستور كلياً أو جزئياً، يعدّ النص الذي تقرر بطلانه، كأنه لم يكن، ولا يرتب أي أثر قانوني».

لا يمكن تطبيق القانون

ممثلو مالكي الأبنية القديمة المؤجرة رحبوا بصدور قرار المجلس الدستوري، لاعتبارهم أن قانون الإيجار الجديد أصبح نافذاً، برغم إبطال بعض مواده؛ غير أن رئيس المجلس الدستوري القاضي عصام سليمان أكد في حديث لـ«الأخبار» أنه لا يمكن تطبيق القانون بلا المواد والفقرات التي جرى إبطالها، وبالتالي سيُحال القانون على مجلس النواب لتعديل مواده التي أبطلها المجلس الدستوري، موضحاً أن المجلس النيابي حر كذلك في تعديل المواد التي رُدت الطعون بها.

وكان مجلس النواب قد اقر قانون الايجارات الجديد بمادة وحيدة في نيسان الماضي، وطعن به رئيس الجمهورية ميشال سليمان قبل نهاية ولايته، كما طعن به 10 نواب ضمن المهلة القانونية. وفي قراره الرقم 5/2014 الصادر في 6 حزيران الماضي، قرر المجلس الدستوري أن قانون الإيجارات الذي أقره مجلس النواب، وامتنع رئيس الجمهورية عن إصداره، أو رده، غير نافذ وغير موجود نظراً لنشره في الجريدة الرسمية في 8/5/2014، أي قبل يوم من انقضاء مهلة الشهر الدستورية، التي تنص عليها المادة 57 من الدستور. وقد ساد الاعتقاد بأن قرار المجلس الدستوري هو نهاية المطاف، لكن في حزيران الماضي فوجئ الجميع بالامين العام لمجلس الوزراء سهيل بوجي يأمر باعادة نشر قانون الإيجارات في ملحق العدد 27 للجريدة الرسمية (26/6/2014). في ضوء ذلك، تقدّم 10 نواب بطعن جديد بالقانون، وهم يمثلون كتل الوفاء للمقاومة والتنمية والتحرير والتغيير والإصلاح والكتائب والقوات اللبنانية.

عدم دستورية لجنة التخمين

يوضح المحامي جاد صوان، عضو لجنة المحامين المكلفة من قبل لجان المستأجرين، أن لجنة بت النزاعات التي «يرتكز على تأليفها» القانون الجديد، ويقترح إنشاءها في كل قضاء تمثل «ضربة للدستور»، مشيراً إلى أن المجلس الدستوري قبل الطعن فيها بالشكل وبالأساس، لكونها «تحل محل المحاكم العدلية العادية (البداية والمنفردة والاستئناف)»، أو «تؤلف محاكم خاصة تتضارب صلاحياتها مع صلاحيات المحاكم العدلية»، سائلاً عن مصير الدعاوى المرفوعة للقضاء العدلي الحالي. يشرح صوان أن المجلس الدستوري رأى بالمقابل أن «لا أسباب دستورية لإعادة النظر» في المواد المتعلقة بصلاحية الأمين العام لمجلس الوزراء سهيل بوجي، بإعادة نشر القانون والمهل الزمنية لتحرير قيمة الإيجارات، وبالتالي فإن الإمر «ليس من اختصاص الدستوري». يرى أديب زخور، رئيس لجنة المحامين أن «الكثير من المخالفات (في القانون المقدم) لا يقدر أن يطاولها المجلس الدستوري، لأنها خارج صلاحياته»، مثل «الخلفيات الاقتصادية والاجتماعية». او عدم «الاخذ برأي المستأجرين في القانون في اللجان المشتركة»، يضيف زخور إن القانون يجب ان يتضمن خطة اجتماعية. ويجب مناقشة القانون والتصويت عليه وفقاً للأصول والنظام الداخلي للمجلس النيابي، كما يجب وضع خطة سكنية وإعادة النظر في الأرقام الواردة في القانون، وكذلك في المساعدات الممنوحة للمستأجرين، يقول زخور إن «حق السكن مقدس، وعلى الحكومة والمجلس النيابي واجب حمايته».

الجميع يحتفل بالقرار

تضاربت البيانات في الساعات الأولى التي تلت صدور قرار المجلس الدستوري. الجميع فرحون ويهنئون بعضهم بعضا. لجنة المتابعة للمؤتمر الوطني للمستأجرين أعلنت في بيان لها أنّ «القانون بات غير نافذ»، شاكرةً «المجلس الدستوري رئيساً وأعضاء» على الجهود التي بذلوها، ورأت اللجنة أنّ قرار المجلس يمثل «مدخلاً صحيحاً من أجل العمل على تعديل القانون، بما يجعل منه قانوناً عادلاً ومتوازناً». في المقابل، حيّت نقابة وتجمع مالكي العقارات والأبنية المؤجرة «نزاهة قضاة المجلس الدستوري والتزامهم الخط القانوني والدستوري المستقيم في إعلان دستورية القانون الجديد للإيجارات، وترفعهم عن المصالح الشخصية والفئوية في التعاطي مع هذه القضية، وإصدارهم قراراً منصفا وعادلا، ردوا فيه الطعن المقدم أمامهم في القانون، واكتفوا بقبول الطعن في المواد التي تعنى بلجان التخمين». كذلك رأت النقابة أن «الصيغة التي خرج بها قرار المجلس الدستوري برد الطعن لجهة إصدار القانون ونشره وإقراره بمادة وحيدة، هي الرد الأساسي من قبلنا على ما تعرض له القانون في السابق من حملات تضليل وتشويه». أربك هذا القرار طرفَي النزاع على حد سواء. يرى المستشار القانوني لتجمّع ونقابة المالكين شربل شرفان أنّ لجان التخمين، التي أبطل المجلس الدستوري المواد المتعلقة بها، «عملها تقني، إذ إن اللجنة أشبه بمجالس تحكيمية، وهي ليست لجنة قضائية. المجلس الدستوري أبطل القانون على نحو جزئي، أي إن الإبطال يسري فقط على المواد المذكورة، بينما تبقى جميع مواد القانون الباقية سارية، لأن المجلس لم يعلن إبطال القانون على نحو كامل». أضاف شرفان أن «قرار المجلس الدستوري هو أكبر دليل على دستورية قانون الإيجارات، لكن المتضرر الأكبر من قرار قبول الطعن هو المستأجر نفسه، لأنه ليس هناك حالياً لجنة للنظر في طلبات المستأجرين ذوي الدخل المحدود للحصول على المساعدات من الصندوق الخاص بالإيجارات السكنية». لن تبقى إشكالية عدم وجود لجنة من دون حل، إذ سارعت اللجنة القانونية إلى طرح الآلية الأفضل بنظرها، وهي العودة إلى المادة 50 من القانون نفسه، التي تعطي القاضي المنفرد المدني صلاحية النظر للفصل في جميع دعاوى الإيجار وجميع الطلبات والدفوع التي تلازمها مهما بلغ بدل الإيجار السنوي.

نافذ أم غير نافذ؟

هكذا، أعلن شرفان أنه ابتداء من 1-1-2015، يبدأ تطبيق قانون الإيجار الجديد. في المقابل، أعلن عضو لجنة الدفاع عن المستأجرين كاسترو عبدالله أن «اللجنة (التي أبطلها المجلس الدستوري) هي أساس القانون»، ما يعني أن إبطالها هو إبطال للقانون نفسه، الذي بات «غير نافذ». «سيعود القانون إلى مجلس النواب ليجري البحث فيه مجدداً»، قال عبدالله، مضيفاً أن لجان المستأجرين والنواب مقدمي الطعون وخبراء اقتصاديين واكتواريين سيطرحون أفكاراً لتعديل القانون، كي يصبح منصفاً للمستأجر والمالك_ لا لسماسرة العقار_ على حد سواء؛ كما ستُطرح أفكار لخطة إسكانية تكون الدولة مسؤولة عنها، وكذلك أفكار لتعديل التشريعات الخاصة بالسكن والإيجار، وسيطرح قانون الإيجار التملّك». يشير عبدالله إلى أنه من تاريخ 1-1-2013 ما من قانون للإيجار، في ظل «صراع كبير بين ممثلي الحق وبعض السماسرة والشركات العقارية»؛ ولا يستبعد عبدالله أن يتنصل مجلس النواب من حسم الصراع هذا عبر تمديد صلاحية قانون الإيجارات القديم.

5 سنوات مرّت على صدور التعميم المتعلّق بالقيد الطائفي في سجلات النفوس وجواز عدم التصريح عنه وشطبه. خطوة اعتُبرت آنذاك إنجازاً باتجاه بناء دولة القانون اللاطائفية. المتحمسون لهذه الفكرة كانوا كثراً. الداعون إلى إسقاط النظام الطائفي في المظاهرات القليلة التي نُظمّت وصل عددهم إلى عشرات الآلاف. لكنّ عدد شاطبي القيد الطائفي لا يُعرف حتى اليوم

إيفا الشوفي - الاخبار

جمعيات المجتمع المدني التي تتابع حملة «شطب القيد الطائفي» لا تعلم عدد شاطبي هذا القيد في لبنان، لأن وزارة الداخلية والبلديات لا تصرّح عن هذه المعلومات التي تصنّف في دائرة الخصوصية. إلّا أنّ رئيس «تيار المجتمع المدني» باسل عبدالله يؤكّد أنّ العدد لا يتجاوز ألف شخص، وعلى أقرب تقدير يتراوح بين 700 و800 شخص. هذا العدد الخجول بعد 5 سنوات من إصدار التعميم يطرح تساؤلات عدّة بشأن مكمن الخلل. هل الخلل في الجمعيات التي ترفع لواء معركة الدولة المدنية؟ أم في المواطنين؟ أم في القرار نفسه؟

جرت العملية بشكل تسلسلي لكن غير منظم. أُصدر تعميم شطب القيد، تلاه أوّل زواج مدني على الأراضي اللبنانية. حدثت الضجة الإعلامية وهاج المجتمع المدني أشهراً طويلة على الدولة المدنية، ثم خفتت الأصوات. خلال هذه الفترة، من عام 2009 حتى 2012، أفرز الإحصاء 442 شخصاً شطبوا مذهبهم. أُنجز الموضوع من الناحية القانونية وتمّت ملاحقته بشكل جيد، إلّا أنّ العمل الجدي على الأرض توقف. ثلاث هيئات أخذت المبادرة في هذا المجال هي «المركز المدني للمبادرة الوطنية»، «تيار المجتمع المدني» و«اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني». يعترف باسل عبدالله بتقصير المجتمع المدني في هذه القضية، «لم يحصل أي حراك شبابي ميداني جدّي على الأرض. الجهود كانت مشتتة بين الجمعيات، ما لم يساعد على إنتاج حملة موحدة لدفع الناس إلى شطب القيد. لم يجر شرح أهمية هذه الخطوة ورمزيتها، إلّا أننا أنجزنا أخيراً نشرة تتضمن كافة المعلومات وسنقوم بتوزيعها في الأيام المقبلة».

رئيس اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني حسان زيتونة يؤكّد أنّ «الحملات كانت في البداية ممنهجة ومركّزة، وفي ما بعد فقدت هذا الطابع. خفتت حماسة الشباب تجاه الموضوع بعد اكتساب حرية الاختيار كحق شرعي، وبالتالي لم يعد يشكّل معركة، لأنه أصبح أمراً واقعاً عادياً». يلفت رئيس الهيئة الإدارية لـ«المركز المدني للمبادرة الوطنية» طلال الحسيني إلى أنّ «أول حالة شطب حصلت عام 1939، حين تقدمت سيدة مارونية بطلب لشطب القيد. آنذاك لم يستجب مأمور النفوس، فأمر المفوض السامي بتنفيذ طلبها». إذاً التعميم الذي صدر عام 2009 لم يكن بمثابة قرار جديد، بل كان تذكيراً بقانونية شطب القيد الطائفي من سجلات النفوس. يرفض الحسيني تسمية «مجتمع مدني»، ويرى أنّ «هناك هيئات مدنية تنقسم إلى ثلاث فئات: فئة شكلية وأخرى جاهلة وفئة أخيرة فاعلة هي التي عملت على موضوع شطب القيد». بعد تعميم إزالة الإشارة إلى الطائفة من سجلات النفوس، وعقد أول زواج مدني على الأراضي اللبنانية، تتجه هذه الجمعيات إلى الإعلان قريباً عن خطوة ثالثة تتعلّق بوثيقة الولادة، أي تثبيت حق من شطب قيده الطائفي في الحصول على وثيقة ولادة جديدة لا تذكر قيده الطائفي، ما سيعيد الزخم إلى الموضوع. إجراءات إزالة الإشارة إلى الطائفة سهلة ويمكن تنفيذها بسرعة. لا يوجد منع مباشر من قبل مأموري النفوس للراغبين في شطب قيدهم، لكن بعضهم يمارس نوعاً من التخويف والترهيب على هؤلاء لحثّهم على التراجع عن هذه الخطوة. إحدى الفتيات في منطقة طرابلس اتُّهمت بالكفر والخروج عن الدين، فتحوّلت إجراءات شطب القيد إلى وعظ ديني. في مناطق أخرى روّج مأمورو النفوس شائعات مفادها أنّ شطب القيد يمنع المعني من التقدّم إلى وظائف عبر مجلس الخدمة المدنية وفي سلكي الدرك والأمن العام، كذلك يمنعه من أن يرث والديه ولا يُصلّى على جثمانه... يبقى هذا كله في إطار الإشاعات الكاذبة. كثيرون من دعاة الدولة المدنية لم يقدموا على شطب قيدهم لاقتناعهم بعدم جدوى الخطوة فعلياً. ترى فرح أنّ الموضوع لم يتعدّ الشكليات «خطوة لا تقدّم ولا تؤخّر. يتم شطب المذهب عن إخراج القيد فقط وليس عن جميع سجلات الأحوال الشخصية، وبالتالي نحن في صدد إخفاء الموضوع ليس أكثر». آخرون يعتقدون أنّ الخطوة لا تقاس بفاعلية تأثيرها أكثر من أنها تسجيل موقف. حسين لم يشطب قيده الطائفي على الرغم من اقتناعه بفكرة الدولة المدنية. «اسمي حسين وبيّي علي والخطوة شكلية، إذا شطبت رح يبطلو يتعاملو معي بمنحى طائفي؟!». يطرح عربي العنداري الذي شطب قيده الطائفي التساؤل نفسه بشأن مدى التجاوب مع الخطوة، «أين هم مدّعو العلمانية من موضوع شطب القيد الطائفي؟ بالتأكيد هم أكثر من عدد الشاطبين حتى اليوم!». القرار الصادر في 21 تشرين الأول 2008، والمعمم في 6 شباط 2009 ، أكّد على استبدال المذهب بإشارة «/» ما يكفي لإعلان الفرد تنظيم علاقته مع الدولة على أسس المواطنية ليصبح انتماؤه للدولة فقط. شكليّة القرار أُثبتت بجواب «هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل» على الكتاب الذي أرسله وزير الداخلية والبلديات السابق زياد بارود بشأن انعكاس عدم التصريح عن القيد الطائفي أو شطبه من سجلات الأحوال الشخصية على الترشح والاقتراع في الانتخابات النيابية. جاءت خاتمة الجواب أنّه يمكنه الترشّح على أن «يقدم إفادة من هذه الطائفة بأنه لا يزال منتمياً إليها رغم شطب قيده الطائفي من سجلات الأحوال الشخصية». إلّا أنّه لا يمكن إنكار أنّ هذا القرار أنتج مفاعيل قانونية مهمة أبرزها إمكانية عقد زواج مدني على الأراضي اللبنانية وفق القرار 60 ل.ر.

يبدو أن هيئة التنسيق وحدها تتمتع بحس المسؤولية الوطنية. ففيما قررت تأجيل الإضراب والاعتصام غداً «نظراً للظروف الأمنية الطارئة والحساسة التي تمر بها البلاد»، كان وزير التربية الياس بو صعب يجمع المكاتب التربوية في الاحزاب لاستكمال الطوق حول رقبة الهيئة

 

فاتن الحاج - الاخبار

 

 

أعلنت هيئة التنسيق النقابية تأجيل تنفيذ الإضراب العام الشامل في الوزارات والإدارات، الذي كان مقرراً غدا الأربعاء، وكذلك الاعتصام المركزي في ساحة رياض الصلح، وبررت قرارها بأن «الوطن يمر بظروف غاية في الصعوبة»، داعية «جميع اللبنانيين الى الالتفاف خلف جيشنا الوطني»، وتوجهت في بيان تلاه أمين سر رابطة معلمي التعليم الأساسي الرسمي في لبنان بهاء تدمري «الى أطراف السلطة السياسية بالقول: كونوا أيها السادة المسؤولون على قدر المسؤولية الوطنية.

 

لقد ناشدناكم مراراً وتكراراً رفع الظلم عن كل العاملين في القطاع العام ومنهم القوى العسكرية والامنية، لكنكم أدرتم الأذن الصماء على مدار ثلاث سنوات ونيف. إن مسؤولياتكم تحتم عليكم اليوم النزول فوراً الى المجلس النيابي وإقرار الحقوق بالقانون بعد أن أقررتم بها بالفعل والاعلان. كفاكم تشاطراً وكفى وضعكم لحساباتكم السياسية فوق حسابات الوطن وبنيه. لقد تسببتم بالفراغ بعدم انتخاب رئيس للجمهورية، وبحال الشلل ووقف التشريع في المجلس النيابي، والاكتفاء بتصريف الأعمال حكومياً، وأخذتم بهذه الممارسات الشعب اللبناني كله رهينة، وتركتم الجيش اللبناني من دون مظلة وحماية سياسية رسمية، مثلما تركتم هيئة التنسيق النقابية ومصالح المواطنين معطلة منذ سنوات وسنوات».

هذا الموقف الوطني لهيئة التنسيق النقابية قابله وزير التربية الياس بو صعب بمحاولة إضافية للنيل من الهيئة وسحب سلاحها الأمضى حالياً، المتمثل في مقاطعة تصحيح الامتحانات الرسمية لإجبار الكتل النيابية على إقرار سلسلة الرواتب العالقة منذ أكثر من ثلاث سنوات. فالوزير بو صعب لا يزال مصراً على إصدار مشروع قراره الرامي الى منح الطلاب إفادات مؤقتة تسمح لهم بالتسجيل في الجامعات بانتظار صدور نتائج الامتحانات الرسمية، وهذا الإجراء وصفته الهيئة بأنه «لاتربوي»، وحمّلت الوزير بو صعب «مسؤولية اتخاذه مع كل النتائج السلبية الناتجة منه». فالتآمر على الشهادة الرسمية ليس جديداً، كما قال تدمري، بل بدأ مع إعطاء معادلة الفريشمن والبكالوريا الفرنسية ومن ثم الدولية، وها هو يستكمل اليوم عبر الإفادات المدرسية على يد وزير التربية. وطالبت الهيئة بو صعب بإلغاء كل هذه المعادلات بالنسبة إلى الطلاب المقيمين في لبنان بدلاً من توزيع الإفادات. في هذه الأثناء، تحرك بو صعب من أجل الالتفاف على هيئة التنسيق وقرارها القاضي بمواصلة مقاطعة تصحيح الامتحانات الرسمية وإصدار نتائجها، فاستعان بالمكاتب التربوية للأحزاب التي تمتلك حضوراً حاسماً في الهيئة، وعقد لقاءً معها لإقناعها بدعم مشروع قراره وتأمين التغطية الحزبية له. وهو ما عدّه البعض محاولة لاستكمال تهميش الهيئة بعد استبعادها من المفاوضات بين الكتل النيابية. نقل ممثلو المكاتب التربوية للأحزاب عن بو صعب استبعاده إقرار سلسلة الرتب والرواتب قبل شهر على الأقل، «رغم أنّ لديه ثقة كاملة بأن الكتل النيابية ستقر أخيراً الحق الذي اعترفت به». لكن الوزير قال لممثلي الأحزاب إنّه «لا يسعه من موقع مسؤوليته إلاّ أن يتخذ قراراً ينصف 108 آلاف طالب ويعطيهم مستنداً يسيّر أمورهم». لم تكن أمس مواقف المكاتب التربوية في الأحزاب السياسية موحّدة حيال مشروع القرار. النقاش مع بو صعب عكس مواقف متفاوتة، بحسب مصادر شاركت في الاجتماع، إذ بدا أن بعض القوى ترحّب بإعطاء إفادات، فيما غلّفت قوى أخرى عدم ممانعتها للقرار بطلب التريث 48 ساعة في انتظار التواصل مع قواعدها في هيئة التنسيق علّ التشاور يفضي إلى مخرج «لائق» للأساتذة، على خلفية أن أي حل يجب أن يتم بالتوافق مع هيئة التنسيق، مثل العودة إلى التصحيح وربط النزاع مع السلطة السياسية. هذه القوى قالت إنها لا تغطي قرار بو صعب، إذ إنّ موقفها المبدئي هو مع هيئة التنسيق والوزير يتحمل المسؤولية السياسية لقراره. في المقابل، رفض قسم ثالث رفضاً قاطعاً إعطاء الإفادات وضرب الشهادة الرسمية والضغط على هيئة التنسيق. وبحسب البيان الصادر عن وزارة التربية، فإن المجتمعين توافقوا على إعطاء مهلة 48 ساعة للتواصل مع هيئة التنسيق من جانب المكاتب التربوية والوزير، وهم ملتزمون بدعم هيئة التنسيق والوقوف إلى جانبها، والمطالبة بحقوق الأساتذة والحفاظ على وحدة الهيئة، بصرف النظر عن القرار الذي يمكن أن يتخذه الوزير. وذكر البيان أنّ المسؤولين التربويين سيعقدون اجتماعاً ثانياً يوم الأربعاء للبحث والتقويم واتخاذ القرار المناسب. وعلمت «الأخبار» أن المكاتب التربوية للأحزاب ستلتقي مع هيئة التنسيق النقابية قبل ظهر غد، قبل أن تلتقي الوزير بو صعب لإبلاغه مواقفها. رئيس رابطة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب رأى أن «من يقف ضد إقرار السلسلة يقف ضد الوحدة الوطنية في البلد»، مشيراً الى أن «ما حصل مع هيئة التنسيق حصل أيضاً مع الجيش اللبناني الذي تركوه في الساحة وحيداً». وسأل: «هل إذا أوقفنا مقاطعة التصحيح تحل المشكلة؟». وقال: «طبعاً لا. ففي الاساس البلد يعاني من الشلل». وحمّل غريب مجلس النواب «مسؤولية الاستمرار في تعطيل المؤسسات وشلها». وقال: «لا حل إلا بنزول النواب الى المجلس النيابي لإقرار السلسلة، أما أن يستفردوا بقطاعات ويضربوها ويستقووا بداعش على هيئة التنسيق فهذا أمر مرفوض». تشعر هيئة التنسيق النقابية، بحسب ما قالت في مؤتمرها الصحافي أمس، أن هناك محاولات حثيثة لضرب الهيئة عبر وسائل ثلاث: عدم إقرار الحقوق رغم الاعتراف بها، عدم إعطاء جميع القطاعات الوظيفية نسبة موحدة من الزيادة بهدف ضرب هذه القطاعات بعضها ببعض، محاولة فرض ضرائب جديدة على الفقراء لا لزوم لها بعد توازن الواردات والنفقات، لإيجاد شرخ بين هيئة التنسيق وقطاعات واسعة من الشعب اللبناني. ومن دلائل الهيئة على محاولات ضربها، إقرار جميع الملفات المحقة المطروحة، رغم أنها تشكل إنفاقاً مالياً جديداً، وآخرها ملف الأساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية، وعدم إقرار مشروع سلسلة الرتب والرواتب رغم إشباعه درساً وتمحيصاً من جميع أنواع اللجان النيابية والوزارية. كذلك عدم إشراك الهيئة في كل مراحل دراسة مشروع السلسلة، والاكتفاء بتسلم المذكرات منها دون الرد عليها، فضلاً عن عدم التزام الحكومات المتعاقبة بتعهداتها درس مؤشر الأسعار سنوياً، رغم وجود نص قانوني بذلك، وبالتالي عدم إقرار غلاء معيشة يوازي ارتفاع المؤشر، ما أدى إلى هذا التراكم في الحقوق.

عبد الرحمن جاسم - الاخبار

 

 

«الحق سلاحي وأقاوم؛ أنا فوق جراحي سأقاوم/ أنا لن أستسلم، لن أرضى، وعليك بلادي لا أساوم». هكذا تفتح أغنية «الحق سلاحي» لجوليا بطرس على قناة «الميادين» طريقها إلى قلوب ملايين من المؤيدين لفكرة المقاومة على امتداد الوطن العربي. ذلك الجمهور الذي لا يمتلك في المعتاد صوتاً يمثّله خارج الإطار «الكلاسيكي» لقناة «المنار».

 

تعرف «الميادين» من أين تؤكل الكتف. تدرك أن وعي الشارع العربي لا يمكن التعامل معه ببراغماتية القنوات المستنسخة عن «سي أن أن»، فالقناة الأميركية أنشئت للتعامل مع الغرب والمجتمع الأميركي عموماً. عربياً، يتأثر الشارع العربي كثيراً بالأغاني، بالشعر، بالكلمات المرصوفة، وخصوصاً عن فلسطين أو عن قضاياه المشتركة: التحرر، الحرية وبالتأكيد الظلم الخارجي الواقع على العرب. كان طبيعياً أن تلجأ القناة «المقاومة» والمهتمة بالقضايا العربية إلى طرق هذا الباب للوصول إلى مُشاهدٍ تبتعد منه القنوات «الخليجية» وتتجنبه، فصنعت بحرفية مجموعة من الفيديوهات القصيرة لشعراءٍ عرب معروفين (وحتى أحياناً باللغة الإنكليزية) تتحدث عن مقاومة الاستعمار والاحتلال. جوليا التي كانت قد «غرّدت» على تويتر بأنّها ستطلق أغنيتها على «الميادين»، مستعملة أساليب التواصل الاجتماعي الحديثة في إيصال صوتها، خصوصاً بعدما أثبتت تلك الوسائل نجاعتها في عدوان غزّة. النجمة اللبنانية التي تقدّم حفلتين على مسرح «بلاتيا» (جونيه) في 5 و 6 أيلول (سبتمبر) المقبل، تميزت منذ انطلاقتها بأنّها ظلت محافظة على طريقة غنائية مختلفة عن المعتاد. لم تغيّر بوصلتها، بقيت تغني الثورة والوطن، وإن لامست أحياناً الحب عبر أغنيات راقية لم تفقد مستواها الفني أبداً: لا في اللغة ولا طبيعة الموضوع. الفنانة اللبنانية المولودة في بيروت عام 1968، عرفها الجمهور العربي من خلال أغنيتها الشهيرة «غابت شمس الحق» مرفقة بأخيها الملحّن زياد بطرس الذي رافقها منذ البدايات (هو ملحن «الحق سلاحي» أيضاً). بقيت جوليا تحتل مكانة خاصة في قلوب جميع عشاق الأغنيات الوطنية والعاطفية الهادئة، فأخذت مكاناً طبيعياً خارج الإطار المعتاد للمغنين الوطنيين الذين يتجنبون الاقتراب من فكرة «العشق» و«الحب» إلا من خلال أفكار «القتال» و«المقاومة» فقط، فأدت اللون العاطفي ولو ببعدٍ إنساني. وكانت جوليا قد قامت بمشروع «أحبائي» بعد انتهاء عدوان 2006 على لبنان، جامعة من خلال حفلاتها 3 ملايين دولار أميركي أعلنت في مؤتمر صحافي أنها تبرّعت بها لشهداء المقاومة اللبنانية وشهداء الجيش اللبناني في أحداث نهر البارد. بالعودة إلى أغنيتها «الحق سلاحي» (كلمات نبيل أبو عبدو، وتوزيع ميشال فاضل، وألحان زياد بطرس) التي بدأ بثها أمس عبر الإذاعات، فقد قدمتها «الميادين» في كليب يبدو أنه صنع على عجلٍ لبثّه سريعاً مواكبةً للأحداث المتلاحقة والقاسية في غزّة. وتبدو جوليا متأثرة جداً في أدائها الصوتي، وتعطي واحداً من أجمل لمسات صوتها في مقطع «يرحلون ونبقى... والأرض لنا ستبقى» (خصوصاً في المقطع الثاني قرابة الدقيقة 2:06). بدا صوتها شجياً وقوياً في آن، وهو أمرٌ شديد الصعوبة في الغناء.

في رحلتها للبحث عن إبرة في كومة قش، حرقت إسرائيل القش كله لتعثر على الإبرة. هذا ما جرى في حرب 2008 حين أعلنت أن أحد أهدافها العثور على الجندي جلعاد شاليط، لكنه لم يسلّم إلا ضمن عملية تبادل. اليوم «أهدت» المقاومة للإسرائيلي هدفاً واقعياً يمكن أن يضيفه على قائمة أهدافه غير الواضحة بعدما أعلنت أسْرها الجندي شاؤول آرون

أحمد هادي, قاسم س. قاسم - الاخبار

بينما استيقظ الفلسطينيون على جرح كبير جراء مجزرة في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، أخذت في رحاها 72 شهيداً ونحو 400 جريح، أبت المقاومة إلا أن تجعلهم يباتون على خبر سعيد بإعلانها أسر جندي إسرائيلي اسمه شاؤول آرون ورقمه العسكري هو 6092065. ورغم وصول عدد ضحايا الحرب الجارية حتى منتصف الليل إلى 469 شهيداً ونحو 3100 جريح، فإن المواطنين بدءاً من غزة، وصولاً إلى مدن الضفة والقدس المحتلة انتفضوا في مسيرات فرح عارمة بما حققته المقاومة، مشددين على ألّا تتنازل الفصائل عن شروطها المعلنة.

فجر أمس، منحت إسرائيل نفسها الحق في الإمعان بقتل المدنيين الفلسطينيين بعدما تلقت صفعة قوية من المقاومة بسلسلة عمليات نوعية أعلنت عنها كتائب القسام (الذراع العسكرية لحماس) في بيان متلفز للمتحدث باسمها أبو عبيدة، وقالت إنها اختتمت بقتل 14 جندياً في كمين نصب لهم شرق غزة، وهو الكمين نفسه الذي أسر فيه الجندي آرون. ويتوقع بعد هذا الإعلان أن تتغير المعادلة السياسية، وخاصة لدى الأطراف الدولية التي ساندت إسرائيل منذ بداية العملية تحت عنوان «حقها في الدفاع عن نفسها»، ولا سيما أن تل أبيب اعترفت أمس بمقتل 18 وإصابة 400 من جنودها ومستوطنيها منذ بداية الحرب.

وحتى تأكيد الإسرائيليين فقدانهم الجندي، يبقى احتمال توسيع عمليتهم البرية قائماً بالتوازي مع احتمالات سقوط مزيد من الضحايا المدنيين، وهو ما لمح إليه معلق الشؤون العسكرية الإسرائيلية، آلون بن ديفيد، الذي قال في ساعة متأخرة إنهم يفحصون إعلان «حماس» عن أسر الجندي، لكنهم لا يملكون جواباً نهائياً. مع ذلك، حجب الدخان المتصاعد من الحدود رؤية بوادر وقف إطلاق النار، لكن مصادر فلسطينية أكدت لـ«الأخبار» أن الساعات المقبلة ستكون حاسمة على صعيد ملف التهدئة، مشيرة إلى أن كلاً من قطر وتركيا تقودان مساعي حثيثة لإلزام الاحتلال بالقبول باشتراطات المقاومة. وقالت المصادر: «حتى ساعات متأخرة من الليل، لم ينجم عن الاجتماعات المكوكية التي يشارك فيها بان كي مون أي نتيجة، وذلك بالتوازي مع جهد كويتي ومصري كبير». وأكدت في الوقت نفسه أن ما يزيد الأمور تعقيداً إصرار الاحتلال على الورقة المصرية للتهدئة التي لم تقبلها المقاومة، وسلمت بدورها أنقرة والدوحة شروطها لوقف النار، مع أن الأخيرة قالت على لسان وزير خارجيتها إنها ليست وسيطاً بقدر ما أنها تنقل الاشتراطات إلى الأطراف المعنية. وصرح قيادي في حركة «الجهاد الإسلامي»، تحفظ على ذكر اسمه، بأنه بعد مجزرة الشجاعية (أمس) «تكثفت الاتصالات الدبلوماسية لوقف الحرب». وعن المبادرات المطروحة، قال إنه توجد المبادرة القطرية ــــ التركية والمبادرة المصرية، ملمحاً إلى أن المقاومة تميل إلى «القطرية» التي تتضمن وجهة نظرها. وتابع: «القاهرة تحاول عرقلة المبادرة القطرية، لكننا نقول إن أي مبادرة لا ترفع الحصار فوراً مع وقف لإطلاق النار مرفوضة». أما عن تحركات رئيس السلطة محمود عباس فأسهب: «عباس يعلم أنه ضعيف ولا يمكنه فعل شيء، لكنه يحاول التوفيق بين المبادرتين». في السياق، يعترف مسؤول الإعلام في حركة الجهاد، داود شهاب، بأن الفارق كبير بين شروط المقاومة ومدى استجابة الاحتلال لها، مشيراً إلى أن المسألة لا تقتصر على وقف إطلاق النار، «فالموضوع أكبر من ذلك بكثير ويتعلق بمطالب للشعب وحياته». وأكد شهاب أن المقاومة المستبسلة في مواجهة الاحتلال على الحدود «لا تلتفت كثيراً إلى مباحثات التهدئة على ضوء المجازر الإسرائيلية المستمرة»، مضيفاً: «ليس المطلوب من المقاومة التوصل إلى نقطة وسط في المباحثات، بل تنتظر ما يقدم من إسناد سياسي يدعمها في تحقيق شروطها». ولفت الى وجود اتصالات مستمرة على مدار الساعة مع حركة «حماس» والجانب المصري في سبيل التوصل إلى اتفاق. انطلاقاً من هذه النقطة، أكد مسؤول في «حماس»، في حديث مع «الأخبار»، أن شروط المقاومة لم تتغير، وهي أن تفرج إسرائيل فوراً عن كل الأسرى المعاد اعتقالهم أخيراً في الضفة، وأن تسمح إسرائيل بإقامة ميناء بحري في غزة مع فتح معبر رفح يومياً، إضافة إلى فتح جميع المعابر بين غزة والاحتلال كاملاً وأن تسمح إسرائيل بالصيد 12 ميلاً (19 كلم) من شواطئ غزة. أما عما أشيع عن رفضهم الوسيط المصري بحد ذاته، فقال المصدر: «نرفض أن يكون الوسيط والضامن للاتفاق الولايات المتحدة، لكننا نقبل الوسيط المصري إذا قبل هذه البنود». وبالإشارة إلى تغير هذه الشروط مع التطور الجديد المتعلق بالإعلان عن أسر الجندي، قال مسؤول العلاقات الخارجية في «حماس» أسامة حمدان عبر فضائية الجزيرة أمس، إن موضوع الجندي آرون سيبحث بعد إنهاء الحرب وتوقيع اتفاق يضمن الشروط الفلسطينية. وليست المقاومة وحدها التي تتوقع أن تبقى الحرب مستمرة، وإن رجحت مصادر ألا يجري التوغل براً أكثر من ذلك خوفاً من أسر جنود آخرين، فإسرائيل عبرت عن هذا التوقع في جملة من تصريحات قادتها طوال أمس. كما ذكر رئيس معهد الأبحاث الأمني القومي الإسرائيلي ورئيس الاستخبارات العسكرية السابق اللواء عاموس يادلين الذي قال إن قوة «حماس» الصاروخية أكثر شبهاً بقوة حزب الله عام 2006، في إشارة إلى أن زمن المعركة لا يزال مستمراً. وعزا الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله تأخر التوصل إلى اتفاق تهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى «التنافس على الدور الإقليمي والخلاف المتصاعد بين مصر من ناحية، وقطر وتركيا من ناحية أخرى». وأكد عطا الله لـ«الأخبار» أن هذه الدول وجدت في النزاع القائم فرصة للدخول على خط التهدئة، «لكن جراء تمسك كل طرف بموقفه، فإن أمد التهدئة ليس قريباً»، واعتبر أن المقاومة يساندها أداء تسجيل النقاط على الأرض والمتمثل في إيقاع خسائر في صفوف الاحتلال، «لكن إسرائيل لا تزال تتصرف بعنجهية القوة وتضرب المدنيين وليست مستعدة للتراجع، وخصوصاً أن قواتها غرقت في وحل العملية البرية».

بكل بساطة، قال وزير الجيش الإسرائيلي، أمس، إنهم أطلقوا «مئات القذائف» على «حي سكني» للتغطية على نقل جرحاهم. بكل بساطة أيضاً، هذه القذائف حفرت في الذاكرة الفلسطينية مجزرة جديدة راح ضحيتها 70 شهيداً و250 جريحاً؛ منهم عائلات بأكلمها

 

سناء كمال - الاخبار

 

غزة | هنا الموت في غزة يمشي بين الطرقات ويعانق جدران البيوت. تصعد أرواح الفقراء إلى السماوات في فجر أحد دامٍ. هنا الموت في غزة يمشي رويداً رويداً لا يستعجل رحيل العائلات فرداً فرداً. في غزة لا يشبه الموت أي مكان آخر، فهو رفيق الناس والشجر والحجر. بعبارة واحدة: الموت في غزة مختلف.

حلت غيمة سوداء من دخان القنابل فجر أمس على حي الشجاعية شرق غزة. ذلك الحي الذي أخذ اسمه من جدّ عائلة فلسطينية قطنها واسمه شجاع. قضى أهل الحي الشهداء ليلة قصف عنيفة جاوزت 400 قذيفة وصاروخ في ساعات معدودة. ما إن انبلج الصبح حتى أفاق أهالي قطاع غزة على مجزرة إسرائيلية جديدة، أكثر من سبعين شهيداً و400 جريحاً في مشهد يحاكي المجازر التاريخية التي ارتكبت بحق الفلسطينيين منذ ما قبل عام 1948. عاد الأحد الأسود ليلقي ظلاله من جديد على كل من حي الشجاعية وأجزاء من حي التفاح. ليلة جنون إسرائيلية لم تسلم منها طواقم الدفاع المدني وسيارات الإسعاف. عشر ساعات متواصلة من القصف والدمار حملت في طياتها قصصاً لمدنيين نجوا بأعجوبة من الموت، لكنهم حملوا معهم صوراً لجثث وأشلاء واستغاثات جرحى من أبنائهم وآبائهم قضوا نحبهم لعدم تمكن أحد عن مساعدتهم. ما إن بزغ الفجر حتى حمل المواطن منصور عياد (35 عاماً) طفلتيه حلا وهيام بين ذراعيه، وراح يركض حافياً تحت القذائف المدفعية، لعله يجد مكاناً آمناً يخبئ الطفلتين المرتعشتين فيه، لكن إسرائيل أبت أن يجد الرجل سبيل أمانه، فباغتته بقذيفة باتجاه أحد المنازل ليسقط أرضاً ويسبح بدمائه، كما تطايرت طفلتاه من ذراعيه لتسقط إحداهما على الأرض مقطوعة الرأس وجسدها ممدّد بجانب والدها العاجز أمام هذا المشهد، والأخرى تناثرت أشلاؤها على جدران المنازل المدمرة. هذه تكاد تكون أصغر قصة من بين الحكايات التي تحكيها المواطنة أم محمد شلدان (50 عاماً) وهي تبكي حرقة من هول ما رأت في «الليلة الغبراء»، فباتت صورة جسد الطفلة المرتعش وهو يتطاير في الهواء يشعرها بخنقة شديدة في صدرها. لا تستطيع سوى أن تقول: «حسبنا الله ونعم الوكيل». أما هي فكانت بداية نزوحها من القصف مع عائلتها من بيتهم الواقع في شارع المنصورة في الحي، وهو من أكثر الشوارع الذي شهد القصف العنيف. تروي أنها راحت تجري مع بقية جيرانها وأقدامهم ترتعد خوفاً من أن يكون مصيرهم كالعائلات التي أبيدت تحت الأنقاض، أو التي لحقتها قذائف المدفعيات تحت درج المنازل، حيث كانوا يعتقدون أنه أكثر مكان آمن، فصار قبراً جماعياً وبئراً تمتلئ بدماء النساء والأطفال. كانت النساء يتمسكن بأيدي رجالهن، لعلهن يشعرون بشيء من الأمن المفقود. وتقول أم محمد الحية (40 عاماً) إنها نزحت مع عائلتها المكونة من 15 فرداً، تارة تركض، وطوراً تسير ببطء مقتربة من الجدران لتقي نفسها وأطفالها رصاص الطائرات الحربية التي تطلق في كل صوب، إلى أن وصلت إلى مستشفى الشفاء الذي يبعد عشرة كيلومترات عن بيتها. هي مسيرة رعب حقيقية عاشها من نجا من الموت. ما إن وصلوا إلى المستشفى حتى ارتموا على الأرض. تقول: «هذا إجرام حقيقي، ما بعرف كيف أوصفه.. هادا كفر حقيقي»، وبطريقة هستيرية راحت تصرخ: «أولادي وين ولادي راحوا، دخيلكم شوفيلي ولادي وين». في زاوية ليست بعيدة، جلس الطفل كمال العمارين يتوسط شابين من أقربائه ويذرف الدموع على عائلته التي فارقت الحياة بعدما قتلت بدم بارد. بدا خائفاً يتوشح غطاءً شتوياً برغم شدة الحرارة، لكن جسده يرتجف حينما ينظر حوله ويرى الشهداء والجرحى من دون أن ينطق بحرف، ووجهه مغطى بالدماء التي تغطي ملامحه. على مقربة أيضاً، سيدة أخرى تنزف دماً من أعلى رأسها حتى أخمص قدميها. يهز صراخها جدران المستشفى وهي تغوص بين الجرحى تبحث عن أبنائها الذين افترقت عنهم في عمليات الإجلاء. لا تعلم من منهم بقي حياً، ومن منهم لقي ربه شهيداً. لم يدم بحثها طويلاً لأن عينيها وقعتا على جثة طفلتها دون رأسها. لم تكن تلك الفتاة تتجاوز عشرة أعوام. حملها المسعفون على نقالة الموتى، لكنهم التفتوا إلى زميل لهم ينادي عليهم ويقول: «يبدو أن هذا هو رأسها». كسرعة البرق، ركضت المرأة نحو ابنتها تحتضن جسدها وتبكيها بحرقة تلتها صرخة قوية أوقعتها مغشياً عليها فوق الجثة. لم يمض وقت طويل حتى أعلن عن وفاة السيدة بسكتة قلبية!

داخل غرف الموتى حكايات أخرى لن تكون أقل قساوة من غيرها، فهذا محمد العرقان يجلس أمام جثة والده الممددة على الأرض، يبكيه ويحدثه كأنه يستمع له: «يابا ماقدرناش نحميك يابا، ايش ذنبنا احنا، ايش عملنا، يابا ارجع وأنا راح ابعدك عن الطخ والقتل، ايش راح نعمل من غيرك». أما جثث الأطفال فكانت ملقاة على الأرض فوق بعضها بعضاً تنتظر ذويها كي يحضروا ليتعرفوا عليها. الثلاجات أيضاً ممتلئة بأشلاء جثث تعود إلى عائلات بأكملها، وحتى كتابة النص لم يجر التعرف عليها. كل هذا الإجرام حتى تتشفى إسرائيل بالفلسطينيين جراء سبتها الأسود الذي عاشته على أيدي المقاومة الفلسطينية حين أوقعت 14 جندياً إسرائيلياً قتلى في كمين نصبته لهم على الحدود الشرقية لحي الشجاعية. العملية أعلنت عنها كتائب الشهيد عز الدين القسام التي أضافت على المشهد أمس إنها أسرت أحد الجنود ويدعى شاؤول آرون. ولأن الحاضنة الشعبية هي سر قوة فصائل المقاومة، أراد جيش الاحتلال أن يهدم تلك الحاضنة، فصب جام غضبه على الأبرياء المدنيين، ولا يختلف على ذلك اثنان من الناس الذين شردوا من منازلهم، وأهالي الشهداء. يقول أحدهم ويدعى إبراهيم الجرو: «احنا بدنا المقاومة... بدنا اياهم يقتلوهم كلهم، يحرقوهم زي ما حرقوا قلوبنا على اولادنا وأهلنا وأحبابنا»، بصوته العالي الجهوري راح يتابع: «احنا مع المقاومة وكلنا وولادنا ونساؤنا فدا فلسطين والمقاومة... سنبقى نقبل أيدي وأقدام رجال المقاومة، ويا إسرائيل ضلك هيك هزمناكِ بدماء أطفالنا، هزمناكِ برجالنا بمقاومتنا، لن تنتصري يا إسرائيل لن تنتصر يا نتنياهو».

استهداف صحافي وعائلته

تأخر تأكيد خبر استشهاد وإصابة أفراد عائلة ضاهر في حي الشجاعية أمس، حتى جرى التأكد من الجثث والمصابين، في ظل الأعداد الكبيرة من الضحايا داخل المستشفيات. تبين أن الزميل الصحافي محمد ضاهر مصاب إصابة خطيرة بعدما استشهدت ابنته الصغيرة «دانا» التي لم يتعدّ عمرها السنة والنصف مع استشهاد والده ووالدته وعدد من إخوته بعد استهداف بيتهم خلال القصف المكثف فجر أمس. محمد يرقد الآن في العناية المركزة في مستشفى الشفاء وهو بحالة حرجة، إضافة إلى زوجته المصابة. وكان ضاهر يعمل في صحيفة وموقع الرسالة محرراً صحافياً. هذا ليس الاستهداف الأول للصحافيين وإن كان غير مباشر، فهم أهداف مرغوبة لدى الإسرائيليين في ساعات عملهم، وأيضاً هم مستهدفون كالمواطنين المدنيين خلال عودتهم إلى بيوتهم. لا يعلم إلى أين ستؤول الحالة الطبية لمحمد في ظل الوضع الإنساني المأزوم داخل المستشفيات، لكن مستقبله كما باقي العائلات الفلسطينية سيكون قاتماً بعد استشهاد جل العائلة.

«الدولة اللبنانية تُمعن في ضرب التعليم في لبنان. تضرب الأستاذ براتبه، والتلميذ بشهادته». هذا ما تقوم بترجمته فعلياً القوى السياسية المسيطرة على قرار الدولة. آلاف الطلاب ينتظرون شهاداتهم الرسمية لاستكمال مسيرة تخصصهم، يقولون إن أحلامهم تتهاوى، ولا يجدون من يسأل عنهم. قلّة منهم قررت التعبير عن الغضب

 

حسين مهدي - الاخبار

 

استطاع أحمد الحصول على منحة لدراسة الهندسة البترولية في إحدى الجامعات في الخارج، إلا أن الدولة قتلت حلمه، فالجهة المانحة اشترطت عليه خلال مهلة محددة أن يقدم لها شهادته الرسمية التي لم تصدر بعد بسبب عدم إقرار المجلس النيابي لسلسلة الرتب والرواتب. حال أحمد تشبه حال الكثير من زملائه الذين حُرموا فرص السفر إلى الخارج بهدف التحصيل الدراسي، والباقون هنا مهددون اليوم بحرمانهم بدء العام الدراسي الجامعي.

باكورة التحرك الطلابي على الأرض

أمس، اعتصم العشرات من طلاب الشهادة الرسمية من ثانويات مختلفة في بيروت وضواحيها لمطالبة المسؤولين السياسيين بإيجاد حل في القريب العاجل لمشكلتهم العالقة في التجاذبات السياسية. ألقت الطالبة أروى شميطلي كلمة باسم الطلاب، اتسمت بالعفوية والبساطة، فتحدثت عن «السارقين والمرتشين» الذين يحرمون الأساتذة حقهم في سلسلة تنصفهم، وحق التلامذة في شهادة يحتاجون إليها لاستكمال مسيرتهم. «شو ذنبنا نحن نضل ناطرين لتطلع النتيجة؟ انتو عم تجبرونا نهاجر». دلّت شميطلي النواب المسؤولين على أحلام الطلاب، يريدون أن يصبحوا أطباء ومهندسين ومحامين وحتى نواب ووزراء، «بس انتو عم تهدّولنا أحلامنا». وشرحت بعض الهواجس المتعلقة بالراسبين الذين قد لا يتاح لهم الوقت اللازم لكي يدرسوا للدورة الثانية غير المقررة حتى إصدار نتائج الدورة الأولى من الامتحانات. «بدنا تطلع نتايجنا، ما بدنا السنة تروح علفاضي»، صرخة أطلقها الطلاب بوجه المعنيين من النواب والوزراء والفرقاء السياسيين. ولدى سؤال أحدهم عن سبب توجه الطلاب بخطابهم إلى السياسيين بدل دعوتهم الأساتذة إلى تصحيح المسابقات وإعلان النتائج، يجيب أحد الطلاب: «ابحثوا عن السبب، لا عن النتيجة». يعرف هؤلاء الطلاب أن النواب هم من أهملوا ملفهم وتقاعسوا في إقرار حقوق أساتذتهم المشروعة. «نحن جاهزين لبدكن ياه»، قالها الطلاب لأعضاء هيئة التنسيق النقابية الذين حضروا إلى الاعتصام، ورأى الطلاب أن تحركهم هو الأول، لكن «ليس الأخير حكماً»، على أن يكون التحرك المقبل باتجاه ساحة رياض الصلح.

أُعلن عن الهيئة التأسيسية لرابطة لجان الأهل في الثانويات شارك الأهالي في الاعتصام أيضاً، وأعلن سعيد اللحام تأسيس الهيئة التأسيسية لرابطة لجان الأهل في الثانويات الرسمية كبداية لإنشاء هذه الرابطة، وصولاً إلى بناء قوة نقابية فاعلة تدافع عن الثانوية الرسمية والتعليم الرسمي، وحقوق الأهل والطلاب «في تحسين نوعية التعليم الرسمي»، والرابطة يفترض بها أن تجمع أهل الطلاب في كل لبنان، على قاعدة وحدة الموقف بين الأهل والأساتذة تجاه مطالب هيئة التنسيق النقابية. «لكي يأخذ الطالب حقه، يجب أن ينال الأستاذ حقه»، يقول اللحام، فالتعليم كي يصبح محترماً في لبنان، على الدولة أن تحترم الأساتذة. الهيئة التأسيسية أعلنت نيتها الدعوة إلى اجتماع لمجالس الأهل في ثانويات بيروت، للإعداد لتحركات مقبلة، على أن يُشرَك لاحقاًَ الأهل والتلامذة من المناطق كافة. ودعت لجان الأهل في ثانويات بيروت إلى الاجتماع نهار الأربعاء في 6/8/2014 الساعة الخامسة مساءً في مقر رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي الذي اتخذته مقراً مؤقتاً لها.

بو صعب: الإفادات ضربة للتعليم

بو صعب أعرب عن سعادته لرؤية هيئة التنسيق والأهل والطلاب موحدين ويشكون الوضع المؤسف الذي وصل إليه قطاع التربية. صرّح بأنه إذا استمر الوضع كما هو خلال الأيام الأربعة المقبلة، يدخل العام الدراسي في المحظور «إذا لم نبدأ بتصحيح المسابقات، فلن يكون بمقدور الطلاب الالتحاق بالجامعات في الخارج، ولن نتمكن من بدء عام دراسي جديد». القرار ليس عند وزارة التربية، والمعرقل «معروف»، بحسب بو صعب، والطرف السياسي الذي يقاطع نوابه الجلسات المخصصة لإقرار السلسلة «مش سألان عن مستقبل الطلاب ولا عن التعليم في لبنان». لفت بو صعب أيضاً إلى ملفات الجامعة اللبنانية، فلا نتائج ستصدر في ظل مقاطعة الأساتذة المتعاقدين للتصحيح، ولا دورة ثانية للامتحانات، وبالتالي لا بداية للعام الدراسي الجديد إن لم يُقَرّ ملفا التفرغ وتعيين العمداء. وطالِب الجامعة اللبنانية متجه إلى خسارة جميع الفرص المتاحة أمامه لاستكمال دراسته في الخارج إن لم تصدر النتائج قريباً. «العالم مش ناطرينا»، يقول بو صعب خلال الاعتصام، مشيراً إلى أن الملفات التربوية من الجامعة اللبنانية وسلسلة الرتب والرواتب «لا مفر منها»، وإن لم تنجح السلطة السياسية في إقرارها «فلن يقر أي ملف آخر في البلد». عضو هيئة التنسيق النقابية حنا غريب، حضر مع وفد لمشاركة الأهل والطلاب صرختهم، موجهاً رسالة للمعنيين حول «إفشال المشروع المراهن على وضع الأهل والطلاب في مواجهة الأساتذة»، مشدداً على قدرة هيئة التنسيق على استكمال معركتها في مواجهة كل من يقوم بعرقلة الملفات. دخول الطلاب والأهل على خط العمل النقابي المطلبي، ستساعد به هيئة التنسيق ورابطة التعليم الثانوي، حيث أعلن غريب إمكانية التواصل مع 40 ألف طالب من الشهادة الثانوية، لإشراكهم في أوسع حشد نقابي تربوي شعبي في الشارع، إذا ما تلكأت السلطة السياسية في إقرار سلسلة الرتب والرواتب خلال الأيام المقبلة.

ما هو مصير العام الدراسي الجامعي؟

ضاعت فرصة السفر إلى الخارج بالنسبة إلى العديد من طلاب الشهادة الثانوية وطلاب الجامعة اللبنانية، لكن هل من الممكن أن يضيع العام الدراسي بأكمله؟ وما هي الإجراءات التي قد تتبعها الجامعات في لبنان؟ بدأ معظم الجامعات الخاصة باستقبال طلبات التسجيل للطلاب الجدد، وبعضها بدأ أيضاً بإجراء مباريات الدخول لعدد من الاختصاصات لديها، لكن تأخر انطلاق العام الدراسي يفتح الباب أمام تساؤل عن إمكانية أن تستعيض الجامعات عن الشهادة الرسمية بإفادات مدرسية لتنطلق بعامها الدراسي، وهي مسألة حذّر منها عدد من المعنيين بالشأن التربوي لما فيه من ضرب للشهادة الرسمية ومستوى التعليم، فرأى وزير التربية الياس بو صعب أن الإفادة «ضربة للتربية». الجامعة الأميركية وافقت في فترات سابقة (الحرب الأهلية) على تسجيل الطلاب بإفاداتهم المدرسية، شرط أن يكون مصدَّقاً عليها من الجهات المعنية، وبالتالي هناك سابقة قد سجّلت يمكن الاستناد إليها، وإذا بدأ الفصل الدراسي وتبيّن لاحقاً أن الطالب راسب تعاد له أمواله. إلا أن مها العزار، مديرة الإعلام في الجامعة، أفادت «الأخبار» بأن البحث عن خيارات أخرى ممكن، وليس هناك شيء جاهز «وأكيد لن نعطّل الطلاب». أما الجامعة اللبنانية الأميركية، فبدأت بقبول طلبات الطلاب، لكن مشروطة بإرفاق الشهادة الرسمية لاحقاً لدى صدورها. وبحسب مدير الإعلام في الجامعة، كريستيان أوسي، لا حلول لدى الجامعة، «ما فينا نبلش العام الدراسي إذا ما في نتائج». جامعة القديس يوسف أنجزت كل مباريات الدخول إلى الكليات التي تحتاج إلى مباريات دخول، لكن إصدار النتائج مشروط بنيل الشهادة الرسمية كما ينص القانون، ويعتبر هنري عويط، نائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية، «لا نملك إلاّ أن نتمنى إيجاد حل عادل ومرضٍ للرواتب من جهة، وأن يجري تفهم مصالح الطلاب من جهة ثانية. أعتقد أنّ مشكلة الطلاب الذين ينوون الالتحاق بجامعات في لبنان هي أسهل من مشكلة من يريدون الدراسة في جامعات خارج لبنان، إذ بإمكاننا في الداخل أن نتفهم وضع الطلاب». عدد من الجامعات مثل الجامعة اللبنانية الدولية تقوم «بحجز مقاعد» للطلاب الجدد، بعد تقديمهم المستندات اللازمة، على أن تقوم بتثبيت تسجيلهم فور صدور النتائج، واسترجاع الأموال أو الرسوم التي دفعت في حال رسوب الطالب في الامتحانات الرسمية. ويتخوف العديد من الجهات المعنية أن يقوم لاحقاً عدد من الجامعات بخطوات تمهّد لفرض «أمر واقع» يجبر الوزارة على اعتماد الإفادة المدرسية المصدَّق عليها كمستند رسمي للبدء بعام جامعي جديد، والتخوف من ذلك ينبع من مستوى بعض المدارس «الضعيف»، ومن سهولة حصول البعض على إفادات نجاح بطرق ملتوية «غير قانونية» من بعض المدارس الخاصة. فبعض الجامعات (الدكاكين الجامعية) تقبل الطالب دون دراسة ملفه أو تقويمه عبر امتحان تقويمي، وبالتالي يكمن التخوف في التجاوزات التي قد ترتكبها هذه الجامعات بحق التعليم العالي في لبنان.

ليس حدثاً عادياً أن يعود «الابن الضال» إلى مدينته التي طرد منها عشية الحرب. مرسيل في جبيل مع أمية وعبير نعمة ومحمد محسن، وأوركسترا يقودها هاروت فازليان. لنضع إذاً الجدل السياسي جانباً، ونستمتع بهذا العمل المفاجئ

جوانا عازار

عام 1971، قدّم أوبريت «مرق الصيف» في قلعة جبيل، وها هو «وبعد ما مرق كذا صيف» يعود الى جبيل، «المدينة الأولى التي تشبه الحبّ الأوّل، القبلة الأولى والقربانة الأولى». مرسيل خليفة يقدّم في مدينته مساء غد الخميس حفلة تشبه بالنسبة اليه... الوطن.

يعبر خليفة الجسر من العالم الذي جابه الى جبيل، كمن غنّى لهم «يعبرون الجسر في الصبح خفافا». سيغنّيها أيضاً ويعزفها في الأمسية. هو يعود الى جبيل بعد عواصف أبعدته منها، يعود لتفي له مدينته وعودها له بالنبيذ، بالأنخاب الجديدة وأقواس القزح. هو كلّما نظر الى جبيل رأى فيها قوس قزح «أرى قوس القزح، أتخيّله، أتصوّره لو لم يكن موجوداً، أراه بين الغيم» يقول خليفة لـ«الأخبار». جبيل مدينته، يعود اليها وهو يشعر بقلق، القلق عينه الذي يرافقه قبل كلّ حفلة له. يعود أيضاً بكثير من الحنين، فهو كلّما نظر الى بحر جبيل، تذكّر جدّه الصيّاد، تذكّر كم من المسافات قطعها في جبيل سيراً على الأقدام، مسافات تكاد توازي كما يقول تلك التي قطعها عبر العالم. «في جبيل تعرّفت إلى الوطن» يقول، شارحاً: «تعرّفت إلى الآخر، في جبيل تكوّن عندي لبنان، تعرّفت إلى التاريخ وكيف يكتب عبر العصور». هو يتذكّر كيف كان ينشد في صغره مع زملائه طلاب المدرسة النشيد الوطني اللبناني أمام سرايا جبيل. رغم أصوات النشاز حينها، لا يزال يحفظ صورة هذا المشهد ولحنه. وبعد مرور السنوات، يعود ابن عمشيت الى جبيل، الى منزله الأوّل في «حفلة تشبه الوطن بأطيافها، تجمع الجنوب، بالشمال، بالبقاع، بالساحل، بالجبل». يرفض خليفة التحدّث في السياسة، كما التعليق على «خطأ» عمان حين قدّم أمسية في العاصمة الأردنية ضمن «ملتقى المدافعين عن حرية الإعلام» الذي موّلته ورعته «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» والسفارة الأميركية في العراق (الأخبار 12/6/2014). يقول إنّه يقدّم فنّاً «خارج إطار الإيديولوجيا»، يقدّم «مشروعاً جماليّاً فنّياً». ويضيف: «بعضهم ينسى أننّا نقدّم فنّا وأنّنا لسنا منظّرين في السياسة». مع ذلك، يصرّ على أنّه يساري وسيبقى كذلك. اليسار بالنسبة اليه هو «يسار الكون، يسار العالم، اليسار الذي يتطلّع دوماً الى الأمام». وهو يتطلّع الى الأمام، يرفض مصطلح الاطمئنان لأنّه يعتبره «أبلهاً». لا يريد أن يطمئن الشباب اللبناني، لا يريد أن يقول بأنّ هناك أملاً قريباً، لكنّه في الوقت عينه يقول إنّ أمسيته هي «تحدّ، صرخة ضدّ المدّ الطافح بالقذارة». فنّياً، ستعزف في الأمسية الاوركسترا الوطنية اللبنانيّة (مديرها المايسترو هاروت فازليان) مع 80 عازفاً، اضافة الى كورال مؤلّف من 60 شخصاً من «جامعة سيدة اللويزة» بقيادة الأب خليل رحمة، وكورال «الجامعة الأنطونيّة» بقيادة الأب توفيق معتوق. يشارك أيضاً كلّ من بشار خليفة (بيانو) ورامي خليفة (Percussion)، فضلاً عن عازف الاكورديون جوليان لابرو، والسوبرانو الالمانيّة Felicitas Fuchs، والفنّانون أميمة الخليل وعبير نعمة والمصري محمّد محسن. ستكون الأمسية مزيجاً من الأغاني القديمة والجديدة. وستغنّي عبير نعمة «غنّي يا عصافير» (كلمات جوزف حرب). أمّا أميمة الخليل التي رافقت خليفة منذ سنوات، فتقول: «هذا مكاني، هذا المكان الذي أنتمي اليه»، وتضيف: «الجديد بالنسبة اليّ في هذه الحفلة هو الغناء مع الأوركسترا الوطنية اللبنانية، وسيكون اللقاء خلاصة لتجربة سنوات طويلة تكوّنت عبر العالم». وتهدي الخليل مشاركتها الى كلّ من يتعذّب عبر العالم، الى الذين تشرّدوا وجاعوا وتألّموا. المايسترو هاروت فازليان اعترف أمام خليفة «ما بعرف أيّ أغنية بالحفلة عم حبّها أكتر من التانية». بالنسبة اليه، فـ«الموسيقى الحقيقيّة يفهمها الجميع». أما رأي الفنان المصري محمد محسن، فلا يختلف كثيراً عن زملائه، سيعطي احساسه بشكل صادق في الحفلة، وسيقدّم أغنيات لمرسيل خليفة تربّى على سماعها. بدوره، سيقدّم جوليان لابرو مقطوعة تانغو لخليفة بعنوان «تانغو لعيون حبيبتي». هو تانغو غير تقليديّ، بطعم الثورة الموسيقيّة، تانغو سيعزفه كما قال «بنوتات تلامس الروح». أمّا السوبرانو Felicitas Fuchs فهي تعيش الرابط بين الموسيقى الشرقيّة والغربيّة، تغوص في الاحساس، على أمل أن تتاح لها الفرصة بنقل هذا المزيج الى الجمهور في المانيا. انتاج الحفلة سيكون مشتركاً بينه وبين لجنة «مهرجانات بيبلوس الدوليّة». «سنسكت مراراً لنستمع الى الجمهور يغنّي لنا في الحفلة» يقول خليفة. وإذا كانت أغنية «تصبحون على وطن» ستغيب لأنّ البرنامج أصبح مكتظّاً بالأغاني، الا أنّ خليفة يقول: «سنصبح على وطن الحبّ والجمال والفرح رغم كلّ ما يحدث لبلدنا».

حفلة مرسيل خليفة: 21:30 مساء غد الخميس ــ «مهرجانات بيبلوس» ـ للاستعلام: 09/542020

ر

لم تعد هيئة التنسيق النقابية تكتفي بالتذكير بالحقوق في سلسلة الرتب والرواتب، بل إنها انتهجت، أخيراً، مواجهة مباشرة مع المسؤولين السياسيين بتحميلهم مسؤولية الفشل في معالجة الأمور الحياتية للناس، وهو أمر قد يؤدي إلى خسارة القوى لقواعدها في صفوف المعلمين والأساتذة والموظفين.

هذا ما حصل في اللقاءين الأخيرين اللذين عقدتهما الهيئة مع رئيس تكتل التغيير والإصلاح الرئيس ميشال عون ورئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط. وقال أعضاء الهيئة إنّهم سيستمرون في هذا النهج في محاولة «لحلحلة» الملف المعيشي. وفيما طلبت الهيئة المواعيد من كل رؤساء الكتل النيابية، تتنظر لقاء رئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة العائد من لقاء النائب سعد الحريري، عله يأتي بترياق ينهي درب الجلجلة المستمر منذ 3 سنوات. في موازاة ذلك، تمضي الهيئة في قرار مقاطعة أسس التصحيح وتصحيح الامتحانات الرسمية، في وقت تنفذ فيه اعتصاماً من التاسعة من صباح اليوم حتى الواحدة ظهراً، أمام مقر التنظيم المدني، تزامناً مع تنفيذ الإضراب الشامل في الوزارات والإدارات العامة والسرايا الحكومية. ثم ينضم وفد من الهيئة إلى اعتصام دعا إليه الأهالي وطلاب الشهادات الرسمية في محافظة بيروت، عند الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم، في باحة وزارة التربية، في تحرك ضاغط ضد النواب الذين لا يقومون بواجبهم التشريعي. الهيئة قالت في بيان أصدرته عقب اجتماعها أمس إنّها «لا تجد وصفاً يليق بالطبقة السياسية الحاكمة التي فشلت في معالجة أمور الناس وفي انتخاب رئيس للجمهورية وتسيير المؤسسات الدستورية والإدارية، وفي وقف الفساد والهدر المستشريين على كل الصعد، مقابل إصرارها على فرض الضرائب المرهقة للفئات الشعبية صاحبة الدخل المحدود وتجاهل المطالب المحقة لهذه الفئات؛ وفي مقدمها مشروع السلسلة». وأعلنت الهيئة للرأي العام اللبناني أنّ الطبقة الحاكمة تعمد إلى تضخيم أرقام السلسلة لضرب حقوق الموظفين والمعلمين بحجة الواردات، وهي تهدف من وراء ذلك إلى ضرب الفئات الشعبية بعضها بالبعض الآخر، بهدف منع قيام حركة نقابية تقف في وجه هذه الطبقة التي كبدت اللبنانيين ديوناً عامة فاقت 70 مليار دولار وبخدمة سنوية تزيد على 4 مليارات دولار، من دون أي مشاريع إنتاجية. وحمّلت مسؤولية تأخير التصحيح للنواب الذين لم يستكملوا الجلسة النيابية المفتوحة لمناقشة الحقوق وإقرارها. (الأخبار)

الأكثر قراءة